- قوله " سلما " بفتح السين المهملة واللام عن بعضهم وعن الأكثرين بسكون اللام يعني مع كسر السين والأول أصوب والسلم الأسير لأنه أسلم والسلم الصلح كذا في المشارق .
قوله : " لو كان المطعم " الخ إنما قال صلى الله عليه وآله وسلم كذلك لأنها كانت للمطعم عنده يد وهي إنه دخل صلى الله عليه وآله وسلم في جواره لما رجع من الطائف فأراد أن يكافئه بها والمطعم المذكور هو والد جبير الراوي لهذا الحديث والنتني جمع نتن بالنون والتاء المثناة من فوق المراد بهم أسارى بدر وصفهم بالنتن لما هم عليه من الشرك كما وصفوا بالنجس .
قوله : " لتركتهم له " يعني بغير فداء وبين السبب في ذلك ابن شاهين بنحو ما قدمنا .
وقد ذكر ابن إسحاق القصة في ذلك مبسوطة وكذلك الفاكهي بإسناد حسن مرسل وفيه أن المطعم أمر أولاده الأربعة فلبسوا السلاح وقام كل واحد منهم عند ركن من الكعبة فبلغ ذلك قريشا فقالوا له أنت الرجل لا تخفر ذمتك وقيل أن اليد التي كانت له أنه كان من أشد من سعى في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش في قطيعة بني هاشم ومن معهم من المسلمين حين حصروهم في الشعب .
قوله : " بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيلا " الخ زعم سيف في كتاب الرده له أن الذي أخذ ثمامة وأسره هو العباس بن عبد المطلب قال في الفتح وفيه نظر لأن العباس إنما قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في زمان فتح مكة وقصة ثمامة تقتضي أنها كانت قبل ذلك بحيث اعتمر ثمامة ثم رجع إلى بلاده ثم منعهم أن يميروا أهل مكة ثم شكا أهل مكة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك قم بعث يشفع فيهم عند ثمامة .
قوله : " من بني حنيفة " هو ابن لجيم بجيم ابن صهيد بن علي بن بكر بن وائل وهي قبيلة كبيرة مشهورة ينزلون اليمامة بين مكة واليمن .
قوله : " ثمامة " بضم المثلثة وأثاله بضم الهمزة وبمثلثة خفيفة وهو ابن النعمان ابن مسيلمة الحنفي وهو من فضلاء الصحابة .
قوله : " ماذا عندك " أي أي شيء عندك ويحتمل أن تكون ما استفهامية وذا موصولة وعندك صلة أي ما الذي استقر في ظنك أن أفعله بك فأجابه بأنه ظن خيرا فقال عندي يا محمد خير أي لأنك لست ممن يظلم بل ممن يعفو ويحسن .
قوله : " تقتل ذا دم " بمهملة وتخفيف الميم للأكثر وللكشميهني ذم بمعجمة بعدها ميم مشددة .
قال النووي معنى رواية الأكثر أن تقتل تقتل ذا دم بمهملة أي صاحب دم لدمه موقع يستشفي قتله بقتله ويدرك ثأره لرياسته وعظمته ويؤتمل أن يكون المعنى عليه دم وهو مطلوب به فلا لوم عليك في قتله وأما الرواية بالمعجمة فمعناها ذا ذمة وثبت ذلك في رواية أبو داود وضعفها عياض لأنه ينقلب المعنى لأنه إذا كان ذا ذمة يمتنع قتله وقال النووي يمكن تصحيحها بأن يحمل على الوجه الأول والمراد بالذمة الحرمة في قومه . وأوجه الجميع الثاني لأنه مشاكل لقوله بعد ذلك وإن تنعم تنعم على شاكر وجميع ذلك تفصيل لقوله عندي خير وفعل الشرط إذا كرر في الجزاء دل على فخامة الأمر قوله " قال عندي ما قلت لك أن تنعم " الخ قدم في اليوم الأول القتل وفي اليومين الآخرين الأنعام وفي ذلك نكتة وهي أنه قدم أول يوم أشق الأمرين عليه وأشفاهما لصبر خصومه وهو القتل فلما لم يقع قدم الأنعام استعطافا وكأنه رأى في اليوم الأول إمارات الغضب دون اليومين الآخرين .
قوله : " اطلقوا ثمامة " في رواية ابن إسحاق قال قد عفوت عنك يا ثمامة وأعتقتك وزاد أيضا أنه لما كان في الأسر جمعوا ما كان في أهل النبي صلى الله عليه وآله وسلم من طعام ولبن فلم يقع ذلك من ثمامة موقعه فلما أسلم جاؤا بالطعام فلم يصب منه إلا قليلا فتعجبوا فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم " إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء وإن المسلم يأكل في معي واحد " قوله " فبشره " أي بخير الدنيا واللآخرة أو بشهر بالجنة أو بمحو ذنوبه وتبعاته السابقة .
قوله : " صبوت " هذا اللفظ كانوا يطلقونه على من أسلم وأصله يقال لمن دخل في دين الصابئة وهم فرقة معروفة .
قوله " لا ولكن أسلمت " الخ كأنه قال لا ما خرجت من الدين لأن عبادة الأوثان ليست دينا فإذا تركتها أكون قد خرجت من دين بل استحدثت دين الإسلام . وقوله " مع محمد " أي وافقته على دينه فصرنا متصاحبين في الإسلام .
وفي رواية ابن هشام ولكني تبعت خير الدين دين محمد .
قوله : " ولا والله فيه حذف تقديره والله لا أرجع إلى دينكم ولا أرفق بكم فأترك الميرة تأتيكم من اليمامة قوله " حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " زاد ابن هشام ثم خرج إلى اليمامة فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئا فكتبوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنك تأمر بصلة الرحم فكتب إلى ثمامة أن يخلي فيما بينهم وبين الحمل إليهم وفي هذه القصة من الفوائد ربط الكافر في المسجد والمن على الأسير الكافر وتعظيم أمر العفو عن المسئ لأن ثمامة أقسم أن بغضة القلب انقلبت حبا في ساعة واحدة لما أسداه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليه من العفو والمن بغير مقابل وفيه الأغتسال عند الإسلام وإن الإحسان يزيل البغض ويثبت الحب وإن الكافر إذا أراد عمل خير ثم أسلم له أن يستمر في عمل ذلك الخير وفيه الملاطفة لمن يرجى إسلامه من الأسارى إن كان في ذلك مصلحة للإسلام ولا سيما من يتبعه على إسلامه العدد الكثير من قومه وفيه بعث السرايا إلى بلاد الكفار وأسر من وجد منهم والتخيير بعد ذلك في قتله والإبقاء عليه