- لفظ حديث أبي أمامة الذي أشار إليه المصنف قال " بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد ونحن معه إذ جاء رجل فقال يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي فسكت عنه ثم أعاد فسكت وأقيمت الصلاة فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تبعه الرجل وأتبعته أنظر ماذا يرد عليه فقال له أرأيت حين خرجت من بيتك أليس قد توضأت فأحسنت الوضوء قال بلى يا رسول الله قال ثم شهدت الصلاة معنا قال نعم يا رسول الله قال فإن الله تعالى قد غفر لك حدك أو قال ذنبك " وفي الباب عن مسعود عند مسلم والترمذي وأبي داود والنسائي قال " إني عالجت امرأة من أقصى المدينة فأصبت منها ما دون أن أمسها فأنا هذا فأقم علي ما شئت فقال عمر لقد ستر الله عليك لو سترت على نفسك فلم يرد النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئا فانطلق الرجل فأتبعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلا فدعاه فتلا عليه أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إلى آخر الآية فقال فقال رجل من القوم أله خاصة أم للناس عامة فقال للناس كافة " هذا لفظ أبو اليسر كعب بن عمرو وقيل غيره .
قوله : " إني أصبت حدا " قال في النهاية أي أصبت ذهنيا أوجب على حدا أي عقوبة قال النووي في شرح مسلم هذا الحديث معناه معصية من المعاصي الموجبة للتعذير وهي هنا من الصغائر لأنها كفرتها الصلاة ولو أنها كانت موجبة لحد أو غيره لم تسقط بالصلاة فقد أجمع العلماء على أن المعاصي الموجبة للحدود لا تسقط حدودها بالصلاة وحكى القاضي عياض عن بعضهم أن المراد الحد المعروف قال وإنما لم يحده لأنه لم يفسر موجب الحد ولم يستفسره النبي صلى الله عليه وآله وسلم إيثار اللستر بل استحب تلقين الرجل صريحا انتهى . ومما يؤيد ما ذهب إليه الجمهور من أن المراد بالحد المطلق في الأحاديث هو غير الزنا ونحوه من الأمور التي توجب الحد ما في حديث ابن مسعود الذي ذكرناه من قوله فأصبت منها ما دون أن أمسها فإن هذا يفسر ما أبهم في حديث أنس وأبي أمامة هذا إذا كانت القصة واحدة وإما إذا كانت متعددة فلا ينبغي تفسير ما أبهم في قصة بما فسر في قصة أخرى وتوجه العمل بالظاهر والحكم بأن الصلاة تكفر ما يصدق عليه أنه يوجب الحد ولا شك ولا ريب أن من أقر بحد من الحدود ولم يفسره لا يطالب بالتفسير ولا يقام عليه الحد أن لم يقع منه ذلك لأحاديث الباب ولما سيأتي من أنها تدرأ الحدود بالشبهات بعد ثبوتها وتعيينها فبالأولي قبل التفسير للقطع بأنها مختلفة المقادير فلا يتمكن الإمام من إقامتها مع الأبهام ويؤيد ذلك ما سلف من استفصاله صلى الله عليه وآله وسلم لماعز بعد أن صرح بأنه زنى