- حديث محمود بن لبيد في إسناده محمد بن إسحاق وهو مدلس وبقية رجاله رجال الصحيح . وأصل الحديثين في صحيح البخاري وغيره عن عروة عن عائشة قالت لما كان أحد هزم المشركون فصاح ابليس أي عباد الله أخراكم فرجعت أولادهم فاجتلدت هي وأخراهم فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان فقال أي عباد الله أبي أبي قالت فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه قال حذيفة غفر الله لكم قال عروة فما زلت في حذيفة منه بقية خير حتى لحق بالله " وقد أخرج أبو إسحاق الفزاري قي السيرة عن الأوزاعي عن الزهري قال أخطأ المسلمون بأبي حذيفة يوم أحد حتى قتلوه فقال حذيفة يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين فبلغت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فوداه من عنده .
وأخرج أبو عباس السراج في تاريخه من طريق عكرمة أن والد حذيفة قتل يوم أحد قتله بعض المسلمين وهو يظن أنه من المشركين فوداه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في الفتح ورجاله ثقات مع إرساله انتهى . وهذان المرسلان يقويان مرسل عروة المذكور في الباب في دفع أصل الدية وإن كان حديث عروة يدل على أنه لم يحصل منه صلى الله عليه وآله وسلم إلا مجرد القضاء بالدية ومرسل الزهري وعكرمة يدلان على أنه صلى الله عليه وآله وسلم وداه من عنده . وحديث محمود بن لبيد المذكور يدل على أن حذيفة تصدق بدية أبيه على المسلمين ولا تعارض بينه وبين تلك المرسلات لأن غاية ما فيها أنه وقع القضاء منه صلى الله عليه وآله وسلم بالدية أو وقع منه الدفع لها من بيت المال وليس فيها أن حذيفة قبضها وصيرها من جملة ماله حتى ينافي ذلك تصدقه بها عليهم . ويمكن الجمع أيضا بين تلك المرسلات بأنه وقع منه صلى الله عليه وآله وسلم القضاء بالدية ثم الدفع لها من بيت المال ثم تعقب ذلك التصدق بها من حذيفة ( وقد استدل ) المصنف C تعالى بما ذكره على الحكم فيمن قتله قاتل في المعركة وهو يظن أنه كافرا ثم انكشف مسلما مقد ترجم البخاري على حديث عائشة الذي ذكرناه فقال فقال باب إذا مات من الزحام وترجم عليه في باب آخر فقال باب العفو في الخطأ بعد الموت .
قال ابن بطال اختلف على عمر وعلي عليه السلام هل تجب الدية في بيت المال أولا وبه قال إسحاق أي بالوجوب وتوجيهه أنه مسلم مات بفعل قوم من المسلمين فوجبت ديته في بيت مال المسلمين .
وروى مسدد في مسنده من طريق يزيد بن مذكور أن رجلا زحم يوم الجمعة فمات فوداه على رضي الله تعالى عنه من بيت مال المسلمين .
وقال الحسن البصري إن ديته تجب على جميع من حضروه إلى ذلك ذهبت الهادوية .
وقال الشافعي ومن وافقه أنه يقال لولي المقتول أدع عليمن شئت وأحلف فإن حلفت استحقفت الدية وإن نكلت حلف المدعى عليه على النفي وسقطت المطالبة وتوجيهه أن الدم لا يجب إلا بالطلب ومنها قول مالك دمه هدر وتوجيهه إن لم يعلم قاتله بعينه أستحال أن يؤخذ به أحد .
قوله : " الآطام " جمع أطم وهو بناء مرتفع كالحصن .
قوله : " توشقوه " بالشين المعجمة وبعدها قاف أي قطعوه بأسيافهم ومنه الوشيقة وهي اللحم يغلى ثم يقدد