- الحديث أيضا أخرجه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبزار والدارقطني والبيهقي وصححه أيضا ابن حبان وابن السكن وعبد الحق والبغوي في شرح السنة . وقال ابن خزيمة : هذا الحديث ثلث رأس مالي . وقال شعبة : ما أحدث بحديث أحسن منه قال الشافعي : أهل الحديث لا يثبتونه . قال البيهقي : إنما قال ذلك لأن عبد الله بن سلمة راويه كان قد تغير وإنما روى هذا الحديث بعد ما كبر قاله شعبة . وقال الخطابي : كان أحمد يوهن هذا الحديث وقال النووي : خالف الترمذي الأكثرون فضعفوا هذا الحديث وقد قدمنا من صححه مع الترمذي . وحكى البخاري عن عمرو بن مرة الراوي لهذا الحديث عنه أنه قال : كان عبد الله بن سلمة يحدثنا فنعرف وننكر .
والحديث يدل على أن الجنب لا يقرأ القرآن وقد ذهب إلى تحريم قراءة القرآن على الجنب القاسم والهادي [ ص 284 ] والشافعي من غير فرق بين الآية وما دونها وما فوقها . وذهب أبو حنيفة إلى أنه يجوز له قراءة دون آية إذ ليس بقرآن . وقال المؤيد بالله والإمام يحيى وبعض أصحاب أبي حنيفة : يجوز ما فعل لغير التلاوة كيا مريم اقنتي لا لقصد التلاوة .
احتج الأولون القائلون بالتحريم بحديث الباب وحديث ابن عمر الذي سيأتي وحديث ( اقرؤوا القرآن ما لم يصب أحدكم جنابة فإن أصابته فلا ولا حرفا ) ويجاب عن ذلك بأن حديث الباب ليس فيه ما يدل على التحريم لأن غايته أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ترك القرآن حال الجنابة ومثله لا يصلح متمسكا للكراهة فكيف يستدل به على التحريم .
وأما حديث ابن عمر ففيه مقال سنذكره عند ذكره لا ينتهض معه للاستدلال . وأما حديث اقرؤوا القرآن الخ فهو غير مرفوع بل موقوف على علي عليه السلام إلا أنه أخرج أبو يعلى من حديث علي قال : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضأ ثم قرأ شيئا من القرآن ثم قال هكذا لمن ليس بجنب فأما الجنب فلا ولا آية ) .
قال الهيثمي : رجاله موثقون فإن صح هذا صلح للاستدلال به على التحريم . وقد أخرج البخاري عن ابن عباس أنه لم ير في القراءة للجنب بأسا ويؤيده التمسك بعموم حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( كان يذكر الله على كل أحيانه ) وبالبراءة الأصلية حتى يصح ما يصلح لتخصيص هذا العموم وللنقل عن هذه البراءة