- حديث ابن عباس سكت عنه أبو داود ورجال إسناده موثقون وقد تكلم في قابوس بن الحصين عن جندب ووثقه ابن معين .
وقال المنذري أخرجه الترمذي وذكر أنه مرسل ويشهد له ما تقدم أنه صلى الله عليه وآله وسلم " قال المسلم والكافر لا تتراءى ناراهما " وأخرج مالك في الموطأ عن ابن شهاب " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يجتمع دينان في جزيرة العرب " قال ابن شهاب ففحص عمر عن ذلك حتى أتاه الثلج واليقين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا فأجلى يهود خيبر قال مالك وقد أجلى عمر يهود نجران وفدك . ورواه مالك في الموطأ أيضا عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول بلغني أنه كان من آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن قال قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يبقى دينان بأرض العرب . ووصله صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة أخرجه إسحاق في مسنده . ورواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب فذكره مرسلا وزاد فقال عمر من كان منكم عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فليأت به وإلا فإني مجليكم . ورواه أحمد في مسنده موصولا عن عائشة ولفظه قالت آخر ما عاهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن لا يترك بجزيرة العرب دينان . أخرجه من طريق ابن إسحاق حدثني صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عنها وحديث الرجل من بني تغلب أخرجه البخاري في التاريخ وساق الاضطراب فيه وقال لا يتابع عليه .
قال المنذريي وقد فرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم العشور فيما أخرجت الأرض في خمسة أو ساق وقد أخرجه أبو داود أيضا من طريق أخرى من حديث حرب بن عبيد الله عن جده أبي أمه قال " قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما العشور على اليهود والنصارى . وليس على المسلمين عشور " ولم يتكلم أبو داود ولا المنذري على إسناده وأخرجه أيضا من طريق أخرى عن حرب بن عبيد الله فقال الخراج مكان العشور .
وأخرجه أيضا من طريق أخرى عن رجل من بكر بن وائل عن خاله قال قلت يل رسول الله أعشر قومي قال لإنما العشور على اليهود والنصارى .
وقدد سكت أبو داود والمنذري عنه في إسناده الرجل البكري وهو مجهول وخاله أيضا مجهول ولكنه صحابي .
قوله : " لا تصلح قبلتنا " سيأتي الكلام عن ذلك في الباب الذي بعد هذا .
قوله : " وليس على مسلم جزية " لأنها إنما ضربت على أهل الذمة ليكن بها حقن الدماء وحفظ الإموال والمسلم بإسلامه قد صار محترم الدم والمال .
قوله " عشور " هي جمع عشر وهو واحد من عشرة أي ليس عليهم غير الزكاة من الضرائب والمكس ونحوهما .
قال في القاموس عشرهم يشعرهم عشرا وعشورا أخذ عشر أموالهم انتهى .
وقال الخطابي يريد عشور التجارات دون عشور الصدقات قال والذي يلزم اليهود والنصارى من العشور هو ما صولحوا عليه وإن لم يصالحوا عليه فلا شيء عليهم غير الجزية اتنهى . ولعله يريد على مذهب الشافعي .
وأما عند الحنفية والزيدية فإنهم يقولون يؤخذ من تجار أهلالذمة نصف عشر ما يتجرون به هلالذمة نصف عشر ما يتجرون به إذا كان ذلك الإتجالر باماننا ويؤخذ من تجار أهل الحرب مقدار ما يأخذون من تجارنا فإن التبس المقدار وجب الاقتصار على العشر وقد أخرج البيهقي عن محمد بن سيرين أن أنس بن مالك قال له أبعثك على ما بعثني عليه عمر فقال لا أعمل لك عملا حتى تكتب لي عهد عمر الذي كان عهد إليك فكتب لي أن تأخذ لي من أموال المسلمين ربع العشر ومن أموال أهل الذمة إذا اختلفوا للتجارة نصف العشر ومن أموال أهل الحرب العشر .
وأخرج سعيد ابن منصور عن زياد بن حدير قال استعملني عمر بن الخطاب على العشور فأمرني أن أخذ من تجار أهل الحرب العشر ومن تجار أهل الذمة يصف العشر ومن تجار المسلمين ربع العشر وأخرج مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه كان عمر يأخذ من القبط من الحنطة والزيت نصف العشر يريد بذلك أن يكثر الحمل إلى المدينة ولا يؤخذ ذلك منهم إلا في السنة مرة لظاهر اقترانه بربع العشر الذي على المسلمين وأما اشتراط النصاب والأنتقال بأمان المسلمين كما قاله جماعة من الزيدية فلم أقف في شيء من السنة أو أفعال أصحابه على ما يدل عليه وفعل عمر وإن لم يكن حجة لكنه قد عمل الناس به قاطبة فهو اجماع سكوتي . ويمكن أن يقال لا يسلم الإجماع على ذلك والأصل تحريم أموال أهل الذمة حتى يقوم دليل والحديث محتمل .
وقد استنبط المصنف C من حديث ابن عباس المذكور في الباب المنع من احداث بيعة أو كنيسة وأخرج البيهقي من طريق حزام بن معاوية قال كتب إلينا عمر أبو الخيل ولا يرفع بين ظهرانيكم الصليب ولا تجاوركم الخنازير وفي إسناده ضعف وأخرجه أيضا الحافظ الحراني وروى ابن عدي عن عمر مرفوعا لا تبني كنيسة في الإسلام ولا يجدد ما خرب منها .
وروى البيهقي عن ابن عباس كل مصر مصره المسلمون لا تبني فيه بيعة ولا كنيسة ولا يضرب فيه ناقوس ولا يباع فيه لحم خنزير وفي إسناده حنش وهو ضعيف .
وروى أبو عبيد في كتاب الأموال عن نافع عن أسلم أن عمر أمر في أهل الذمة أن تجز نواصيهم وأن يركبوا على الأكف عرضا ولا يركبوا كما يركب المسلمون وأن يوثقوا المناطق .
قال أبو عبيد يعني الزنانير وروى البيهقي عن عمر أنه كتب إلى امراء الأجناد أن يختموا رقاب أهل الذمة بخاتم الرصاص وأن تجز نواصيهم وأن تشد المناطق . وحديث أنس المذكور في الباب استدل به المصنف C على أن أرادة القتل من الذمي لا ينقض بها عهده لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقتلها بعد أن اعترفت بذلك والقصة معروفة في كتب السير والحديث والخلاف فيها مشهور .
وقد جزم بعض أهل العلم بأنه يقتل من سب النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أهل الذمة واستدل بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقتل من كان يشتمه من كفار قريش كما سبق وتعقبه ابن عبد البربان كفار قريش المأمور بقتلهم يوم الفتح كانوا حربيين .
وأخرج عبد الرزاق عن ابن جريج قال أخبرت أن أبا عبيدة بن الجراح وأبا هريرة قتلا كتابيين أرادا امرأة على نفسها مسلمة وروى البيهقي من طريق الشعبي عن سويد بن غفلة قال كنا عند عمر وهو أمير المؤمنين بالشام فأتى نبطي مضروب مشجج يستعدى فغضب عمر وقال لصهيب أنظر من صاحب هذا فذكر القصة فجيء به فإذا هو عوف ابن مالك فقال رأيته يسوق بامرأة مسلمة فنخس الحمار ليصرعها فلم تصرع ثم دفعها فخرت عن الحمار فغشيها ففعلت به ما ترى فقال عمر والله ما على هذا عاهدناكم فأمر به فصلب ثم قال يا أيها الناس فوا بذمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فمن فعل منهم هذا فلا ذمة له .
باب منع أهل الذمة من سكني الحجاز