- حديث أنس سكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح وتمامه " ولقي أبو طلحة أم سليم ومعها خنجر فقال يا أم سليم ما هذا معك قالت أردت والله إن دنا مني بعضهم أبعج به بطنه فأخبر بذلك أبو طلحة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " وأخرج قصة أم سليم مسلم أيضا . وحديث عوف وخالد أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يخمس السلب أخرجه أيضا ابن حبان والطبراني قال حافظ بعد ذكره في التلخيص ما لفظه وهو ثابت في صحيح مسلم في حديث طويل فيه قصة لعوف بن مالك مع خالد بن الوليد اه .
وفيه نظر فإن هذا اللفظ الذي هو محل الحجة لم يكن في صحيح مسلم بل الذي فيه هو ما سيأتي قريبا وفي إسناد هذا الحديث إسماعيل بن عياش وفيه كلام معروف قد تقدم ذكره مرارا .
قوله : " جولة " بفتح الجيم وسكون الواو أي حركة فيها اختلاط وهذه الجولة كانت قبل الهزيمة .
قوله : " فرأيت رجلا من المشركين " قد علا رجلا من المسلمين " قال الحافظ لم أقف على اسميهما .
قوله : " على حبل عاتقه " حبل العاتق عصبه والعاتق موضع الرداء من المنكب .
قوله : " وجدت منها ريح الموت " أي من شدتها وأشعر ذلك بأن هذا المشرك كان شديد القوة جدا قوله " فأرسلني " أي أطلقني قوله " فحلقت عمر بن الخطاب " الخ في السياق حذف تبينه الرواية الأخرى من حديثه في البخاري وغيره بلفظ " ثم قتلته وانهزم المسلمون وانهزمت معهم فإذا بعمر بن الخطاب " .
قوله : " أمر الله " أي حكم الله وما قضى به .
قوله : " فله سلبه " السلب بفتح المهملة واللام بعدها موحدة هو ما يوجد مع المحارب من ملبوس وغيره عند الجمهور وعن أحمد لا تدخل الدابة وعن الشافعي يختص بأداة الحرب .
وقد ذهب الجمهور أيضا إلى أن القاتل يستحق السلب سواء قال أمير الجيش قبل ذلك من قتل قتيلا فله سلبه أم لا . وذهبت العترة والحنفية والمالكية إلى أنه لا يستحقه القاتل إلا أن شرط له الإمام ذلك وروى عن مالك أنه يخير الإمام بين أن يعطى القاتل السلب أو يخمسه واختاره القاضي إسماعيل وعن إسحاق إذا كثرت الأسلاب خمست . وعن مكحول والثوري يخمس مطلقا وقد حكى عن الشافعي أيضا وحكاه في البحر عن ابن عمر وابن عباس والقاسمية . وحكى أيضا عن أبي حنيفة وأصحابه والشافعي والإمام يحيى أنه لا يخمس . وحكى أيضا عن علي مثل قول إسحاق ( واحتج ) القائلون بتخميس السلب بعموم قوله تعالى { واعلموا إنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه } الآية فإنه لم يستثن شيئا . واستدل من قال أنه لا خمس فيه بحديث عوف بن مالك وخالد المذكوز في الباب وجعلوه مخصصا لعموم الآية .
قوله : " فقال رجل من القوم " قال الواقدي اسمه أسود من خزاعة .
قال الحافظ وفيه نظر لأن في الرواية الصحيحة أن الذي أخذ السلب قرشي .
قوله : " لاها الله " قال الجوهري ها للتنبيه وقد يقسم بها يقال لاها الله ما فعلت كذا .
قال ابن مالك فيه شاهد على جواز الأستغناء عن واو القسم بحرف التنبيه قال ولا يكون ذلك إلا مع الله أي لم يسمع لاها الرحمن كما سمع لا والرحمن قال وفي النطق بها أربعة أوجه . أحدها ها الله باللام بعد الهاء بغير إظهار شيء من الألفين . ثانيها مثله لكن بإظهار ألف واحده بغير همز كقولهم التقت حلقتا البطان . ثالثا ثبوت الألفين بهمزة قطع . رابعها بحذف الألف وثبوت همزة القطع اه .
قال الحافظ والمشهور في الرواية من هذه الأوجه الثالث ثم الأول .
وقال أبو حاتم السجستاني العرب تقول لا ها الله ذا بالهمزة والقياس ترك الهمزة . وحكى ابن التين عن الداودي أنه رواه برفع الله قال والمعنى يأبى الله وقال غيره إن ثبتت الرواية بالرفع فتكون ها للتنبيه والله مبتدأ ولا يعمد خبره ولا يخفى تكلفه .
قال الحافظ وقد نقل الأئمة الاتفاق على الجر فلا يلتفت إلى غيره قال وأما إذا فثبت في جميع الروايات المعتمدة والأصول المحققة من الصحيحين وغيرهما بكسر الألف ثم ذال معجمة منونة .
