- قوله " لا تبدؤا اليهود " الخ فيه تحريم ابتداء اليهود والنصارى بالسلام وقد حكاه النووي عن عامة السلف وأكثر العلماء .
قال وذهبت طائفة إلى جواز ابتدائنا لهم بالسلام روى ذلك عن ابن عباس وأبي أمامة وابن محيريز وهو وجه لبعض أصحابنا حكاه الماوردي لكنه قال يقول السلام عليك ولا يقول عليكم بالجمع واحتج هؤلاء بعموم الأحاديث الواردة في إفشاء السلام وهو من ترجيح العمل بالعام على الخاص . وذلك مخالف لما تقرر عند جميع المحققين ولا شك أن هذا الحديث الوارد في النهي عن ابتداء اليهود والنصارى بالسلام أخص منها مطلقا والمصير إلى بناء العام على الخاص واجب .
وقال بعض أصحاب الشافعي يكره ابتداؤهم بالسلام ولا يحرم وهو مصير إلى معنى النهي المجازي بلا قرينة صارفة إليه . وحكى القاضي عياض عن جماعة أنه يجوز ابتداؤهم به للضرورة والحاجة وهو قول علقمة والنخعي .
وروى عن الأوزاعي أنه قال إن سلمت فقد سلم الصالحون وإن تركت فقد ترك الصالحون .
قوله : " .
وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقها " أي ألجؤهم إلى المكان الضيق منها وفيه دليل على أنه لا يجوز للمسلم أن يترك للذمي صدر الطريق وذلك نوع من أنزال الصغار بهم والإذلال لهم .
قال النووي وليكن التضييق بحيث لا يقع في وهذه لا يصدمه جدار ونحوه قوله " فقولوا وعليكم " في الرواية الأخرى " فقولوا عليكم " وفي الرواية الثالثة " فقل عليك " فيه دليل على أنه يرد على أهل الكتاب إذا وقع منهم الأبتداء بالسلام ويكون الرد بأثبات الواو وبدونها وبصيغة المفرد والجمع وكذا يرد عليهم لو قالوا السام بحذف اللام وهو عندهم الموت .
قال النووي في شرح مسلم أتفق العلماء على الرد على أهل الكتاب إذا سلموا لكن لا يقال لهم وعليكم السلام بل يقال عليكم أو وعليكم فقد جاءت الأحاديث بأثبات الواو وحذفها وأكثر الروايات بأثباتها .
قال وعلى هذا في معناه وجهان أحدهما . أنه على ظاهره فقالوا عيلكم الموت فقال وعليكم أيضا أي نحن وأنتم فيه سواء كلنا نموت . والثاني أن الواو هنا للإسئناس لا للعطف والتشريك وتقديره وعليكم ما تستحقونه من الذنب .
وأما من حذف الواو فتقديره السام قال القاضي أختار بعض العلماء منهم ابن حبيب المالكي حذف الواو فتقديره بل عليكم السام .
وقال غيره بإثباتها .
قال وقال بعضهم يقول عليكم السلام بكسر السين أي الحجارة وهذا ضعيف وقال الخطابي عامة المحدثين يروون هذا الحرف وعليكم بالواو وكان ابن عيينة يرويه بغير واو قال وهذا هو الصواب لأنه إذا حذف الواو صار كلامهم بعينه مردودا عليهم خاصة وإذا ثبت الواو أقتضى الشركة معهم فيما قالوه .
قال النووي والصواب أن إثبات الواو جائز كما صحت به الروايات وأن الواو أجود ولا مفسدة فيه السام الموت وهو علينا وعليهم فلا ضرر في المجيء بالواو . وحكى النووي بعد أن حكى الإجماع المتقدم عن طائفة من العلماء أنه لا يرد على أهل كتاب السلام .
قال وراه ابن وهب وأشهب عن مالك . وحكى الماوردي عن بعض أصحاب الشافعي أنه يجوز أن يقال في الرد عليهم وعليكم السلام ولكن لا يقول رحمة الله .
قال النووي وهو ضعيف مخالف للأحاديث .
قال ويجوز الابتداء على جمع فيهم مسلمون وكفار أو مسلم وكافر ويقصد المسلمين والحديث الثابت في الصحيح أنه صلى الله عليه وآله وسلم سلم على مجلس في أخلاط من المسلمين والمشركين .
قوله : " إن الله يحب الرفق في الأمر كله " هذا من عظيم خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وكمال حلمه وفيه حث على الرفق والصبر والحلم وملاطفة الناس ما لم تدعو حاجة إلى المخاشنة وفي الحديث أستحباب تغافل أهل الفضل عن سفه المبطلين إذا لم يترتب عليهم مفسدة .
قال الشافعي الكيس العاقل هو الفطن المغافل