- حديث المغيرة بن شعية أخرجه أيضا أبو داود والترمذي وابن ماجه ولفظ أبي داود في باب ترك الوضوء مما مست النار عن المغيرة بن شعبة قال " ضفت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم ليلة فأمر بجنب فشوى فأخذ الشفرة فجعل يحز لي بها منه قال فجاء بلال فآذنه بالصلاة قال فالقى السكين وقال ماله تربت يداه وقام يصلي " زاد الأنباري " وكان بشاربي وفاء فقصه على سواك أو قال أقصه لك على سواك " .
قوله : " لعق أصابعه " فيه استحباب لعق الأصابع محافظة على بركة الطعام وتنظيفا وسيأتي تمام الكلام على ذلك .
وفيه استحباب الأكل بثلاث أصابع ولا يضم إليا الرابعة والخامسة إلا اعذر بأن يكون مرقا أو غيره مما لا يمكن بثلاث وغير ذلك من الأعذار .
قوله : " فليمط عنها الأذى " فيه مشروعية أكل اللقمة الساقطة بعد مسح أذى يصيبها هذا إذا لم تقع على موضع نجس ولا بد من غسلها إن أمكن فإن تعذر قال النووي أطعمها حيوانا ولا يتركها للشيطان .
قوله : " أن نسلت القصعة " قال الخطابي سلت القصعة تتبع ما يبقى فيها من الطعام وفيه أن لعق القصعة مشروع والعلة في ذلك ما ذكرناه عقبه أنهم لا يدرون في أي طعامهم البركة أي أن الطعام الذي يحضر الإنسان فيه بركة ولا يدري هل البركة فيما أكل أو فيما بقي على أصابعه أو فيما بقي في أسفل القصعة أو في اللقمة الساقطة فينبغي أن يحافظ على هذا كله لتحصل البركة وأصل البركة الزيادة وثبوت الخير والإمتاع به .
قوله : " ضفت النبي صلى الله عليه وآله وسلم " بكسر الضاد المعجمة من ضاف يضيف مثل باع يبيع وقال في النهاية ضفت الرجل إذا نزلت به في ضيافته .
وقال في الضياء إذا تعرض به ليضيفه قال في النهاية وأضفته إذا أنزلته وتضيفه إذا نزلت به .
قوله : " فأخذ الشفرة فجعل يحتز لي بها " فيه دليل على جواز قطع اللحم بالسكين .
وقد أخرج أبو داود عن عائشة قالت " قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا تقطعوا اللحم بالسكين فإنه من صنع الأعاجم وانهشوه فهو أهنأ وأمرأ " ويؤيد حديث الباب ما رواه البخاري وغيره من حديث عمرو بن أمية الضمري أنه " رأس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحتز من كتف شاة فدعي إلى الصلاة فألقى السكين فصلى ولم يتوضأ " على أن حديث عائشة المذكور في إسناده أبو معشر السندي المدني واسمه نجيح كان يحيى بن سعيد القطان لا يحدث عنه ويستضعفه جدا ويضحك إذا ذكره غيره .
قال المنذري وتكلم فيه غير واحد من الأئمة وقال النسائي أبو معشر له أحاديث مناكير منها هذا . ومنها عن أبي هريرة ما بين المشرق والمغرب قبلة وأما أحمد بن حنبل فقال صدوق وعلى كل حال فحديث عائشة لا يعادل ما عارضه من حديث عمرو بن أمية وحديث الباب ويروي عن الإمام أحمد أنه سئل عن حديث عائشة فقال ليس بمعروف .
قوله : " فأخذ قرصا " الخ فيه استحباب التسوية بين الحاضرين على الطعام وإن كان بعضهم أفضل من بعض .
قوله : " هل من أدم " قال أهل اللغة الإدام بكسر الهمزة ما يؤتدم به قال أدم الخبز يأدمه بكسر الدال وجمع الأدام أدم بضم الهمزة كأهاب وأهب وكتاب وكتب والأدام بإسكان الدال مفرد كالأدام كذا قال النووي قال الخطابي والقاضيي عياض معنى الحديث مدح الاقتصار في المأكل ومنع النفس عن ملاذ الأطعمة تقديره ائتدموا بالخل وما في معناه مما تخف مؤنته ولا يعز وجوده ولا تتأنقوا في الشهوات فإنها مفسدة للدين مقسمة للبدن .
قال النووي والصواب الذي ينبغي أن يجزم به أنه مدح للخل نفسه .
وأما الاقتصار في المطعم وترك الشهوات فمعلوم من قواعد أخر .
قال وأما قول جابر فما زلت أحب الخل مذ سمعتها من النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهو كقول أنس ما زلت أحب الدباء وهذا يؤيد ما قلناه في معنى الحديث أنه مدح للخل نفسه وقد كررنا مرات أن تأويل الراوي إذا لم يخالف الظاهر يتعين المصير إليه والعمل به عند جماهير العلماء من الفقهاء والأصوليين وهذا كذلك بل تأويل الراوي هنا هو ظاهر اللفظ فيتعين اعتماده اه وقيل وهو الصواب أنه ليس فيه تفضيل على اللحم واللبن والعسل والمرق وإنما هو مدح له في تلك الحال التي حضر فيها ولو حضر لحم أو لبن لكان أولى بالمدح منه