- حديث أبي سعيد الأول أخرجه الترمذي وحسنه قال وفي الباب عن علي وعبد الرحمن بن ازهر وأبي هريرة والسائب وابن عباس وعقبة بن الحرث انتهى . وأثر أبي جعفر محمد بن علي فيه انقطاع . وحديث أبي سعيد الثاني أصله في صحيح مسلم وأخرج الشيخان عن جابر " ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن ينبذ التمر والزبيب جميعا وأن ينبذ الرطب والبسر جميعا " وأخرج نحوه مسلم عن أبي هريرة وابن عمر وابن عباس واتفقا عليه من حديث أبي قتادة بلفظ " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يجمع بين التمر والزهو والتمر والزبيب ولينبذ كل منهما على حدة والنهي عن الانتباه في الدباء " أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لوفد عبد القيس أنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير " المقير " وأخرج نحوه الشيخان من حديث ابن عباس في قصة وفد عبد القيس ولهما أيضا عن أنس نهى عن الدباء والمزفت . وللبخاري عن ابن أبي أوفى نهى عن المزفت والحنتم والنقير . ولهما عن علي في النهى عن الدباء والمزفت . لعائشة عند مسلم نهى وفد عبد القيس أن ينتبذوا في الدباء والنقير والمزفب والحنتم انتهى والدباء هو القرع والحنتم الجرار الخضر والنقير هو أصل الجذع ينقر ويتخذ منه الأناء والمزفت هو المطلى بالزفت والمقير هو المطلى بالقار . وأثر عمر رواه النسائي من طريق الحرث ابن مسكين وهو ثقة عن ابن القاسم يعني عبد الرحمن صاحب مالك وهو ثقة أيضا عن مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد عن عمر والسائب له صحبة . وأثر على الآخر أخرجه أيضا الشافعي وهومن طريق ثور بن زبد الديلى ولكنه منقطع لأن ثورا لم يلحق عمر بلا خلاف ووصله النسائي والحاكم فروياه عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس ورواه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن عكرمة ولم يذكر ابن عباس وقد أعل هذا بما تقدم في أول الباب ان عمر استشار الناس فقال عبد الرحمن أخف الحدود ثمانون فأمر به عمر قال في التلخيص ولا يقال يحتمل أن يكون علي وعبد الرحمن أشارا بذلك جميعا لما ثبت في صحيح مسلم عن علي في جلد الوليد بن عقبة أنه جلده أربعين وقال جلد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أربعين وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلى فلو كان هو المشير بالثمانين ما أضافها إلى عمر ولم يعمل لكن يمكن أن يقال أنه قال لعمر باجتهاد ثم تغير اجتهاده ولهذا الأثر طرق منها ما تقدم ومنها ما أخرجه الطبري والطحاوي والبيهقي وفيه أن رجلا من بني كلب يقال له ابن وبرة أخبره أن خالد بن الوليد بعثه إلى عمر وقال له إن الناس قد انهمكوا في الخمر واستخفوا العقوبة فقال عمر " لمن حوله ما ترون فقال على فذكر مثل تقدم " وأخرج نحوه عبد الرزاق عن عكرمة وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال شرب نفرمن أهل الشام الخمر وتأولوا الآية الكريمة فاستتشار فيهم فقلت أرى أن تستتيبهم فإن تابوا ضربتهم ثمانين وإلا ضربت أعناقهم لأنهم استحلوا ما حرم فاستتابهم فتابوا فضربهم ثمانين ثمانين . وأثر ابن شهاب فيه انقطاع النانية من حديث الباب بلفظ " قضى أن عقل أهل الكتابين " الخ مقيدة باليهود والنصارى والرواية الأولى منه مطلقة فيحمل المطلق على المقيد ويكون المراد بالحديث دية اليهود والنصارى دون المجوس لانا نقول لا نسلم صلاحية الرواية الثاينة للتقييد ولا للتخصيص لأن ذلك من التنصيص على بعض أفراد المطلق أو العام وما كان كذلك فلا يكون مقيدا لغيره ولا مخصصا له ويوضح ذلك أن غاية ما في قوله عقل أهل الكتابين أن يكون من عداهم بخلافهم لمفهوم اللقب وهو غير معمول به عند الجمهور وهو الحق فلا يصلح لتخصيص قوله صلى الله عليه وآله وسلم " عقل الكافر نصف دية المسلم " ولا لتقييده على فرض الإطلاق ولا سيما مخرج اللفظين واحد والرواي واحد فإن ذلك يفيد أن أحدهما من تصرف الراوي واللازم الأخذ بما هو مشتمل على زيادة فيكون المجوسي داخلا تحت ذلك العموم وكذلك كل من له ذمة من الكفار ولا يخرج عنه إلا من لا ذمة له ولا أمان ولا عهد من المسلمين لأنه مباح الدم ولو فرض عدم دخول المجوسي تحت ذلك اللفظ كان حكمه حكم اليهود والنصارى والجامع الذمة من المسلمين للجميع . ويؤيد ذلك حديث " سنوا بهم سنة أهل الكتاب " .
