- حديث ابن عباس أخرجه أيضا الحاكم من طريق عبد الله بن أبي نجيح عن أبيه عنه .
قال في مجمع الزوائد أخرجه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجاله رجال الصحيح . وظاهر قوله إلا دعاهم يخلف حديث نافع عن ابن عمر " ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون " قوله " أو سرية " هي القطعة من الجيش تنفصل عنه ثم تعود إليه وقيل هي قطعة من الخيل زهاء أربعمائة كذا قال إبراهيم الحربي . وسميت سرية لأنها تسري ليلا على خفية .
قوله : " ولا تغلوا " بضم الغين أي لا تخونوا إذا غنمتم شيئا .
قوله : " ولا تغدروا " بكسر الدال وضمها وهو ضد الوفاء .
قوله : " وليدا " هو الصبي .
قوله : " فادعهم " وقع في نسخ مسلم ثم ادعهم .
قال عياض الصواب اسقاط ثم وقد اسقطها أبو عبيد في كتابه وأبو داود في سننه وغيرهما لأنه تفسير للخصال الثلاث .
وقال المازري أن ثم دخلت لاستفتاح الكلام وفي هذا دليل على أنه يشرع للإمام إذا أرسل للأمام إذا أرسل قومه إلى قتال الكفار ونحوهم أن يوصيهم بتقوى الله وينهاهم عن المعاصي المتعلقة بالقتال كالغلول والغدر والمثلة وقتل الصبيان وفيه دليل على وجوب تقديم دعاء الكفار إلى الإسلام قل المقاتلة وفي المسألة ثلاثة مذاهب . الأول أنه يجب تقديم الدعاء للكفار إلى الإسلام من غير فرق بين من بلغته الدعوة منهم ومن لم تبلغه وبه قال مالك والهادوية وغيرهم وظاهر الحديث معهم . والمذهب الثاني أنه لا يجب مطلقا وسيأتي في هذا الباب دليل من قال به . المذهب الثالث أنه يجب لمن لم تبلغهم الدعوة ولا يجب أن بلغتهم لكن يستحب قال ابن المنذر وهو قول جمهور أهل العلم وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على معناه وبه يجمع بين ما ظاهره الأختلاف من الأحاديث وقد زعم الإمام المهدي أن وجوب تقديم دعوة من لم تبلغه الدعوة مجمع عليه ويرد ذلك ما ذكرنا من المذاهب الثلاثة وقد حكاها المازري وأبو بكر بن العربي .
قوله : " ثم ادعهم إلى التحول " فيه ترغيب الكفار بعد اجابتهم وإسلامهم إلى الهجرة إلى ديار المسلمين لأن الوقوف بالبادية ربما كان سببا لعدم معرفة الشريعة لقلة من فيها من أهل العلم قوله " ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة شيء " الخ ظاهر هذا أنه لا يستحق من كان بالبادية ولم يهاجر نصيبا في الفيء والغنيمة إذا لم يجاهد وبه قال الشافعي وفرق بين مال الفىء والغنيمة وبين مال الزكاة وقال إن للإعراب حقا في الثاني دون الأول . وذهب مالك وأبو حنيفة والهادوية إلى عدم الفرق بينهما وأنه يجوز صرف كل واحد منهما في مصف الآخر . وزعم أبو عبيد أن هذا الحكم منسوخ وإنما كان في أوائل الإسلام وأجيب بمنع دعوى النسخ .
قوله : " فسلهم الجزية " ظاهره عدم الفرق بين الكافر العجمي والعربي والكتابي وإلى ذلك ذهب مالك والأوزاعي وجماعة من أهل العلم وخالفهم الشافعي فقال لا تقبل الجزية إلا من أهل الكتاب والمجوس عربا كانوا أو عجما واستدل بقوله تعالى { حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } بعد ذكر أهل الكتاب وقوله صلى الله عليه وآله وسلم " سنوا بهم سنة أهل الكتاب " وأما سائر المشركين فهم داخلون تحت عموم " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " وذهبت العترة وأبو حنيفة إلى أن الجزية لا تقبل من العربي غير الكتابي وتقبل من الكتابي ومن العجمي ولعله يأتي لهذا البحث مزيد بسط .
قوله : " ذمة الله " الذمة عقد الصلح والمهادنة وإنما نهى عن ذلك لئلا ينقض الذمة من لا يعرف حقها وينتهك حرمتها بعض من لا تمييز له من الجيش فيكون ذلك أشد لأن نقض ذمة الله ورسوله أشد من نقض ذمة أمير الجيش أو ذمة جميع الجيش وإن كان نقض الكل محرما .
قوله : " إن تخفروا " بضم التاء الفوقية وبعدها خاء معجمة ثم فاء مكسورة وراء يقال أخفرت الرجل إذا نقضت عهده وخفرته بمعنى أمنته وحميته .
قوله : " فلا تنزلهم على حكم الله " الخ هذا النهي محمول على التنزيه والاحتياط وكذلك الذي قبله والوجه ما سلف ولهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا .
وفيه دليل لمن قال إن الحق مع واحد وأن ليس كل مجتهد مصيب من الصواب لا من الإصابة .
وقد قيل إن هذا الحديث لا ينتهض للاستدلال به على أن ليس كل مجتهد مصيبا لأن ذلك كان في زمن النبي والأحكام الشرعية إذ ذاك لا تزال تنزل ونيسخ بعضها بعضا ويخصص بعضها ببعض فلا يؤمن أن ينزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم حكم خلاف الحكم الذي قد عرفه الناس