- حديث علي تقدم في أول كتاب الدماء وقد أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم وأخرجه أيضا أحمد وأبو داود وابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا بلفظ " يد المسلمين على من سواهم تتكافأ دماؤهم ويجير عليهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم " ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث ابن عمر مطولا ورواه ابن ماجه من حديث معقل بن يسار مختصرا بلفظ " المسلمون يد على سواهم تتكافأ دماؤهم " ورواه الحاكم عن أبي هريرة مختصرا بلفظ " المسلمون تتكافأ دماؤهم " ورواه من حديثه أيضا مسلم بلفظ " إن ذمة المسلمين واحدة فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " وهو متفق عليه أيضا من حديث علي من طريق أخرى بأطول من هذا .
وأخرجه البخاري من حديث أنس وأخرجه ابن أبي شيبة من حديث أبي عبيدة بلفظ " يجير على المسلمين بعضهم " وفي إسناده حجاج بن أرطأة وهو ضعيف .
وأخرجه أيضا أحمد من حديث أبي أمامة بنحوه .
وأخرجه أيضا الطيالسي في مسنده من حديث عمرو ابن العاص بلفظ " يجير على المسلمين أدناهم " ورواه أحمد من حديث أبي هريرة وحديث أبي هريرة المذكور في الباب رواه الترمذي من طريق يحيى بن أكثم حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة فذكره ثم قال وفي الباب عن أم هانئ وهذا حديث حسن غريب انتهة .
وقد تقدم حديث أم هانئ قريبا .
وأخرج أبو داود والنسائي عن عائشة قالت إن كانت المرأة لتجير على المؤمنين فيجوز .
قوله : " يعرف به " في رواية للبخاري ينصب وفي إخراج له يرى . ولمسلم من حديث أبي سعيد عند أستة قال ابن منير كأنه عومل بنقيض قصده لأن عادة اللواء أن يكون على الرأس فنصبه عند السفل زيادة في فضيحته لأن الأعين غالبا تمتد إلى الألوية فيكون ذلك سببا لامتدادها للذي بدأت له ذلك اليوم فيزداد بها فضيحة . قوله " بقدر غدرته " قال في القاموس والغدرة بالضم والكسر ما أغدر من شيء .
قال القرطبي هذا خطاب منه للعرب بنحو ما كانت تفعل لأنهم كانوا يرفعون للوفاءراية بيضاء وللغدر راية سوداء ليلوموا الغادر ويذموه فاقتضى الحديث وقوع مثل ذلك للغادر ليشتهر بصفته في القيامة فيذمه أهل الموقف وقد زاد مسلم في رواية له " يقال هذه غدرة فلان " قال في الفتح وأما الوفاء فلم يرد فيه شيء ولا يبعد أن يقع كذلك وقد ثبت لواء الحمد لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم وفي حديث أنس وحديث أبي سعيد دليل على تحريم الغدر وغلظه ولا سيما من صاحب الولاية العامة لأن غدره يتعدى صرره إلى خلق كثير ولأنه غير مضطر إلى الغدر لقدرته على الوفاء قال القاضي عياض المشهوران هذا الحديث ورد في ذم الإمام إذا غدر في عهود لرعيته أو لمقابلة أو للأمامة التي تقلدها والتزم القيام بها فمن حاف فيها أو ترك الرفق فقد غدر بعهده وقيل المراد نهي الرعية عن الغدر بالإمام فلا تخرج عليه ولا تتعرض لمعصية لما يترتب على ذلك من الفتنة قال والصحيح الأول .
قال الحافظ ولا أدري ما المانع من حمل الخبر على أعم من ذلك . وحكي في الفتح في موضع آخر أن الغدر حرام بالاتفاق سواء كان في حق المسلم أو الذمي .
قوله : " يسعى بها أدناهم " أي أقلهم فدخل كل وضيع بالنص وكل شريف بالفحوى ودخل في الأدنى المرأة والعبد والصبي والمجنون فأما المرأة فيدل على ذلك حديث أبي هريرة وحديث أم هانئ المتقدم قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على جواز أمان المرأة إلا شيئا ذكره عبد الملك ابن الماجشون صاحب مالك لا أحفظ ذلك عن غيره قال أن أمر الأمان إلى الأمام وتأول ما ورد مما يخالف ذلك على قضايا خاصة قال ابن المنذر وفي قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم " يسعى بذمتهم أدناهم " دلالة على إغفال هذا القائل قال في الفتح وجاء عن سحنون مثل قول ابن الماجشون فقال هو إلى الأمام إن أجازه جاز وإن رده رد انتهى .
وأما العبد فأجاز الجمهور امانه قاتل أو لم يقاتل وقال أبو حنيفة أن قاتل جاز أمانه وإلا فلا وقال سحنون إن إذن له سيده في القتال صح أمانه وإلا فلا .
وأما الصبي فقال ابن المنذر أجمع أهل العلم أن أمان الصبي غير جائز قال الحافظ وكلام غيره يشعر بالتفرقة بين المراهق وغيره وكذا المميز الذي يعقل والخلاف عن المالكية والحنابلة وأما المجنون فلا يصح أمانه بلا خلاف كالكافر لكن قال الأوزاعي إن غزا الزمن مع المسلمين فأمن أحدا فإن شاء الإمام أمضاه وإلا فليرده إلى مأمنه . وحكى ابن المنذر عن الثوري أنه استثنى من الرجال الأحرار الأسير في أرض الحرب فقال لا ينفذ أمانه وكذلك الأجير