- حديث ابن عباس أخرجه أيضا ابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححاه .
قوله : " في جنين امرأة " الجنين بفتح الجيم وبعده نونان بينهما ياء تحتية ساكنة بوزن عظيم وهو حما المرأة ما دام في بطنها سمي كذلك لاستتاره فإن خرج حيا فهو ولد أو ميتا فهو سقط .
وقد يطلق عليه جنين .
قال الباجي في شرح رجال الموطأ الجنين ما ألقته المرأة مما يعرف أنه ولد سواء كان ذكر أم أنثى ولم يستهل صارخا .
قوله " بغرة " بضم الغين المعجمة وتشديد الراء وأصلها البياض في وجه الفرس قال الجوهري كأنه عبر الغرة عن الجسم كله كما قالوا أعتق رقبة .
وقوله : " عبد وأمة " تفسير للغرة وقد اختلفهل لفظ غرة مضاف إلى عبد أو منون قال الإسماعيلي قرأه العامة بالإضافة وغيرهم بالتنوين وحكى القاضي عياض الاختلاف وقال التنوين أوجه . لأنه بيان للغرة ما هي وتوجيه الإضافة أن الشيء قد يضاف إلى نفسه لكنه نادر يحتمل أن تكون أو شكا من الراوي في تلك الواقعة المخصوصة . ويحتمل أن تكون للتنويع وهو الأظهر .
قال في الفتح قيل المرفوع من الحديث قوله بغرة .
وأما قوله عبد أو أمة فشك من الراوي في المراد بها وروى عن عن أبي عمر وبن العلاء أنه قال الغرة عبد أبيض أو أمة بيضاء فلا يجزى عنده في دية الجنين الرقبة السواد .
وقال مالك الحمر أن أولي من السودان قال في الفتح وفي رواية ابن أبي عاصم ماله عبد ولا أمة قال عشر من الإبل أو مائة شاة . ووقع في حديث أبي هريرة قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الجنين بغرة عبد أو أمة أو فرس أو بغل وكذا وقع عند عبد الرزاق عن حمل بن النابغة " قضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالدية في المرأة والجنين غرة عبد أو أمة أو فرس " . وأشار البيهقي أن ذكر الفرس في المرفوع وهم وأن ذلك أدرج من بعض رواته على سبيل التفسير للغرة وذكر أنه في رواية حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس بلفظ " فقضى أن في الجنين غرة " قال طاوس الفرس غرة وكذا أخرج الإسماعيلي عن عروة قال الفرس غرة وكأنهما رأيا أن الفرس أحق بإطلاق الغرة من الآدمي . ونقل ابن المنذر والخطابي عن طاوس ومجاهد وعروة بن الزبير الغرة عبدا أو أمة أو فرس . وتوسع داود ومن تبعه من أهل الظاهر فقالوا يجزي كل ما وقع عليه اسم غرة . وحكى في الفتح عن الجمهور أن أقل ما يجزى من العبد والأمة ما سلم من العيوب التي يثبت بها الرد في البيع لأن المعيب ليس من الخيار واستنبط الشافعي من ذلك أن يكون منتفعا به بشرط أن لا ينقص عن سبع سبين لأن من لم يبلغها لا يستقل غالبا بنفسه فيحتاج إلى التعهد بالتربية فلا يجبر المستحق على أخذه ووافقه على ذلك القاسمية وأخذ بعضهم من لفظ الغلام المذكور في رواية أن لا يزيد على خمس عشرة ولا تزيد الجارية على عشرين .
وقال ابن دقيق العيد إنه يجزي ولو بلغ الستين وأكثر منها ما لم يصل إلى سن الهره ورجحه الحافظ وذهب الباقر والصادق والناصر في أحد قوليه إلى أن الغرة عشر الدية وخالفهم في ذلك الجمهور وقالوا الغرة ما ذكر في الحديث .
قال في الفتح وتطلق الغرة على الشيء النفيس آدميا كان أم غيره ذكرا أم أنثى .
وقيل أطلق على الآدمي غرة لأنه أشرف الحيوان فإن محل الغرة الوجه وهو أشرف الأعضاء قال في البحر واشتقاقها من غرة الشيء أي خياره وفي القاموس والغرة بالضم العبد والأمة .
قوله : " ثم أن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت " . في الرواية الثانية " فقتلتها وما في بطنها " وفي رواية المغيرة المذكورة " فقتلتها وهي حبلى " وفي حديث ابن عباس المذكور " فأسقطت غلاما قد نبت شعره ميتا وماتت المرأة " ويجمع بين هذه الروايات بأن موت المرأة تأخر عن تأخر عن موت ما في بطنها فيكون قوله " فقتلتها وما في بطنها " إخبار بنفس القتل وسائر الروايات يدل على تأخر موت المرأة .
