- حديث أبي بردة مع كونه متفقا عليه قد تكلم في اسناده ابن المنذر والأصيلى من جهة الاختلاف فيه وقال البيهقي قد أقام عمرو بن الحرث اسناده فلا يضره تقصير من قصر فيه وقال الغزالي صححه بعض الأئمة وتعقبه الرافعي في التذنيب فقال أراد بقوله بعض الأئمة صاحب التقريب ولكن الحديث أظهر من أن تضاف صحته إلي فرد من الأئمة فقد صححه البخاري ومسلم . وحديث بهز ابن حكيم حسنه الترمذي وقال الحاكم صحيح الاسناد ثم أخرج له شاهدا من حديث أبي هريرة وفيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حبس في تهمة يوما وليلة وقد تقدم الاختلاف في حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده .
قوله : " لا يجلد " روي بفتح الياء في أوله وكسر اللام وروي أيضا بضم الياء وفتح اللام وروي بصيغة النهى مجزوما وبصيغة النفي مرفوعا .
قوله : " فوق عشرة أسواط " في رواية فوق عشرة ضربات .
قوله : " إلا في حد " المراد به ما ورد عن الشارع مقدرا بعدد مخصوص كحد الزنا والقذف ونحوهما وقيل المراد بالحد هنا عقوبة المعصية مطلقا لا الأشياء المخصوصة . فإن ذلك التخصيص إنما هو من اصطلاح الفقهاء وعرف الشرع إطلاق الحد على كل عقوبة لمعصية من المعاصي كبيرة أو صغيرة ونسب ابن دقيق العيد هذه المقالة إلى بعض المعاصرين له وإليها ذهب ابن القيم وقال المراد بالنهي المذكور في التأديب للمصالح كتأديب الأب ابنه الصغير واعترض على ذلك بأنه قد ظهر أن الشارع يطلق الحدود على العقوبات المخصوصة ويؤيد ذلك قول عبد الرحمن بن عوف أن أخف الحدود ثمانون كما تقدم في كتاب حد شارب الخمر وقد ذهب إلى العمل بحديث الباب جماعة من أهل العلم منهم الليث وأحمد في المشهور عنه وإسحاق وبعض الشافعية وذهب أبو حنيفة والشافعي وزيد بن علي والمؤيد بالله والإمام يحيى إلى جواز الزيادة على عشرة أسواط ولكن لا يبلغ إلى أدنى الحدود . وذهب الهادي والقاسم والناصر وأبو طالب إلى أنه يكون في كل موجب للتعزير دون حد جنسه وإلى مثل ذلك ذهب الأوزاعي وهو مروي عن محمد بن الحسن الشيباني وقال أبو يوسف إنه ما يراه الحاكم بالغا ما بلغ وقال مالك وابن أبي ليلى أكثره خمسة وسبعون هكذا حكى صاحب البحر والذي حكاه النووي عن مالك وأصحابه وأبي ثور وأبي يوسف ومحمد أنه إلى رأى الإمام بالغا ما بلغ .
وقال الرافعي الاظهر أنها تجوز الزيادة على العشرة وإنما المراعى النقصان عن الحد قال وأما الحديث المذكور فمنسوخ على ما ذكره بعضهم واحتج بعمل الصحابة بخلافه من غير انكار انتهى .
وقال البيهقي عن الصحابة آثار مختلفة في مقدار التعزير وأحسن ما يصار إليه في هذا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم ذكر حديث أبي بردة المذكور في الباب .
قال الحافظ فتبين بما نقله البيهقي عن الصحابة أن لا اتفاق على عمل في ذلك فكيف يدعى نسخ الحديث الثابت ويصار إلى ما يخالفه من غير برهان وسبق إلى دعوى عمل الصحابة بخلافه الأصيلي وجماعة وعمدتهم كون عمر جلد في الخمر ثمانين وأن الحد الأصلي أربعون والباقية ضربها تعزيرا لكن حديث علي السابق يدل على أن عمر إنما ضرب ثمانين معتقدا أنه الحد وأما النسخ فلا يثبت إلا بدليل وذكر بعض المتأخرين أن الحديث محمول على التأديب الصادر من غير الولاة كالسيد يضرب عبده والزوج يضرب زوجته والأب ولده والحق العمل بما دل عليه الحديث الصحيح المذكور في الباب وليس لمن خالفه متمسك يصلح المعارضة وقد نقل القرطبي عن الجمهور أنهم قالو بما دل عليه وخالفه النووي فنقل عن الجمهور عدم القول به ولكن إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل فلا ينبغي لمنصف التعويل على قول أحد عند قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
دعوا كل قول عند قول محمد ... فما آمن في دينه كمخاطر .
قوله " في تهمة " بضم التاء وسكون الهاء وقد تفتح في لغة وهي فعلة من الوهم والتاء بدل من الواو واتهمته إذا ظننت فيه ما نسب إليه وفيه دليل على أن الحبس كما يكون حبس ععقوبة يكون حبس استظهار في غير حق بل لينكشف به بعض ما وراءه وقد بوب أبو داودعلى هذا الحديث فقال باب في الحبس في الدين وغيره وذكر معه حديث عمرو بن الشريد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " لي الواجد يحل عرضه وعقوبة " وقد تقدم وذكر أيضا حديث الهرماس ابن حبيب عن أبيه عن جده قال " أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بغريم لي فقال لي الزمه ثم قال يا أخا بني تميم ما تريد أن تفعل بأسيرك " وأخرجه أيضا ابن ماجه قال في البحر مسألة وندب اتخاذ سجن للتأديب واستيفاء الحقوق لفعل أمير المؤمنين علي Bه وعمر وعثمان ولم ينكر وكذلك الدرة والسوط لفعل عمر وعثمان ( فرع ) ويجب حبس من عليه الحق للإيفاء اجماعا أن طلب لحبسه صلى الله عليه وآله وسلم من أعتق شقصا في عبد حتى غرم لشريك قيمته وكذلك التقييد انتهى . الحديث الذي ذكره أخرجه البيهقي وهو منقطع