- حديث أبي أمامة جود الحافظ إسناده في فتح الباري وقد أخرج أبو موسى في الصحابة عن لاحق بن ضميرة الباهلي قال وفدت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسأته عن الرجل يلتمس الأجر والذكر فقال لا شيء له في إسناده ضعيف .
وأخرج أبو داود من حديث أبو هريرة " أن رجل قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي عرضا من عرض الدنيا فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا أجر له فأعاد ذلك مرة أخرى ثم ثالثة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول لا أجر له " .
قوله : " يقاتل شجاعة " في رواية للبخاري في الجهاد والرجل يقاتل للذكر أي ليذكر بين الناس ويشتهر بالشجاعة .
قوله : " ويقاتل رياء " في رواية للبخاري والرجل يقاتل ليري مكانه ومرجعه إلى الرياء والمراد بالمقاتلة لأجل الحمية أن يقاتل لأجل من يقاتل لأجله من أهل أو عشيرة أو صاحب ويحتمل أن تفسر الحمية بالقتال لدفع المضرة والقتال غضبا لجلب المنفعة .
وفي رواية للبخاري والرجل يقاتل للمغنم وفي أخرى له والرجل يقاتل غضبا والحاصل من الروايات أن القاتل يقع بسبب خمسة أشياء طلب المغنم وإظهار الشجاعة والرياء والحمية والغضب وكل منها يتناوله المدح والذم ولهذا لم يحصل الجواب بالإثبات ولا بالنفي .
قوله : " من قاتل لتكوم كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " المراد بكلمة الله دعوة الله إلى الإسلام ويحتمل أن يكن المراد به أن لا يكون في سبيل الله إلا من كان سبب قتاله طلب إعلاء كلمة الله فقط . بمعنى أنه لو أضاف إلى ذلك سبب من السباب المذكورة أخل به . وصرح الطبري أنه لا يخل إذا حصل ضمنا لا أصلا ومقصودا به قال الجمهور كما حكاه صاحب الفتح لكنه يعكر على هذا ما في حديث أبي أمامة المذكور من أن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا ويمكن أن يحمل على قصد الأمرين معا على حد واحد فلا يخالف ما قاله الجمهور ( فالحاصل ) أنه إما أن يقصد الشيئين معا أو يقصد أحدهما فقط أو يقصد أحدهما ويحصل الآخر ضمنا والمحذزر أن يقصد غير الإعلاء سواء حصل الإعلاء ضمنا أو لم يحصل ودونه أن يقصدهما معا فإنه محذور على ما دل عليه حديث أبي أمامة والمطلوب أن يقصد الإعلاء فقط سواء حصل غير الإعلاء ضمنا أو لم يحصل .
قال ابن أبي جمرة ذهب المحققون إلى أنه لو إذا كان الباعث الأول قصد إعلاء كلمة الله لم يضره ما ينضاف إليه وعلى هذا يحمل حديث أبي هريرة الذي ذكرناه وأما حديث عبد الله بن عمرو المذكور فليس فيه ما يدل على جواز قصد غير الغزو في سبيل الله لأن الغنيمة إنما حصلت بعد أن كان الغزو في سبيل الله ولم يكن مقصود في الابتداء ولهذا قال في أول الحديث مامن غازية تغزوا في سبيل الله الخ .
قال في الفتح والحاصل مما ذكر أن القتال منشؤه القوة العقلية والقوة الغضبية والقوة الشهوانية ولا يكون في سبيل الله إلا الأول .
وقال ابن بطال إنما عدل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن لفظ جواب السائل لأن الغضب والحمية قد يكونان لله فعدل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك إلى لفظ جامع فأفاد رفع الالتباس وزيادة الإفهام وفيه بيان أن الأعمال إنما تحتسب بالنية الصالحة وإن الفضل الذي ورد في المجاهدين يختص بمن ذكر