وقال الخطابي هكذا يروونه وإنما هو في كلامهم أي العرب لا ها الله ذا والهاء فيه بمنزلة الواو والمعنى لا والله يكون ذا ونقل عياض في المشارق عن إسماعيل القاضي أن المازني قال قول الرواة لا ها الله إذا خطأ والصواب لا ها الله ذا أي ذا يميني وقسمي .
وقال أبو زيد ليس في كلامهم لا ها الله إذا وإنما هو لا ها الله ذا وذا صلة في الكلام والمعنى لا والله هذا ما أقسم به ومنه أخذ الجوهري فقال قولهم لا ها الله ذا معناه لا والله هذا ففرقوا بين حرف التنبيه والصلة والتقدير لا والله ما فعلت ذا وتوارد كثير ممن تكلم على هذا الحديث على أن الذي وقع في الحديث بلفظ إذا خطأ وإنما هو ذا تبعا لأهل العربية ومن زعم أنه ورد في شيء من الروايات خلاف ذلك فلم يصب بل يكون ذلك من إصلاح من قلد أهل العربية .
وقد أختلف في كتابة إذا هذه هل تكتب بألف أو بنون وهذا الخلاف مبني على أنها اسم أو حرف قال الأصل فيمن قيل له سأجيء إليك فأجاب إذا أكرمك أي إذا جئتني أكرمك ثم حذف جئتني وعوض عنه التنوين وأضمرت أن فعلى هذا تكتب بالنون ومن قال هي حرف وهم الجمهور اختلف فمنهم من قال هي بسيطة وهو الراجح ومنهم من قال مركبة من إذ وأن فعلى الأولى تكتب بالألف وهو الراجح وبه وقع رسم المصاحف وعلى الثاني تكتب بنون واختلف في معناها فقال سيبويه معناها الجواب والجزاء وتبعه جماعة فقالوا هي حرف جواب يقتضي التعليل وأفاد أبو علي الفارسي أنها قد تتمحض للتعليل وأكثر ما تجيء جواب لو وأن ظاهرا أو مقدارا قال في الفتح فعلى هذا لو ثبتت الرواية بلفظ إذا لاختل نظم الكلام لأنه يصير هكذا لا والله إذا لا يعمد إلى أسد الخ وكان حق السياق أن يقول إذا يعمد أي لو أجابك إلى ما طلبت لعمد إلى أسد الخ وقد ثبتت الرواية بلفظ لا يعمد الخ فمن ثم أدعى من أدعى أنها تغيير ولكن قال ابن مالك وقع في الرواية إذا بألف وتنوين وليس ببعيد وقال أبو البقاء هو بعيد ولكن يمكن أن وجه بأن التقدير لا والله لا يعطى إذا ويكون لا يعمد الخ تأكيدا للنفي المذكور وموضحا للسبب فيه وقال الطيبي ثبتت في الرواية لا ها الله إذا فحمله بعض النحويين على أنه من تغيير بعض الرواة لأن العرب لا تستعمل لا ها الله بدون ذا وإن سلم استعماله بدون ذا فليس هذا موضع إذا لأنها حرف جزاء ومقتضى الجزاء أن لا يذكر لا في قوله لا يعمد بل كانوا يقولون إذا يعمد إلى أسد الخ ليصح جوابا لطالب السلب .
قال والحديث صحيح والمعنى صحيح وهو كقولك لمن قال لك افعل كذا فقلت له والله لا أفعل فالتقدير والله إذا لا يعمد إلى اسد قال ويحتمل أن تكون إذا زائدة كما قال أبو البقاء أنها زائدة في قول حماسي . إذا لقام بنصري معشر خشن في جواب قوله . لو كنت من مازن لم تستبح إبلي .
قال والعجب ممن يعتني بشرح الحديث ويقدم نقل بعض الأدباء على أئمة الحديث وجها بذاته وينسبون إليهم الغلط والتصحيف ولا أقول أن جهابذة المحدثين أعدل وأتقن في النقل إذ يقتضي المشاركة بينهم بل أقول لا يجوز العدول عنهم في النقل إلى غيرهم وقد سبقه إلى مثل ذلك القرطبي في المفهم فإنه قال وقع في رواية في مسلم لا ها الله ذا بغير ألف ولا تنوين وهو الذي جزم به من ذكرناه يعني من قدم النقل عنه من أئمة العرب قال والذي يظهر لي أن الرواية المسهورة صواب وليست بخطأ وذلك أن هذا الكلام وقع على جواب إحدى الكلمتين للأخرى والهاء هي التي عوض بها عن واو القسم وذلك ان العرب تقول في القسم الله لأفعلن بمد الهمزة وبقصرها فكأنهم عوضوا عن الهمزة هاء فقالوا ها الله لتقارب مخرجهما وكذلك قالوها بالمد والقصر وتحقيقه أن الذي مد مع الهاء كأنه نطق بهمزتين أبدل من إحداهما ألفا استثقالا لاجتماعهما كما يقول الله والذي قصر كأنه نطق بهمزة واحدة كما يقول الله .
