- حديث عبد الله بن أنيس أخرجه أيضا الحاكم وابن حبان وحسن الحافظ في الفتح إسناده وقال له شاهد من حديث عبد الله بن عمر .
وأخرجه ابن أبي حاتم بإسناد حسن .
قوله : " وإن كان قضيبا من أراك " هذا مبالغة في القلة وإن استحقاق النار يكون بمجرد اليمين في اقتطاع الحق وإن كان شيئا يسيرا لا قيمة له .
قوله : " الكبائر " الخ قد اختلف السلف في انقسام الذنوب إلى صغيرة وكبيرة فذهب إلى ذلك الجمهور ومنعهم جماعة منهم الاسفرايني ونقله ابن عباس وحكاه القاضي عياض عن المحققين ونسبه ابن بطال إلى الأشعرية وقد تقدم قريبا وجه القولين وبيان الراجح منهما .
قال الطيبي الكبيرة والصغيرة أمران نسبيان فلا بد من أمر يضافان إليه هو أحد ثلاثة أشياء الطاعة والمعصية والثواب . فأما الطاعة فكل ماتكفره الصلاة مثلا فهو من الصغائر وأما المعصية فكل معصية يستحق فاعلها بسببها وعيدا أوعقابا أزيد من الوعيد أو العقاب المستحق بسبب معصية أخرى فهي كبيرة .
وأما الثواب ففاعل المعصية إن كان من المقربين فالصغيرة بالنسبة إليه كبيرة فقد وقعت المعاتبة في حق بعض الأنبياء على أمور لم تعد من غيرهم معصية انتهى .
قال الحافظ وكلامه فيما يتعلق بالوعيد والعقاب تخصيص عموم من أطلق أن علامة الكبيرة ورود الوعيد أو العقاب في حق فاعلها لكن يلزم منه أن مطلق قتل النفس مثلا ليس كبيرة وإن ورد الوعيد فيه والعقاب لكن ورد الوعيد والعقاب في حق قاتل ولده أشد . فالصواب ما قاله الجمهور وإن المثال المذكور وما أشبهه ينقسم إلى كبير وأكبر .
قال النووي واختلفوا في ضبط الكبيرة اختلافا كثيرا منتشرا فروي عن ابن عباس أنها كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذب .
قال وجاء نحو هذا عن الحسن البصري .
وقال أخرون هي ما أوعد الله عليه بنار في الأخرة أو أوجب فيه جزاء في الدنيا ( قلت ) وممن نص على هذا الأخير الإمام أحمد فيما نقله القاضي أبو يعلى . ومن الشافعية الماوردي ولفظه الكبيرة ما أوجبت فيها الحدود أو توجه إليها الوعيد . والمنقول عن ابن عباس أخرجه ابن أبي حاتم بسند لا بأس به إلا أن فيه انقطاع .
وأخرج من وجه أخر متصل لا بأس برجاله أيضا عن ابن عباس قال ما توعد الله عليه بالنار كبيرة .
وقد ضبط كثير من الشافعية الكبائر بضوابط أخر منها قول إمام الحرمين كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين ورقة الديانة .
وقال الحليمي كل محرم لعينه منهى عنه لمعنى في نفسه .
وقال الرافعي هي ما أوجب الحد .
وقيل ما يلحق الوعيد بصاحبه بنص كتاب أو سنة هذا ما أكثر ما يوجد للاصحاب وهم إلى ترجيح الأول أميل لكن الثاني أوفق لما ذكروه عند تفصيل الكبائر انتهى .
وقد استشكل بأن كثيرا مما وردت النصوص بكونه كبية لا حد فيه كالعقوق . وأجيب بأن مراد قائله ضبط ما لم يرد فيه نص بكونه كبيرة .
وقال ابن عبد السلام في القواعد لم أقف لأحد من العلماء على ضابط للكبيرة لا يسلم من الاعتراض والأولى ضبطها بما يشعر بتهاون مرتكبها بذنبه اشعارا دون الكبائر المنصوص عليها .
قال الحافظ وهو ضابط جيد .
وقال القرطبي في المفهم الراجح أن كل ذنب نص على كبره أو عظمه أو توعد عليه بالعقاب أو علق عليه حد أو اشتد النكير عليه فهو كبيرة . وكلان ابن الصلاح يوافق ما نقل أولا عن ابن عباس وزاد إيجاب الحد وعلى هذا يكثر عدد الكبائر . وهذا الكلام في غير ما قد ورد النص الصريح فيه أنه كبيرة أو من الكبائر أو أكبر الكبائر وقال الواحدي ما لم ينص الشارع على كونه فالحكمة في اخفائه أن يمتنع العبد من الوقوع فيه خشية أن يكون كبيرة كإخفاء ليلة القدر وساعة الجمعة والاسم الأعظم قوله " يمين صبر " أي ألزم بها حبس عليها وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم إنما أطلق الصبر عليها وإن كان صاحبها هو المصبور لأنه إنما صبر من أجلها أي حبس فوصفت بالصبر وأضيفت إليه مجازا كذا في النهاية والنكتة الأثر