واحتج القائلون بأن دية الذمي كدية المسلم بعموم قوله تعالى { وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله } قالوا وإطلاق الدية يفيد أنها الدية المعهودة وهي دية المسلم ويجاب عنه أولا بمنع كون المعهود ههنا هو دية المسلم لم لا يجوز أن يكون المراد بالدية الدية المتعارفة بين المسلمين لأهل الذمة والمعاهدين وثانيا بأن هذا الإطلاق مقيد بحديث الباب . واستدلوا ثانيا بما أخرجه الترمذي عن ابن عباس وقال غريب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودى العامريين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري وكان لهما عهد من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يشعر به عمرو بدية المسلمين . وبما أخرجه البيهقي عن الزهري أنها كانت دية اليهودي والنصراني في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثل دية المسلم وفي زمن أبي بكر وعمر وعثمان فلما كان معاوية أعطى أهل المقتول النصف وألقى النصف في بيت المال قال ثم قضى عمر بن عبد العزيز بالنصف وألغى ما كان جعل معاوية . وبما أخرجه أيضا عن عكرمة عن ابن عباس قال " جعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دية فيه دليل على أنه لا يجوز الجمع بين الزبيب والتمر وجعلهما نبيذا وسيأتي الكلام على ذلك في كتاب الأشربة إن شاء الله تعالى قوله فزعم أنه شرب الطلاء هي الخمرة اللذيذة على ما في القاموس .
قوله : " إذا شرب سكر " الخ أعلم أن معنى هذا الأثر لا يتم إلا بعد تسليم إن كل شارب خمر يهذي بما هو افتراء وأن كل مفتر يجلد ثمانين جلدة والكل ممنوع فإن الهذيان إذا كان ملازما للسكر فلا يلازمه الافتراء لأنه نوع خاص من أنواع ما يهذو به الإنسان والجلد إنما يلزم من افترى افتراء خاصا وهو القذف لا كل مفتر وهذا مم لا خلاف فيه فكيف صح مثل هذا القياس فإن قال قائل أنه من باب الإخراج للكلام على الغالب فذلك أيضا ممنوع فإن أنواع الهذيان بالنسبة إلى الافتراء وأنواع الافتراء بالنسبة إلى القذف هي الغالبة بلا ريب وقد تقرر في علم المعاني أن أصل إذا الجزم بوقوع الشرط ومثل هذا الأمر النادر مما يبعد الجزم بوقوعه باعتبار كثرة الأفراد المشاركة له في ذلك الاسم وغلبتها وللقياس شروط مدونة في الأصول لا تنطبق على مثل هذا الكلام ولكن مثل أمير المؤمنين Bه ومن بحضرته من الصحابة الأكابر هم أصل الخبرة بالأحكام الشرعية ومداركها .
قوله : " بلغني أن عليه نصف حد الحر " قد ذهب إلى التنصيف للعبد في حد الزنا والقذف والشرب الأكثر من أهل العلم وذهب ابن مسعود والليث والزهري وعمر بن عبد العزيز إلى أه يستوي الحر والعبد في ذلك لعموم الأدلة ويجاب بأن القرآن مصرح في حد الزنا بالتنصيف قال الله تعالى { فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } ويلحق بالأماء العبيد ويلحق بحد الزنا سائر الحدود وهذا قياس صحيح لا يختلف في صحته من أثبت العمل بالقياس