- حديث عبد الله بن الزبير أخرجه أيضا البيهقي والحاكم وفي إسناده مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير وهو ضعيف كما قال ابن معين وابن حبان وبين الذهبي ذلك الضعف فقال فيه لين لغلطه .
وقال أبو حاتم صدوق كثير الغلط وقال النسائي ليس بالقوي وقال المنذري لا يحتج بحديثه وقد صحح الحديث الحاكم كما حكاه الحافظ في بلوغ المرام . وحديث أمير المؤمنين علي عليه السلام أخرجه أيضا ابن حبان وصححه وحسنه الترمذي وله طرق منها عند البزار وفيها عمرو بن أبي المقدام وفيها أيضا اختلاف على عمرو بن مرة ففي رواية أبي يعلى أنه رواه عنه شعبة عن أبي البختري قال حدثني من سمع أمير المؤمنين عليا ومنهم من أخرجه عن أبي البختري عن أمير المؤمنين علي عليه السلام . ومنهم من رواه عن حارثة بن مضرب عن أمير المؤمنين علي . ومنهم من رواه عن سماك بن حرب عن حنش بن المعتمر عن أمير المؤمنين علي ومنهم من رواه من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن أمير المؤمنين علي عليه السلام . ورواه أبو يعلى والدارقطني والطبراني في الكبير من حديث أم سلمة بلفظ " من ابتلى بالقضاء بين المسلمين فاليعدل بينهم في لحظه وأشارته ومقعده ومجلسه ولا يرفع صوته على أحد الخصمين ما لا يرفع على الأخر " وفي إسناده عبادة بن كثير وهو ضعيف وفي الباب عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه جلس بجنب شريح في خصومة له مع يهودي فقال لو كان خصمي مسلما جلست معه بين يديك ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لا تساووهم في المجالس . أخرجه أبو أحمد الحاكم في الكني في ترجمة أبي سمية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي قال عرف على درعا مع يهودي فذكره مطولا وقال منكر . وأورده ابن الجوزي في العلل من هذا الوجه وقال لا يصح تفرد به سمية ورواه البيهقي من وجه آخر من طريق جابر عن الشعبي قال خرج أمير المؤمنين على السوق فإذا هو بنصراني يبيع درعا فعرف أمير المؤمنين علي عليه السلام الدرع وذكر الحديث وفي إسناده عمرو بن سمرة عن جابر الجعفي وهما ضعيفان قال ابن الصلاح في كلامه على الوسيط لم أجد له إسنادا يثبت .
قوله : " إن الخصمين يقعدان " الخ هذا فيه دليل لمشروعية قعود الخصمين بين يدي الحاكم ولعل هذه الهيئة مشروعة لذاتها لا لمجرد التسوية بين الخصمين فإنها ممكنة بدون القعود بين يدي الحاكم بأن يقعد أحدهما عن يمينه و الآخر على شماله أو أحدهما في جانب المجلس والآخر في جانب يقابله ويساويه أو نحو ذلك والوجه في مشروعية هذه الهيئة إن ذلك هو مقعد الاهانة والاصغار وموقف من لا يعتد بشأنه من الخدم ونحوهم لقصد الأعزاز للشريعة المطهرة والرفع من منارها وتواضع المتكبرين لها وكثيرا ما ترى من كان متمسكا بأذيال الكبر يعظم عليه قعوده في ذلك المقعد فلعل هذه هي الحكمة والله أعلم ( ويؤخذ ) من الحديث أيضا مشروعية التسوية بين الخصمين لأنهما لما أمرا بالقعود جميعا على تلك الصفة كان الأستواء في الموقف لازما لها وأوضح من ذلك حديث أم سلمة وقصة أمير المؤمنين علي عليه السلام مع خصمه عند شريح كما تقدم وفيها تخصيص المسلم إذا كان خصمه كافرا فلا يساويه في الموقف بل يرفع موقف المؤمن على موقف الكافر لأن الإسلام يعلو ويستفاد من الحديث أن الخصمين لا يتنازعان قائمين أن مضطجعين أو أحدهما .
قوله : " حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فيه دليل على أنه يحرم على الحاكم أن يحكم قبل سماع حجة كل واحد من الخصمين واستفصال ما لديه والأحاطة بجميعه والنهي يدل على قبح المنهى عنه والقبح يستلزم الفساد فإذا قضى قبل السماع من أحد الخصمين كان حكمه باطلا فلا يلزم قبوله بل يتوجه عليه نقضه ويعيده على وجه الصحة أو يعيده حاكم آخر فإن امتنع أحد الخصمين من الإجابة لخصمه جاز القضاء عليه لتمرده ولكن بعد التثبت المسوغ للحكم كما في الغائب على خلاف فيه معروف