- حديث أبي هريرة رجال اسناده في سنن النائي ثقات وقد أشار إليه الترمذي فقال بعد إخراجه لحديث أبي قتادة وفي الباب عن أنس ومحمد بن جحش وأبي هريرة اه قوله " افضل الأعمال " فيه دليل على أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل من غيرهما من أعمال الخير وهو يعارض في الظاهر ما تقدم في الباب الأول ويتوجه الجمع بما سلف .
قوله : " نعم " فيه دليل على أن الجهاد بشرط أن يكون في سبيل الله مع الأحتساب وعدم الأنهزام من مكفرات جميع الذنوب والخطايا فيكون الشهيد بالشهادة مستحقا للمغفرة العامة إلا ما كان من الديون اللازمة للآدميين فإنها لا تغفر للشهيد ولا تسقط عنه بمجرد الشهادة وذلك لكونه حق الآدمي وسقوطه إنما يكون بضاء واختياره ولهذا امتنع صلى الله عليه وآله وسلم من الصلاة على من عليه دين كما تقدم في الضمانة ويلحق بالدين ما كان جقا لآدمي من دم أو عرض بجامع أن كل واحد حق لآدمي يتوقف سقوطه على اسقاطه .
قوله : " فإن جبريل قال لي ذلك " لعل الجواب منه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله نعم من غير استثناء كان بالأجتهاد ثم لما أخبره جبريل بما أخبر استعاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من السائل سؤاله ثم أخبره بأن استثناء الدين ليس هو من جهته وإنما هو بأمر الله له بذلك .
وقد استدل بأحاديث الباب على أنه لا يجوز لمن عليه دين أن يخرج إلى الجهاد إلا بأذن من له الدين لأنه حق لآدمي والجهاد حق لله تعالى وينبغي أن يلحق بذلك سائر حقوق الآدميين كما تقدم لعدم الفرق بين حق وحق . ووجه الاستدلال بأحاديث الباب على عدم جواز خروج المديون إلى الجهاد بغير أذن غريمه أن الدين يمنع من فائدة الشهادة وهي المغفرة العامة وذلك يبطل ثمرة الجهاد وقد أشار صاحب البحر إلى مثل ذلك فقال ومن عليه دين حال لم يخرج إلا بأذن الغريم لقوله صلى الله عليه وآله وسلم " نعم إلا الدين " الخبر فإذا منع الشهادة بطلت ثمرة الجهاد اه ولا يخفى أن بقاء الدين في ذمة الشهيد لا يمنع منالشهادة بل هو شهيد مغفور له ذنب إلا الدين وغفران ذنب واحد يصح جعله ثمرة للجهاد فكيف بمغفرة جميع الذنوب إلا واحدا منها فالقول بأن ثمرة الشهادة مغفرة جميع الذنوب ممنوع كما أن القول بأن عدم غفران ذنب واحد يمنع من الشهادة ويبطل ثمرة الجهاد ممنوع أيضا وغاية ما اشتملت عليه أحاديث الباب هو أن الشهيد يغفر له جميع ذنوبه إلا ذنب الدين وذلك لا يستلزم عدم جواز الخروج إلى الجهاد إلا بأذن من له الدين بل إن أحب المجاهد أن يكون جهاده سببا لمغفرة كل ذنب استأذن صاحب الدين في الخروج وإن رضي بأن يبعى عليه ذنب واحد منها جاز له الخروج بدون استئذان وهذا إذا كان الدين حالا وأما إذا كال مؤجلا ففي ذلك وجهان .
قال الإمام يحيى أصحهما يعتبر الأذن أيضا إذ الدين مانع للشهادة وقيل لا كالخروج للتجارة قال في البحر ويصح الرجوع عن الأذن قبل التحام القتال إذ الحق له لا بعده لما فيه من الوهن