- حديث أبي سعيد أخرجه أيضا النسائي وذكره البخاري في تاريخه الكبير وساق اختلاف الرواة فيه وقد سكت عنه أبو داود والمنذري وفي إسناده إسماعيل بن رباح السلمي وهو مجهول . وحديث معاذ بن أنس أخرجه الترمذي من طريق محمد بن إسماعيل قال حدثنا عبد الله بن يزيد المقبري حدثنا سعيد بن أيوب حدثني أبو مرحوم وهو عبد الرحمن بن ميمون عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه وساق الحديث ثم قال هذا حديث حسن غريب . وحديث ابن عباس وغيره ولكن لفظ أبي داود " إذا أكل أحدكم طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه وإذا سقي لينا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فإنه ليس شيء يجزي من الطعام والشراب إلا اللبن " ولفظ الترمذي " من أطعمه الله طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خير منه ومن سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس شيء يجزي مكان الطعام والشراب غير اللبن " وقد حسن هذا الحديث الترمذي ولكن في إسناده علي بن يزيد بن جدعان عن عمر بن حرملة وقد ضعف علي بن زيد جماعة من الحفاظ . وعمر بن حرملة سئل عنه أبو زرعة الرازي فقال بصري لا أعرفه إلا في هذا الحديث .
قوله : " إذا رفع مائدته " قد ثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يأكل على خوان قط كما في حديث أنس والمائدة هي خوان عليه طعام فأجاب بعضهم بأن إنسا ما رأى ذلك ورآه غيره والمثبت يقدم على النافي .
قال في الفتح وقد تطلق المائدة ويراد بها نفس الطعام .
وقد نقل عن البخاري أنه قال إذا أكل الطعام على شيء ثم رفع قيل رفعت المائدة .
قوله : " غير مكفي " بفتح الميم وسكون الكاف وكسر الفاء وتشديد التحتانية قال ابن بطال يحتمل أن يكون من كفأت الإناء فالمعنى غير مردود عليه إنعامه ويحتمل أن يكون من الكفاية أي أن الله غير مكفي رزق عباده لأنه لا يكفيهم أحد غيره .
وقال ابن التين أي غير محتاج إلى أحد لكنه هو الذي يطعم عباده ويكفيهم هذا قول الخطابي .
وقال القزاز معناه أنا غير مكتف بنفسي عن كفايته وقال الداودي معناه لم أكتف من فضل الله ونعمته قال ابن التين وقول الخطابي أولى لأن مفعولا بمعنى مفتعل فيه بعد وخروج عن الظاهر .
قال في الفتح وهذا كله على أن الضمير لله ويحتمل أن يكون الضمير للحمد وقال إبراهيم الحربي الضمير للطعام ومكفي بمعنى مقلوب من الإكفاء وهو القلب . وذكر ابن الجوزي عن أبي منصور الجواليقي أن الصواب غير مكافأ بالهمز أي أن نعمة الله لا تكافأ اه .
وقد ثبت هكذا في حديث أبي هريرة ويؤيد هذا لفظ : كفانا الواقع . في الرواية الأخرى لأن الضمير فيه يعود إلى الله تعالى بلا ريب إذ هو تعالى هو الكافي لا المكفي وكفانا هو من الكفاية وهو أعم من الشبع والري وغيرهما فأروانا على هذا من الخاص بعد العام ووقع في رواية ابن السكن وآوانا بالمد من الإيواء قوله " زلا مودع " بفتح الدال الثقيلة أي غير متروك ويحتمل أنه حال من القائل أي غير تارك .
قوله : " ولا مستغنى عنه " بفتح النون وبالتنوين .
قوله : " ربنا " بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو ربنا أو على أنه مبتدأ وخبره متقدم عليه ويجوز النصب على المدح أو الاختصاص أو إضمار أعني .
قال ابن التين ويجوز الجر على أنه بدل من الضمير في عنه وقال غيره على البدل من الاسم في قوله الحمد لله .
وقال ابن الجوزي ربنا بالنصب على النداء مع حذف أداة النداء .
قوله : " ولا مكفور " أي مجحود فضله ونعمته وهذا أيضا مما يقوي أن الضمير لله تعالى .
قوله : " إذا أكل أو شرب " لفظ أبي داود " كان إذا فرغ من طعامه " زالمذكور في الباب لفظ الترمذي .
وفي حديث أبي هريرة عند النسائي والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم مرفوعا " الحمد لله الذي أطعم من الطعام وسقى من الشراب وكسا من العري وهدى من الضلال وبصر من العمى وفضل على كثير ممن خلق تفضيلا " قوله " وزدنا منه " هذا يدل على الروايات التي ذكرناها أنه ليس في الأطعمة والأشربة خير من اللبن وظاهره أنه خير من العسل الذي هو شفاء لكن قد يقال أن اللبن باعتبار التغذي والري خير من العسل ومرجح عليه والعسل باعتباره التداوي من كل داء وباعتبار الحلاوة مرجح على اللبن ففي كل منهما خصوصية يترجح بها ويحتمل أن المراد وزدنا لبنا من جنسه وهو لبن الجنة كما في قوله تعالى { هذا الذي رزقنا من قبل } قوله " فإنه ليس يجزي " بضم أوله من الطعام أي بدل الطعام كقوله تعالى أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة أي بدلها