- الحديث الذي أشار إليه المصنف بقوله قد سبق هو أول حديث في كتابه هذا وقد مر الكلام عليه . وحديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أخرجه أيضا الشافعي والبيهقي ورواه الدارقطني أيضا من رواية سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم موقوفا وقال هو أصح وكذا صحح الموقوف أبو زرعة وأبو حاتم وعبد الرحمن ابن زيد ضعيف كما نقله المصنف عن أحمد وابن المديني وفي رواية عن أحمد أنه قال حديثه هذا منكر وقال البيهقي رفع هذا الحديث أولاد زيد بن أسلم عبد الله وعبد الرحمن وأسامة وقد ضعفهم ابن معين وكان أحمد بن حنبل يوثق عبد الله وكذا روى عن ابن المديني قال الحافظ قلت رواه الدار قطني وابن عدي من رواية عبد الله بن زيد بن أسلم قال ابن عدي الحديث يدور على هؤلاء الثلاثة قال الحافظ وقد تابعهم شخص هو أضعف منهم وهو أبو هاشم كثير بن عبد الله الإبلي أخرجه ابن مردويه في تفسير سورة الإنعام من طريقه عن زيد بن أسلم بلفظ " يحل من الميتة إثنان ومن الدم إثنان فأما الميتة فالسمك والجراد وأما الدم فالكبد والطحال " ورواه المسور بن الصلت أيضا عن زيد بن أسلم لكنه خالف في إسناده قال عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد مرفوعا أخرجه الخطيب وذكره الدارقطني في العلل والمسور كذاب نعم الرواية الموقوفة التي صححها أبو حاتم وغيره هي في حكم المرفوع لأن قول الصحابي أحل لنا كذا وحرم علينا كذا مثل قوله أمرنا بكذا ونهينا عن كذا فيحصل الاستدلال بهذه الرواية لأنها في معنى المرفوع كذا قال الحافظ .
قوله : " سبع غزوات " في رواية البخاري أو ستا . ووقع في توضيح ابن مالك سبع غزوات أو ثماني وتكلم عليه فقال الأجود أن يقال ثمانيا بالتنوين لأن لفظ ثماني وإن كان كلفظ جواري أو ثالث حروفه ألف بعدها حرفان ثانيهما ياء فهو يخالفه في أن جواري جمع وثماني ليس بجمع وقال أطال الكلام على ذلك ثم وجه ترك التنوين بتوجيهات . منها أن يكون حذف المضاف إليه وأبقى المضاف على ما كان عليه قبل الحذف .
قال الحافظ ولم أر لفظ ثماني في شيء من كتب الحديث قال وهذا الشك في عدد الغزوات من شعبة .
قوله " نأكل معه الجراد " يحتمل أن يراد بالمعية مجرد الغزو دون ماتبعه من أكل الجراد ويحتمل أن يريد مع أكله ويدل على الثاني ما وقع في رواية أبي نعيم بلفظ " ويأكل معنا " وهذا يرد على الصيمري من الشافعية حيث زعم أنه صلى الله عليه وآله وسلم عافه كما عاف الضب .
وقد أخرج أبو داود عنه صلى الله عليه وآله وسلم من حيث سلمان أنه قال " لا آكله ولا أحرمه " والصواب أنه مرسل . ولابن عدي في ترجمة ثابت بن زهير عن نافع عن ابن عمر " أنه صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن الضب فقال لا آكله ولا أحرمه وسئل عن الجراد فقال مثل ذلك قال الحافظ هذا ليس ثابتا لأن ثابتا قال فيه النسائي ليس بثقة . ونقل النووي الإجماع على حل أكل الجراد . وفصل ابن العربي في شرح الترمذي بين جراد الحجاز وجراد الأندلس فقال في جراد الأندلس لا يؤكل لأنه ضرر محض وهذ إن نثبت يضر أكله بأن تكون فيه سمية تخصه دون غيره من جراد البلاد تعين استثناؤه وذهب الجمهور إلى حل أكل الجراد حتى لو مات بغير سبب وعند المالكية اشتراط التذكية وهي هنا أن يكون موته بسبب آدمي إما أن يقطع رأسه أو بعضه أو يسلق أو يرمى في النار حيا فإن مات حتف أنفه أو في وعاء لم يحل .
