- الحديث الذي من طريق عكرمة أخرجه أيضا الحاكم والبيهقي وقال الحافظ رجاله موثوقون إلا أن فيه اختلافا .
وقال الترمذي وإنما يعرف هذا الحديث عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من هذا الوجه وروى محمد بن إسحاق هذا الحديث عن عمرو بن أبي عمرو فقال " ملعون من عمل عمل قوم لوط " ولم يذكر القتل انتهى .
وقال يحيى بن معين عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب ثقة ينكر عليه حديث عكرمة عن ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال اقتلوا الفاعل والمفعول به " ويجاب عن ذلك أنه أحتج الشيخان به وروى عنه مالك في الموطأ وقد استنكر النسائي هذا الحديث . والأثر المروي عن ابن عباس من طريق سعيد بن جبير ومجاهد أخرجه أيضا النسائي والبيهقي ( وفي الباب ) عن أبي هريرة عند ابن ماجه والحاكم " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال أقتلوا الفاعل والمفعول به أحصنا أو لم يحصنا " وإسناده ضعيف قال ابن الطلاع في أحكامه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه رجم في اللواط ولا أنه حكم فيه . وثبت عنه أنه قال " اقتلوا الفاعل والمفعول به " رواه عنه ابن عباس وأبو هريرة انتهى .
قال الحافظ وحديث أبي هريرة لا يصح وقد أخرجه البزار من طريق عاصم بن عمر العمري عن سهيل عن أبيه عنه وعاصم متروك وقد رواه ابن ماجه من طريقه بلفظ " فارجموا الأعلى والأسفل " وأخرج البيهقي من حديث أبي موسى أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال " إذ أتى الرجل الرجل فهما زانيان وإذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان " وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن كذبه أبو حاتم وقال البيهقي لا أعرفه والحديث منكر بهذا الإسناد انتهى . ورواه أبو الفتح الأسدي في الضعفاء والطبراني في الكبير من وجه آخر عن أبي موسى وفيه بشر بن المفضل البجلي وهو مجهول .
وقد أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده عنه وأخرج البيهقي عن علي عليه السلام أنه رجم لوطيا فقال الشافعي وبهذا نأخذ يرجم اللوطي محصنا كان أو غير محصن وأخرج البيهقي أيضا عن أبي بكر أنه جمع الناس في حق رجل ينكح كما ينكح النساء فسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك فكان أشدهم يومئذ قولا علي بن أبي طالب عليه السلام قال هذا ذنب لم تعص به أمة من الأمم إلا أمة واحدة صنع الله بها ما قد علمتم نرى أن نحرقه بالنار فاجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أن يحرقه بالنار فكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد يأمره أن يحرقه بالنار .
وفي إسناده إريال وروي من وجه آخر عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي في هذه القصة قال يرجم ويحرق بالنار وأخرج البيهقي أيضا عن ابن عباس أنه سئل عن حد اللوطي فقال ينظر أعلى بناء في القرية فيرمى به منكسا ثم يتبع الحجارة وقد اختلف أهل العلم في عقوبة الفاعل للواط والمفعول به بعد اتفاقهم على تحريمه وأنه من الكبائر للأحاديث المتواترة في تحريمه ولعن فاعله فذهب من تقدم ذكره من الصحابة إلى أن حد القتل ولو كان بكراسواء كان فاعلا أو مفعولا وإليه ذهب الشافعي والناصر والقاسم وابن إبراهيم واستدلوا بما ذكره المصنف وذكرناه في الباب وهو بمجموعه ينتهض للاحتجاج به وقد اختلفوا في كيفية قتل اللوطي فروى عن على أنه يقتل بالسيف ثم يحرق لعظم المعصية وإلى ذلك ذهب أبو بكر كما تقدم عنه وذهب عمر وعثمان إلى أنه يلقى عليه حائط وذهب ابن عباس إلى أنه يلقى من أعلى بناء في البلد .
وقد حكى صاحب الشفاء إجماع الصحابة على القتل وقد حكي البغوي عن الشعبي والزهري ومالك وأحمد وإسحاق أنه يرجم وحكى ذلك الترمذي عن مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وروي عن النخعي أنه قال لو كان يستقيم أن يرجم الزاني مرتين لرجم اللوطي .
وقال المنذري حرق اللوطية بالنار أبو بكر وعلي وعبد الله بن الزبير وهشام بن عبد الملك وذهب سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح والحسن وقتادة والنخعي والثوري والأوزاعي وأبو طالب والإمام يحيى والشافعي في قول له إلى أن حد اللوطي حد الزاني فيجلد البكر ويغرب ويرجم المحصن وحكاه في البحر عن القاسم بن إبراهيم وروي عنه المؤيد بالله القتل مطلقا كما سلف .
واحتجوا بأن التلوط نوع من أنواع الزنا لأنه إيلاج فرج في فرج فيكون اللائط والملوط به داخلين تحت عموم الأدلة الواردة في الزنا المحصن والبكر وقد تقدمت ويؤيد ذلك حديث " إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان " وقد تقدم وعلى فرض عدم الشمول الأدلة المذكورة لهما فهما لاحقان بالزاني بالقياس ويجاب عن ذلك بأن الأدلة الواردة بقتل الفاعل والمفعول به مطلقا مخصصة لعموم أدلة الزنا الفارقة بين البكر والثيب على فرض شمولها اللوطي ومبطلة للقياس المذكور على فرض عدم الشمولية لأنه يصير فاسد الاعتبار كما تقرر في الأصول وما أحق مرتكب هذه الجريمة ومقارف هذه الرذيلة الذميمة بأن يعاقب عقوبة يصير بها عبرة للمعتبرين ويعذب تعذيبا بكسر شهرة الفسقة المتمردين فحقيق بمن أتى بفاحشة قوم ماسبقهم بها من أحد من العالمين أن يصلى من العقوبة بما يكون في الشدة والشناعة مشابها لعقوبتهم وقد خسف الله تعالى بهم واستأصل بذلك العذاب بكرهم وثيبهم وذهب أبو حنيفة والشافعي في قول له والمرتضى والمؤيد بالله إلى أنه يعزر اللوطي والأدلة الواردة في الزاني على العموم .
وأما الاستدلال لهذا بحديث لأن أخطيء في العفو خير من أن أخطئ في رد العقوبة فمردود بأن ذلك إنما هو مع الالتباس والنزاع ليس هو في ذلك