- حديث أبي واقد في مجمع الزوائد أخرجه الطبراني ورجاله ثقات انتهى . وحديث جابر بن سمرة سكت عنه أبو داود والمنذري وليس في إسناده مطعن لأن أبا داود رواه من طريق موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة وفي الباب عن الفجيع العامري أنه " أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال ما يحل لنا الميتة قال ما طعامكم قلنا نغتبق ونصطبح قال أبو نعيم وهو الفضل بن دكين فسره لي عقبة قدح غدوة وقدح عشية قال ذاك وأبى الجوع فأحل لهم الميتة على هذا الحال " قال أبو داود الغبوق من آخر النهار والصبوح من أول النهار وفي إسناده عقبة بن وهب العامري .
قال يحيى بن معين صالح وقال علي بن المديني قلت لسفيان ابن عيينة عقبة بن وهب فقال ما كان ذاك فيدري ما هذا الأمر ولا كان شأنه الحديث انتهى .
قوله : " إذا لم تصطبحوا ولم تغتبقوا قال ابن رسلان في شرح السنن الإصطباح ههنا أكل الصبوح وهو الغداء والغبوق أكل العشاء انتهى .
وقد تقدم شرح الصبوح والغبوق وهما بفتح أولهما الأول شرب اللبن أول النهار والثاني شرب اللبن آخر النهار ثم استعملا في الأكل للغداء والعساء وعليهما يحمل ما في حديث أبي واقد الليثي المذكور ولعل اغلمراد بهما في حديث الفجيع مجرد شرب اللبن لأنه لو كان المراد بهما أكل الطعام في الوقتين لم يصح ما في آخر الحديث وهو قوله ذاك وأبى الجوع إذ لا جوع حينئذ .
قوله : " ولم تحتفؤا بها بقلا " بفتح المثناتين من فوق بينهما حاء مهملة وبعدها فاء مكسورة ثم همزة مضمومة من الحفاء وهو البردى بضم الموحدة نوع من جيد التمر وضعفه بعضهم بأن البردي ليس من البقول .
قال أبو عبيد هو أصل البردي الأبيض الرطب وقد يؤكل .
قال أبو عبيد معنى الحديث أنه ليس لكم أن تصطبحوا وتغتبقوا وتجمعوهما مع الميتة فإن الأزهري أنكر هذا على أبي عبيد وفسر أنه أراد إذا لم تجدوا البينة تصطبحونها أو شربا تغتبقونه ولم تجدوا بعد عدم الصبوح والغبوق بقلة تأكلونها حلت لكم الميتة قال وهذا هو الصحيح .
قال الخطابي القدح من اللبن بالغداة والقدح بالعشي يمسك الرمق ويقيم النفس وإن كان لا يغدو البدن ولا يشبع الشبع التام وقد أباح لهم من ذلك الميتة فكان دلالته أن تتناول الميتة إلى أن تأخذ النفس جاجتها من القوت كما ذهب إليه مالك والشافعي في أحد قوليه والقول الراجح عند الشافعي هو الاقتصار على سد الرمق كما نقله المزني وصححه الرافعي والنووي وهو قول أبي حنيفة وإحدى الروايتين عن مالك والهادوية . ويدل عليه قوله " هل عندك غني يغنيك " إذا كان يقال لمن وجد سد رمقه مستغنيا لغة وشرعا . واستدل به بعضهم على القول الأول قال لأنه سأله عن الغنى ولم يسأله عن خوفه على نفسه والآية الكريمة قد دلت على تحريم الميتة واستثنى ما وقع الإضرار إليه فإذا اندفعت الضرورة لم يحل الأكل كحالة الابتداء ولا شك أن سد الرمق يدفع الضرورة وقيل أنه يجوز أكل المعتاد للمضطر في أيام عدم الاضطرار .
قال الحافظ وهو الراجح لإطلاق الآية واختلفوا في الحالة التي يحل بها الوصف بالاضطرار ويباح عندها الأكل . فذهب الجمهور إلى أنها الحالة التي يصل به الجوع فيها إلى حد الهلاك أو إلى مرض يفضي إليه . وعن بعض المالكية تحديد ذلك بثلاثة أيام .
قال ابن أبي جمرة الحكمة في ذلك أن في الميتة سمية شديدة فلو أكلها ابتداء لأهلكته فشرع له أن يجوع ليصير في بدنه بالجوع سمية هي أشد من سمية الميتة .
قوله : " كانوا بالحرة " بفتح الحاء والراء المشدة مهملتين أرض بظاهر المدينة بها حجارة سود .
قوله : " فنفقت " بفتح النون والفاء والقاف أي ماتت يقال نفقت الدابة نفوقا مثل قعدت المرأة قعودا إذا ماتت .
قوله : " حتى نقدر " بفتح النون وسكون القاف وضم الدال بعده راء مهملة هكذا في النسخ الصحيحة قال قدر اللحم يقدره طبخه في القدر .
وفي سنن أبي داود " نقدد اللحم " بدال مهملة مكان الراء وعلى ذلك شرح ابن رسلان فإنه قال أي نجعله قديدا قوله " غني يغنيك " أي تستغني به ويكفيك ويكفي أهلك وولدك عنها .
قوله : " استحييت منك " بيائين مثناتين من تحت . ولغة تميم وبكر بن وائل استحيت بفتح الحاء وحذف غحدى الياءين .
وقد دلت أحاديث الباب على أنه يجوز للمضطر أن يتناول من الميتة ما يكفيه على خلاف السابق في مقدارما يتناوله ولا أعلم خلافا في الجواز وهو نص القرآن الكريم وهل يجب على المضطر أن يتناول من الميتة حفظا لنفسه قال في البحر في ذلك وجهان . يجب لوجوب دفع الضرر ولا ( 1 ) [ قوله ولا إيثار للورع . أي لا يجب إيثار للورع . ] إيثار للورع واختلفوا في المراد بقوله تعالى { غير باغ } فقيل أي غير متلذذ ولا مجاوز لدفع الضرر وقيل أي غير عاص فمنعوا العاصي من أكل الميتة . وحكى الحافظ في الفتح عن الجمهور أنهم جعلوا من البغي العصيان قالوا وطريقه أن يتوب ثم يأكل وجوزه بعضهم مطلقا ولعله يعني بالبعض القائل بالتفسير الأول