واحتج الجمهور بحديث ابن عمر المذكورفي الباب . ولفظ الجراد جنس يقع على الذكر والأنثى ويميز واحده بالتاء وسمي جرادا لأنه يجرد ما ينزل عليه أو لأنه أجرد أي أملس وهو من صيد البر وإن كان أصله بحريا عند الأكثر وقيل أنه بحري بدليل حديث أبي هريرة أنه قال " خرجنا مه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حج أو عمرة فاستقبلنا رجل رجل من جراد فجعلنا نضربهن بنعالنا وأسواطنا فقال صلى الله عليه وآله وسلم كلوه فإنه من صيد البحر " أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه بإسناد ضعيف .
وأخرج نحوه أبو داود والترمذي من طريق أخرى عن أبي هريرة وفي إسناده أبو المهزم بضم الميم زكسر الزاي وفتح الهاء وهو ضعيف . وأحرج ابن ماجه من حديث أنس مرفوعا " أن الجراد نثرة حوت من البحر " أي عطسته .
قوله " الخبط " بالتحريك وهو ما يسقط من الورق عند خبط الشجر .
قوله : " فأكله " بهذا تتم الدلالة وإلا مجرد أكل الصحابة منه وهم في حال المجاعة قد يقال أنه للإضرار ولا سيما وقد ثبت عن أبي عبيدة في رواية عند مسلم بلفظ " وقدج اضطررتم فكلوه " .
قال في الفتح وحاصل قول أبي عبيدة أنه بنى أولا على عموم تحريم الميتة ثم ذكر تخصيص المضطر بإباحة أكلها إذا كان غير باغ ولا عاد وهم بهذه الصفة لأنهم في سبيل الله وفي طاعة رسول الله وقد تبين من آخر الحديث أن حمله كونها حلالا ليس لسبب الاضطرار بل لكونها من صيد البحر لأكله صلى الله عليه وآله وسلم منها لأنه لم يكن مضطرا وقد ذهب الجمهور إلى إباحة ميتة البحر سواء ماتت بنفسها أو ماتت بالإصطياد . وعن الحنفية والهادي والقاسم والإمام يحيى والمؤيد بالله في أحد قوليه أنه لا يحل إلا ما مات بسبب آدمي أو بإلقاء الماء له أو جزره عنه وأما ما مات أو قتله حيوان غير آدمي فلا يحل واستدلوا بحديث أبي الزبير عن جابر مرفوعا بلفظ " " ما ألقاه البحر أو جزره عنه فكلوه وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه " أخرجه أبو داود مرفوعا من رواية يحيى بن سليم الطائفي عن أبي الزبير عن جابر وقد أسنده من وجه آخر عن ابن أبي ذئب عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا وقال الترمذي سألت البخاري عنه فقال ليس بمحفوظ ويروى عن جابر خلافه انتهى . ويحيى بن سليم صدوق سيء الحفظ .
وقال النسائي ليس بالقوي .
وقال يعقوب إذا حدث من كتابه فحديثه حسن وإذا حدث حفظا ففي حديثه ما يعرف وينكر .
وقال أبو حاتم لم يكن بالحافظ .
وقال ابن حبان في الثقات كان يخطئ وقد توبع على رفعه أخرجه الدارقطني من رواية أبي أحمد الزبيري عن الثوري مرفوعا لكن قال خالفه وكيع وغيره فوقفوه على الثوري وهو الصواب وروى عن ابن أبي ذئب وإسماعيل بن أمية مرفوعا ولا يصح والصحيح موقوف .
قال الحافظ وإذا لم يصح إلا موقوفا فقد عارضه قول أبي بكر وغير يعني المذكور في الباب .
