8 - وعن ابن مسعود قال " نفلني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر سيف أبي جهل كان قتله " .
- رواه أبو داود ولأحمد معناه وإنما أدرك ابن مسعود أبا جهل وبه رمق فأجهز عليه روى معنى ذلك أبو داود وغيره .
- حديث ابن مسعود هو من رواية ابنه أبي عبيدة عن أبيه عبد الله ابن مسعود أنه وجد أبا جهل يوم بدر وقد ضربت رجله وهو صريع يذب الناس عنه بسيف له فأخذه عبد الله بن مسعود فقتله به فنفله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسلبه .
قوله : " حديثة " أسنانهما بالجرصفة لغلامين وأسنانهما بالرفع .
قوله : " بين أضلع منهما " من الضلاعة وهي القوة قال في النهاية معناه بين رجلين أقوى من اللذين كنت بينهما وأشد . ووقع في رواية الحموي بين أصلح منهما بالصاد والحاء المهملتين .
قوله : " لا يفارق سوادي سواده " السواد بفتح السين المهملة وهو الشخص .
قوله : " حتى يموت الأعجل منا " أي الأقرب أجلا وقيل أن لفظ الأعجل تصحيف وإنما هو الأعجر وهو الذي يقع في كلام العرب كثيرا قال في الفتح والصواب ما وقع في الرواية لوضوح معناه .
قوله : " فنظر في السيفين " قال المهلب نظره صلى الله عليه وآله وسلم في السيفين واستلا له لهما ليرى ما بلغ الدم من سيفيهما ومقدار عمق دخولهما في جسم المقتول ليحكم بالسلب لمن كان في ذلك أبلغ ولذلك سألهما أولا هل مسحتما سيفكما أم لأنهما لو مسحاهما لما تبين المراد من ذلك .
وقد استشكل ما وقع منه صلى الله عليه وآله وسلم من القضاء بالسلب لأحدهما بعد حكمه بأن كلا منهما قتله حتى استدل بذلك من قال أن إعطاء السلب مفوض إلى رأي الإمام وقرره الطحاوي وغيره بأنه لو كان يجب للقاتل لكان السلب مستحقا بالقتل ولجعله بينهما لاشتراكهما في قتله فلما خص به أحدهما دل على أنه لا يستحق بالقتل وإنما يستحق بتعيين الإمام وأجاب الجمهور بأن في السياق دلالة على أن السلب يستحقه من أثخن في الجرح ولو شاركه غيره في الضرب أو الطعن قال المهلب وإنما قال كلا كما قتلته وإن كان أحدهما هو الذي أثخنه لنطييب نفس الآخر .
وقال الإسماعيلي أقول أن الأنصاريين ضرباه فأثخناه فبلغا به المبلغ الذي يعلم معه أنه لا يجوز بقاؤه على تلك الحال إلا قدر ما يطفأ وقد دل قوله كلا كما قتله على أن كلا منهما وصل إلى قطع الحشوة وإبانتها ولما لم يعلم أن عمل كل من سيفيهما كعمل الآخر غير أن أحدهما سبق بالضرب فصار في حكم المثبت بجراحته حتى وقعت به ضربة الثاني فاشتركا في القتل إلا أن أحدهما قتله وهو ممتنع والآخر قتله وهو مثبت فلذلك قضى بالسلب للسابق إلى إثخانه .
وقد أخرج الحاكم من طريق ابن إسحاق حدثني ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال قال معاذ بن عمرو بن الجموح سمعتهم يقولون أبو جهل لا يخلص إليه فجعلته من شأني فعمدت نحوه فلما أمكنني حملت عليه فضربته ضربة اطنت قدمه وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي قال ثم عاش معاذ إلى وقت عثمان قال ومر بأبي جهل معوذ بن عفراو فضربه حتى أثبته وبه رمق ثم قال معوذ حتى قتل فمر عبد الله بن مسعود بأبي جهل لعنه الله فوجده بآخر رمق فذكر ما تقدم فقال في الفتح فهذا الذي رواه ابن إسحاق يجمع بين الأحاديث لكنه يخالف ما في الصحيح من حديث عبد الرحمن ابن عوف فإنه رأى معاذا ومعوذا شدا عليه جميعا طرحاه وابن إسحاق يقول إن ابن عفراء هو معوذ بتشديد الواو والذي في الصحيح معاذ فيحتمل أن يكون معاذ بن عفراء شد عليه مع معاذ بن عرو كما في الصحيح وضربه بعد ذلك معوذ حتى أثبته ثم حز رأسه ابن مسعود فتجتمع الأقوال كلها وإطلاق كونها قتلاه يخالف في الظاهر حديث ابن مسعود إنه وجده وبه رمق وهو محمول على أنهما بلغا به بضربهما إياه بسيفيهما منزلة المقتول حتى لم يبق له إلا مثل حركة المذبوح وفي تلك الحالة لقيه ابن مسعود فضرب عنقه .
وأما ما وقع عند موسى بن عقبة وكذا عند أبي الأسود عن عروة إن ابن مسعود وجد أبا جهل مصروعا بينه وبين المعركة غير كثير متقنعا في الحديد واضعا سيفه على فخذه لا يتحرك منه عضو فظن عبد الله أنه ميت جراحا فأتاه من ورائه فتناول قائم سيف أبي جهل فاستله ورفع بعضد أبي جهل عن قفاه فضربه فوقع رأسه بين يديه فيحمل على أن ذلك وقع له بعد أن خاطبه بما تقدم .
قوله : " والرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ ابن عفراء " وقع في البخاري في الخمس أنهما ابنا عفراء فقيل إن عفراء أم معاذ واسم أبيه الحرث وأما معاذ بن عمرو بن الجموح فليس اسم أمه عفراء وإنما اطلق عليه تغليبا ويحتمل أن تكون أم معاذ أيضا تسمى عفراء وإنه لما كان لمعوذ أخ يسمى معاذا باسم الذي شركه في قتل أبي جهل " ظنه الراوي أخاهت .
قوله : " نفلني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر سيف أبي جهل يمكن الجمع بأنه صلى الله عليه وآله وسلم نفل ابن مسعود سيفه الذي قتله به فقط وعلى ذلك يحمل قوله في رواية أحمد فنفلني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسلبه جمعا بين الأحاديث