- حديث أبي ذر في اسناده خالد بن وهبان قال في التقريب مجهول من الثالثة وقال في التهذيب ذكره ابن حبان في الثقات .
وقال أبو حاتم مجهول وفي الباب أحاديث غير هذه بعضها بقدم في باب براءة رب المال بالدفع إلى السلطان الجائر في كتاب الزكاة وبعضها مذكور في غير هذا الكتاب من ذلك حديث ابن عمر عند الحاكم بلفظ " من خرج من الجماعة فقد خلع ربقة الأسلام من عنقه حتى يراجعه ومن مات وليس عليه إمام جماعة فإن ميتته ميتة جاهلية " وقد قدمنا نحوه قريبا عن الحرث بن الحرث الأشعري ورواه الحاكم من حديث معاوية أيضا والبزار من حديث ابن عباس وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ " من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فميتته جاهلية " وأخرج أيضا مسلم نحوه عن ابن عمر وفيه قصة وأخرج الشيخان من حديث أبي موسى الأشعري لفظ " من حمل علينا السلاح فليس منا " وأخرجاه أيضا من حديث ابن عمر وأخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وسلمة بن الأكوع وأخرج أحمد وأبو داود والحاكم من حديث أبي ذر " من فارق الجماعة قدر شبرفقد خلع ربقة الإسلام من عنقه " وأخرج البخاري من حديث أنس " اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عبد حبشي رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله تعالى " وأخرج الشيخان من حديث أبي هريرة " من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني " وأخرج الشيخان وغيرهما من حديث ابن عمر " على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فأن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة " وأخرج الترمذي من حديث ابن عمر " ألا أخبركم بخير أمرائكم وشرراهم خيارهم الذين تحبونهم ويحبونكم وتدعون لهم ويدعون لكم وشرار أمراؤكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم " وأخرج الترمذي من حديث أبي بكرة " من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله تعالى " والأحاديث في هذا الباب كثيرة وهذا طرف منها .
قوله : " خيار أئمتكم " الخ فيه دليل على مشروعية محبة الأئمة والدعاء لهم وإن من كان من الأئمة محبا للرعية ومحبوبا لديهم وداعيا لهم ومدعوا له منهم فهو من خيار الأئمة ومن كان باغضا لرعيته مبغوضا عندهم يسبهم ويسبونه فهو من شرارهم وذلك لأنه إذا عدل فيهم وأحسن القول لهم أطاعوه وانقادوا له وأثنوا عليه فلما كان هو الذي يتسبب بالعدل وحسن القول إلى المحبة والطاعة والثناء منهم كان من خيار الأئمة ولما كان هو الذي يتسبب أيضا بالجور والشتم للرعية إلى معصيتهم له وسوء القالة منهم فيه كان من شرار الأئمة .
قوله " لا ما أقاموا فيكم الصلاة " فيه دليل على أنه لا يجوز منابذة الأئمة بالسيف مهما كانوا مقيمين للصلاة ويدل ذلك بمفهومه على جواز المنابذة تركهم للصلاة . وحديث عبادة بن الصامت المذكور فيه دليل على أنها لا تجوز المنابذة إلا عند ظهور الكفر البواح وهو بموحدة فمهملة .
قال الخطابي معنى قوله بواحا يريد ظاهرا باديا من قولهم باح بالشيء يبوح به بوحا وبواحا إذا ادعاه وأظهره قال ويجوز بوحا بسكون الواو ويجوز بضم أوله ثم همزة ممدودة قال ومن رواه بالراء فهو قريب من هذا المعنى . وأصل البراح الأرض القفر التي لا أنيس فيها ولا بناء وقيل البراح البيان يقال برح الخفاء إذا ظهر .
قال النووي هي في معظم النسخ من مسلم بالواو وفي بعضها بالراء .
قال الحافظ ووقع عند الطبراني كفرا صراحا بصاد مهملة مضمومة ثم راء ووقع في رواية إلا أن تكون معصية لله بواحا .
وفي رواية لأحمد ما لم يأمرك بائم بواحا وفي رواية له وللطبراني عن عبادة " سيلى أموركم من بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون وينكرون عليكم ما تعرفون فلا طاعة لمن عصى الله " وعند ابن أبي شيبة من حديث عبادة " سيكون عليكم أمراء يأمرونكم بما لا تعرفون ويفعلون ما تنكرون فليس لاؤلئك عليكم طاعة " .
قوله : " فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة " فيه دليل على أن من كره بقلبه ما يفعله السلطان من المعاصي كفاه ذلك ولا يجب عليه زيادة عليه .
وفي الصحيح " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه " ويمكن حمل حديث لباب وما ورد في معناه على عدم القدرة على التغيير باليد واللسان ويمكن أن يجعل مختصا بالأمراء إذا فعلوا منكرا لما في الأحاديث الصحيحة من تحريم معصيتهم ومنابذتهم فكفى في الإنكار الكراهة بالقلب لأن في إنكار المنكر عليهم باليد واللسان تظهرا بالعصيان وربما كان ذلك وسيلة إلى المنابذة بالسيف قوله " في جثمان أنس " بضم الجيم وسكون المثلثة أي لهم قلوب كقلوب الشياطين وأجسام كأجسام الأنس .
