- حديث عباس الثاني أخرجه أيضا النسائي والحاكم وسكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في التلخيص ورجاله ثقات إلا أبا العنبس وهو مقبول . وحديث عائشة أخرجه أيضا الحاكم وفي إسناده محمد بن إسحاق . وحديث عمران بن حصين أخرجه أيضا مسلم مطولا كما سيأتي وأخرجه ابن حبان مختصرا وحديث ابن عباس الثالث في إسناده علي بن عاصم وهو كثير الغلط والخطأ وقد وثقه أحمد .
وفي الباب عن أمير المؤمنين علي Bه عند الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال أن جبريل هبط فقال خيرهم يعني أصحابك في أساري بدر القتل أو الفداء على أن يقتل منهم قابل مثلهم قالوا الفداء ويقتل منا قال الترمذي .
وفي الباب عن ابن مسعود وأنس وابن برزة الأسلمي وجبير بن مطعم قال هذا يعني حديث على حديث حسنغريب من حديث الثوري لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي زائدة . ورواه أبو أسامة عن هشام عن ابن سيرين عن عبيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحوه وروى ابن عون عن ابن سيرين عن عبيدة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحوه مرسلا .
وأخرج أبو داود والنسائي والحاكم من حديث أنس صلى الله عليه وآله وسلم استشار الناس في أساري بدر فقال أبو بكر أرى أن تعفو عنهم وتقبل منهم الفداء وأخرج البخاري عن أنس " أن رجالا من الأنصار استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا أتأذن لنا فلنترك لابن أختنا عباس فداءه فقال لا تدعوا منه درهما " وأخرج البيهقي من حديث ابن عباس أنه قال في قوله تعالى { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } إن ذلك كان يوم بدر والمسلمون كانوا في قلة فلما كثروا واشتد سلطانهم أنزل الله تعالى { فأما منا بعد وأما فداء } فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم المؤمنين بالخيار فيهم إن شاؤا قتلوهم وإن شاؤا استعبدوهم وإن شاؤا فادوهم وفي إسناده علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وهو لم يسمع منه لكنه إنما أخذ التفسير عن ثقات أصحابه كمجاهد وغيره وقد اعتمدهما البخاري وأبو حاتم وغيرهما في التفسير .
وأخرج أبو داود عن ابن عباس من وجه آخر قال حدثني عمر بن الخطاب : قال لما كان يوم بدر فأخذ يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم الفداء أنزل الله تعالى ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض إلى قوله عذاب أليم ثم أحل لهم الغنائم .
قوله : " لما أسروا الأسارى " قد ساق ابن إسحاق في المغازي تفصيل أمر فداء الأسارى فذكر ما يشفي ويكفي .
قوله : " قاعدين يبكيان " إنما وقع البماء منه صلى الله عليه وآله وسلم ومن أبى بكر لما أنزل الله من المعاتبة ولما وقع من عرض العذاب على الذين أخذوا الفداء كما في الحديث المذكور .
قوله : " من بني عقيل " بضم العين المهملة كذا في المشارق .
قوله : " بذحل " بفتح الذال المعجمة وسكون الحاء المهملة قال في مختصر النهاية الذحل الوتر وطلب المكافأة بجناية جنت عليه .
وقال في القاموس الذحل الثأر أو طلب مكافأة بجناية جنت عليك أو عداوة أتت إليك أو العداوة والحقد الجمع إذحال وذحول .
وقد استدل المصنف بالأحاديث التي ذكرها على ما ترجم به من المن والفداء في حق الأسارى ومذهب الجمهور أن الأمر في الأسارى الكفرة من الرجال إلى الإمام بفعل ما هو الأحظ للإسلام والمسلمين .
وقال الزهري ومجاهد وطائفة لا يجوز أخذ الفداء من أسرى الكفار أصلا وعن الحسن وعطاء لا تقتل الأسرى بل يتخير بين المن والفداء وعن مالك لا يجوز المن بغير فداء وعن الحنفية لا يجوز المن أصلا لا بفداء ولا بغيره قال الطحاوي وظاهر الآية يعني قوله تعالى { فأما منا بعد مأما فداء } حجة للجمهور وكذا حديث أبي هريرة في قصة ثمامة المذكور في أول الباب وقال أبو بكر الرازي احتج أصحابنا لكراهة فداء المشركين بالمال بقوله تعالى { لولا كتاب من الله سبق } الآية ولا حجة لهم في ذلك لأنه كان قبل حل الغنيمة كما قدمنا عن ابن عباس والحاصل أن القرآن والسنة قاضيان بما ذهب إليه الجمهور فإنه قد وقع منه صلى الله عليه وآله وسلم المن وأخذ الفداء كما في أحاديث الباب ووقع منه القتل فإنه قتل النضر بن الحرث وعقبة بن أبي معيط وغيرهما ووقع منه فداء رجلين من المسلمين برجل من المشركين كما في حديث عمران بن حصين قال الترمذي بعد أن ساق حديث عمران بن حصين المذكور والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وغيرهم أن للإمام أن بمن على من شاء من الأسارى ويقتل من شاء منهم ويفدي من شاء واختار بعض أهل العلم القتل على الفداء قال قال الأوزاعي بلغني أن هذه الآية منسوخة يعني قوله ( فأما منا بعد مإما فداء ) نسخها قوله ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) حدثنا بذلك هناد اخبرنا ابن المبارك عن الأوزاعي قال إسحاق بن منصور قلت لأحمد إذا أسر الأسير يقتل أو يفادي أحب إليك قال أن قدر أن يفادي فليس به بأس وإن قتل فما أعلم به بأسا قال إسحاق بن إبراهيم الأثخان أحب إلي إلا أن يكون معروفا طمع به الكثير انتهى .
وقد ذهب إلى جواز فك الأسير من الكفار بالأسير من المسلمين جمهور أهل العلم لحديث عمران بن حصين المذكور