وأما " إذا " فهي بلا شك حرف جواب وتعليل وهي مثل التي وقعت في قوله صلى الله عليه وآله وسلم وقد سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال " أينقص الرطب إذا جف " قالوا " نعم " قال " فلا إذا " قال فلا والله إذا لكان مساويا لما وقع هنا وهو لا ها الله إذا من كل وجه ولكنه لم يحتج هنا إلى القسم فتركه قال فقد وضح تقرير الكلام ومناسبته واستقامته معنى ووضعا من غير حاجة إلى تكلف بعيد يخرج عن البلاغة ولا سيما من أرتكب أبعد وأفسد فجعل الهاء للتنبيه وذا للإشارة وفصل بينهما بالقسم به وقال ليس هذا قياسا فيطرد ولا فصيحا فيحمل عليه الكلام النبوي ولا مرويا برواية ثابتة قال وما جدوى للعذرى وغيره في مسلم فإصلاح ممن اغتر بما حكى عن أهل العربية والحق أحق أن يتبع .
قال في الفتح قال أبو جعفر الغرناطي في حاشية نسختهمن البخاري استرسل جماعة من القدماء في هذا الإشكال إلى أن جعلوا المخلص منه أن اتهموا الإثبات بالتصحيف فقالوا والصواب لا ها الله ذا باسم الإشارة قال ويا عجباه من قوم يقبلون التشكيك على الروايات الثابتة ويطلبون لها تأويلا وجوابهم أن ها الله لا يستلزم اسم إشارة كما قال أبو مالك وأما جعل لا يعمد جواب فأرضه فهو سبب الغلط وليس بصحيح من زعمه وإنما هو جواب شرط مقدر يدل عليه قوله صدق فأرضه فكان أبا بكر قال إذا صدق في أنه صاحب السلب إذ لا يعمد إلى السلب فيعطيك حقه فالجزاء على هذا صحيح لأن صدقه سبب أن لا يفعل ذلك قال وهذا لا تكلف فيه انتهى .
قال الحافظ في الفتح وهو توجيه حسن والذي قبله أقعد ويؤيد ما رجحه من الاعتماد على ما ثبتت به الرواية كثرة وقوع هذه الجملة في كثير من الأحاديث منها ما وقع في حديث عائشة في قصة بريرة لما ذكرت أن أهلها يشترطون الولاء قالت فانتهرتها قالت لا ها الله إذا ومنها ما وقع في حديث جليبيب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب عليه امرأة من الأنصار إلى أبيها فقال حتى أستأمر أمها قال فنعم إذا قال فذهب إلى امرأته فذكر لها ذلك فقالت لا ها الله إذا وقد منعناها فلانا الحديث صححه ابن حبان من حديث أنس ومنها ما أخرجه أحمد في الزهد قال مالك بن دينار للحسن يا أبا سعيد أو ليست مثل عباءتي هذه قال لا ها الله إذا لا ألبس مثل عباءتك هذه وغير ذلك من الأحاديث والراجح أن إذا الواقعة في حديث الباب وما شابهه حرف جواب وجزاء والتقدير لا الله حينئذ ثم أراد بيان السبب في ذلك فقال لا يعمد إلى أسد الخ . قوله " لا يعمد " الخ معناه لا يقصد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى رجل كأنه أسد في الشجاعة يقاتل عن دين الله ورسوله فيأخذ حقه ويعطيك بغير طيبة من نفسه هكذا ضبط للأكثر بالتحتانية في يعمد وفي يعطيك وضبطه النووي بالنون فيهما .
قوله : " فيعطيك سلبه " أي سلب قتيله وأضافه إليه باعتبار أنه ملكه .
قوله : " فابتعت به " ذكر الواقدي أن الذي اشتراه منه حاطب بن أبي بلتعة وأن الثمن كان سبع أواق قوله " مخرفا " بفتح الميم والراء ويجوز كسر الراء أي بستانا سمي بذلك لأنه يخترف منه التمر أي يجتني وأنا بكسر الميم فهو اسم الآلة التي يخترف بها .
قوله : " في بني سلمة " بكسر اللام وهم بطن من الأنصار من قوم أبي قتادة .
قوله : " تأثلته " بمثناة ثم مثلثة أي أصلته وأثلة كل شيء أصله .
قوله : " من تفرد بدم رجل " فيه دليل على أنه لا يستحق السلب إلا من تفرد بقتل المسلوب فإن شاركه في ذلك غيره كان السلب لهما . قوله " لم يخمس السلب " فيه دليل لمن قال أنه لا يخمس السلب وقد تقدم الخلاف في ذلك