- قوله " فقيل له يا رسول الله حلفت " الخ فيه تذكير الحالف بيمينه إذا وقع منه ما ظاهره نسيانها لا سيما ممن له تعلق بذلك والقائل له بذلك عائشة كما تدل عليه الروايات الآخرة فإنها لما خشيت أن يكون صلى الله عليه وآله وسلم نسي مقدار ما حلف عليه وهو شهر والشهر ثلاثون يوما أو تسعة وعشرون يوما فلما نزل في تسعة وعشرين ظنت أنه ذهل عن القدر أن الشهر لم يهل فأعلمها أن الشهر استهل وإن الذي كان الحلف وقع فيه تسع وعشرون وفيه تقوية لقول من قال أن يمينه صلى الله عليه وآله وسلم اتفق أنها كانت في أول الشهر ولهذا اقتصر على تسعة وعشرين وإلا فلو اتفق ذلك في أثناء الشهر فالجمهور على أنه لا يقع البر إلا بثلاثين . وذهبت طائفة إلى الأكتفاء بتسعة وعشرين أخذا بأقل ما ينطلق عليه الاسم .
قال ابن بطال يؤخذب منه أن من حلف على شيء بر يفعل أقل ما ينطلق عليه الاسم والقصة محمولة عند الشافعي ومالك على أنه دخل أول الهلا وخرج به فلو دخل في أثناء الشهر لم يبر إلا بثلاثين وافية .
قوله : " إن الشهر يكون تسعا وعشرين " هذه الرواية تدل على المراد من الرواية الأخرى بلفظ " الشهر تسع وعشرون " كما في لفظ ابن عمر فإن ظاهر ذلك الحصر وهذا الظاهر غير مرادون وهم وقد أنكرت عائشة على ابن عمر روايته المطلقة إن الشهر تسع وعشرون قال فذكروا ذلك لعائشة فقالت يرحم الله أبا عبد الرحمن إنما قال الشهر قد يكون تسعا وعشرين وقد أخرج مسلم من وجه آخر عن عمر بهذا اللفظ الأخير الذي جزمت به عائشة ويدل أيضا على ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يخرج من يمينه بمجرد مضى ذلك العدد بل للخير الواقع من جبريل كم في حديث ابن عباس المذكور