وقال أبو داود روى هذا الحديث سفيان الثوري وأيوب وحماد عن أبي الزبير أوقفوه على جابر قال المنذري وقد أسند هذا الحديث من وجه ضعيف وأخرجه ابن ماجه قال الحافظ أيضا والقياس يقتضي حله لأنه لو مات في البر لأكل بغير تذكية ولو نضب عنه الماء فمات لأكل فكذلك إذا مات وهو في البحر ولا خلاف بين العلماء في حل السمك على اختلاف أنواعه وإنما اختلفوا فيما كان على صورة حيوان البر كالآدمي والكلب والخنزير فعند الحنفية وهو قول الشافعية أنه يحرم والأصح عند الشافعية الحل مطلقا وهو قول المالكية إلا الخنزير في رواية .
وحجتهم عموم قوله تعالى { أحل لكم صيد البحر } وحديث " هو الطهور ماؤه والحل ميتته " أخرجه مالك وأصحاب السنن وصححه ابن خزيمة وابن حبان وغيرهما وقد تقدم في أول الكتاب .
وروي عن الشافعي أنه يحل ما يؤكل نظيره في البر وما لا فلا وإليه ذهبت الهادوية واستثنت الشافعية ما يعيش في البر والبحر وهو نوعان النوع الأول ما ورد في منع أكله شيء يخصه كالضفدع وكذا استثناه أحمد للنهي عن قتله كما ورد ذلك من حديث عبد الرحمن بن عثمان التيمي أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم وله شاهد من حديث ابن عمر عند أبي عاصم وآخر عن عبد الله بن عمر وأخرجه الطبراني في الأوسط وزاد فإن نقيقها تسبيح . وذكر الأطباء أن الضفدع نوعان بري وبحري ومن المستثنى التمساح والقرش والثعبان والعقرب والسرطان والسلحفاة للاستخباث والضرر اللاحق من السم . النوع الثاني ما لم يرد فيه مانع فيحل لكن بشرط التذكية كالبط وطير الماء .
قوله : " إن الله ذبح ما في البحر لبني آدم " لفظ البخاري " كل شيء في البحر مذبوح " وقد أخرجه الدارقطني وأبو نعيم في الصحابة مرفوعا قال الحافظ والموقوف أصح وأخرجه ابن أبي عاصم في الأطعمة من طريق عمرو بن دينار سمعت شيخا كبيرا يحلف بالله ما في البحر دابة إلا قد ذبحها الله لبني آدم .
وأخرج الدارقطني من حديث عبد الله بن سرجس رفعه أن الله قد ذبح كل ما في البحر لبني آدم وفي سنده ضعيف . والطبراني من حديث ابن عمر ورفعه نحوه وسنده ضعيف .
وأخرج عبد الرزاق بسندين جديدين عن عمر ثم عن علي بلفظ " الحوت ذكي كله " قال عطاء أما الطير فأرى أن تذبحه .
قوله : " الطافي حلال " وصله أبو بكر ابن أبي شيبة والطحاوي والدارقطني من رواية عبد الملك بن أبي يشير عن عكرمة عن ابن عباس والطافي بغير همز من طفا يطفو إذا علا على الماء ولم يرسب .
قوله : " صيده ما اصطيد وطعامه ما رمي به " وصله البخاري في التاريخ وعبد بن حميد .
قوله : " طعامه ميتة إلا ما قدرت " وصله الطبراني .
قوله : " كل من صيد البحر صيد يهودي " الخ وصله البيهقي قال ابن التين مفهومه أن صيد البحر لا يؤكل إن صاده غير هؤلاء وهو كذلك عند قوم وإخراج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن عطاء وسعيد بن جبير كراهية صيد المجوسي .
وأخرج أيضا بسند آخر عن علي عليه السلام مثل ذلك .
قوله : " وركب الحسن على سرج " قيل أنه الحسن بن علي وقيل البصري والمراد أن السرج متخذ من جلود الكلاب المعروفة بكلاب الماء التي في البحر كما صرح به في الرواية