قوله : " وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع " فيه دليل على وجوب طاعة الأمراء وإن بلغوا في العسف والجور إلى ضرب الرعية وأخذ أموالهم فيكون هذا مخصصا لعموم قوله تعالى { من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما أعتدى عليكم } وقوله { وجزاء سيئة سيئة مثلها } .
قوله : " وعن عرفجة " بفتح العين المهملة وسكون الراء وفتح الفاء بعدها جيم هو ابن شريح بضم المعجمة وفتح الراء وسكون التحتية بعدها حاء وقيل ابن ضريح بضم الضاد المعجمة وقيل ذريح بفتح الذال المعجمة وكسر الراء وقيل صريح بضم الصاد المهملة وقيل شراحيل وقيل سريج بضم السين المهملة وآخره جيم ويقال له الأشجعي ويقال الكندي ويقال الأسلمي .
قوله : " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " بفتح العين ورسول فاعله .
قوله : " في منشطنا " بفتح الميم والمعجمة وسكون النون التي بينهما أي في حال نشاطنا وحال كراهتنا وعجزنا عن العمل بما نؤمر به ونقل ابن التين عن الداودي أن المراد الأشياء التي يكرهونها .
قال ابن التين والظاهر أنه أراد في وقت الكسل والمشقة في الخروج ليطابق معنى منشطنا ويؤيده ما عند أحمد في حديث عبادة بلفظ في النشاط والكسل .
قوله " وأثرة علينا " بفتح الهمزة والمثلثة والمراد أن طاعتهم لمن يتولى عليهم لا تتوقف على إيصالهم حقوقهم بل عليهم الطاعة ولو منعهم حقهم .
قوله : " وأن لا ننازع الأمر أهله " أي الملك والإمارة زاد أحمد في رواية وأن رأيت أن لك في الأمر حقا فلا تعمل بذلك الظن بل اسمع وأطع إلى أن يصل إليكم بغير خروج عن الطاعة .
قوله : " إلا أن تروا كفرا بواحا " قد تقدم ضبطه وتفسيره .
قوله : " عندكم فيه من الله برهان " أي نص آية أو خبر صريح لا يحتمل التأويل ومقتضاه أنه لا يجوز الخروج عليهم ما دام فعلهم يحتمل التأويل .
قال النووي المراد بالكفر هنا المعصية ومعنى الحديث لا تنازعوا ولاة الأمور في ولا يتهم ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكرا محققا تعلمونه من قواعد الإسلام فإذا رأيتم ذلك فأنكروا عليهم وقولوا بالحق حيثما كنتم اه قال في الفتح .
وقال غيره إذا كانت المنازعة في الولاية فلا ينازعه بما يقدح في الولاية إلا إذا ارتكب الكفر وحمل رواية المعصية على ما إذا كانت المنازعة فيما عدا الولاية فإذا لم يقدح في الولاية نازعه في المعصية بأن ينكر عليه برفق ويتوصل إلى تثبيت الحق له بغير عنف ومحل ذلك إذا كان قادرا ونقل ابن التين عن الداودي قال الذي عليه العلماء في امراء الجور أنه إن قدر على خلعه بغير فتنة ولا ظلم وجب وإلا فالواجب الصبر وعن بعضهم لا يجوز عقد الولاية لفاسق ابتداء فأن أحدث جورا بعد أن كان عدلا فاختلفوا في جواز الخروج عليه والصحيح المنع إلا أن يكفر فيجب الخروج عليه قال ابن بطال إن حديث ابن عباس المذكور في أول الباب حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جار قال في الفتح وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وإن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء تسكين الدهماء ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها كما في الحديث اه .
وقد استدل القائلون بوجوب الخروج على الظلمة ومنابنتهم السيف ومكافحتهم بالقتال بعمومات من الكتاب والسنة في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا شك ولا ريب أن الأحاديث التي ذكرها المصنف في هذا الباب وذكرناها أخص من تلك العمومات مطلقا وهي متواترة المعنى كما يعرف ذلك من له انسة بعلم السنة ولكنه لا ينبغي لمسلم أن يحط على من خرج من السيف الصالح من العترة وغيرهم على أئمة الجور فإنهم فعلوا ذلك باجتهاد منهم وهم أتقى لله وأطوع لسنة رسول الله من جماعة ممن جاء بعدهم من أهل العلم ولقد أفرط بعض أهل العلم كالكرامية ومن وافقهم في الجمود على أحاديث الباب حتى حكموا بأن الحسين السبط رضى الله عنه وأرضاه باغ على الخمير السكير الهاتك لحرم الشريعة المطهرة يزيد بن معاوية لعنهم الله فيالله العجب من مقالات تقشعر منها الجلود ويتصدع من سماعها كل جلمود