قوله : " في أملاص المرأة " وقع تفسير الأملاص في الاعتصام من البخاري هو أن تضرب المرأة في بطنها فتلقي جنينها وهذا التفسير أخص من قول أهل اللغة أن الإملاص أن تزلقه المرأة قبل الولادة أي قبل حين الولادة هكذا نقله أبو داود في السنن عن ابن عبيد وهو كذلك في الغريب له وقال الخليل أملصت الناقة إذا رمت ولدها وقال ابن القطاع أملصت الحامل ألقت ولدها ووقع في بعض الروايات ملاص بغير ألف كأنه اسم فعل الولد فحذف وأقيم المضاف مقامه أو اسم لتلك الولادة كالخداج وروى الإسماعيلي عن هشام أنه قال الملاص الجنين .
وقال صاحب البارع الإملاص الإسقاط قوله " فشهد محمد بن سلمة " زاد البخاري في رواية فقال عمر من يشهد معك فقام محمد بن سلمة فشهد له .
وفي رواية له أن عمر قال للمغيرة لا تبرح حتى تجيء بالمخرج مما قلت قال فخرجت فوجدت محمد بن سلمة فجئت به فشهد معي أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى به .
قوله : " فسطاط " هو الخيمة .
قوله : " قضى فيها على عصبة القاتلة " في حديث أبي هريرة المذكور " وقضى بدية المرأة على عاقلتها " وفي حديث ابن عباس المذكور أيضا " فقضى على العاقلة بالدية " وظاهر هذه الروايات يخالف ما في الرواية الأولى من حديث أبي هريرة حيث قال ثم أن المرأة التي قضى عليها بالغرة ويمكن الجمع بأن نسبة القضاء إلى كونه على المرأة باعتبار أنها هي المحكوم عليها بالجنابة في الأصل فلا ينافي ذلك الحكم على عصبتها بالدية والمراد بالعاقلة المذكورة هي العصبة وهم من عدا الولد وذوي الأرحام ووقع في رواية عن البيهقي فقال أبوها إنما يعقلها بنوها فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال الدية على العصبة وفي حديث أبي هريرة المذكور " فقضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأن ميراثها لزوجها وبنيها وأن العقل على عصبتها وسيأتي الكلام على العاقلة وضمانها لدية الخطأ في باب العاقلة وما تحمله ( وقد استدل ) المصنف بحديث أبي هريرة المذكور على أن دية شبه العمد تحملها العاقلة وسيأتي تكميل الكلام عليه : قوله " مثل ذلك بطل " بضم أوله وفتح الطاء المهملة وتشديد اللام أي يبطل ويهدر يقال طل القتل يطل فهو مطلفول وروى بالباب الموحدة وتخفيف اللام على أنه فعل ماض من البطلان .
قوله : " فقال سجع مثل سجع الأعراب " استدل بذلك على ذم السجع في الكلام ومحل الكراهية إذا كان ظاهر التكلف وكذا لو كان منسجما لكنه في إبطال حق أو تحقيق باطل فأما لو كان منسجما وهو حق أو في مباح فلا كراهية بل ربما كان في بعضه ما يستحب مثل أن يكون فيه إذعان مخالف للطاعة وعلى هذا يحمل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكذا عن غيره من السلف الصالح .
قال الحافظ والذي يظهر لي أن الذي جاء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن عن قصد إلى التسجيع و'نما جاء اتفاقا لعظم بلاغته وأما من بعده فقد يكون ذلك وقد يكون عن قصد وهو الغالب ومراتبهم في ذلك متفاوتة جدا .
وفي قوله في حديث ابن عباس المذكور " اسجع الجاهلية ومكانتها " دليل على أن المذموم من السجع إنما هو ما كان من ذلك القبيل الذي يراد به إبطال شرع أو إثبات باطل أو كان متكلفا وقد حكى النووي عن العلماء أن المكروه منه إنما هو ما كان كذلك لا غير .
قوله : " حمل بن مالك " بفتح الحاء المهملة والميم وفي بعض الروايات حمل بن النابغة وهو نسبة إلى جده وإلا فهو حمل بن مالك بن النابغة .
قوله : " فقال أبو القاتلة " في رواية لمسلم وأبي داود فقال حمل بن النابغة وهو زوج القاتلة .
وفي رواية للبخاري فقال ولي المرأة .
وفي حديث أبي هريرة المذكور فقال عصبتها .
وفي رواية للطبراني فقال أخوها العلاء بن مسروح .
وفي رواية للبيهقي من حديث أسامة بن عمير فقال أبوها ويجمع بين الروايات بأن كل واحد من أبيها وأخيها وزوجها قال ذلك لأنهم كلهم من عصبتها بخلاف المقتولة فإن في حديث أسامة بن عمير أن المقتولة عامرية والقاتلة هذلية فيبعد أن تكون عصبة إحدى المرأتين عصبة للأخرى مع اختلاف القبيلة ( وقد استدل ) بأحاديث الباب على أنه يجب في الجنين على قاتله الغرة إن خرج ميتا .
وقد حكي في البحر الإجماع على أن المرأة إذا ضربت فخرج جنينها بعد موتها ففيها القود أو الدية .
وأما الجنين فقد ذهبت العترة والشافعي إلى أن فيه الغرة وهو ظاهر أحاديث الباب . وذهب أبو حنيفة ومالك إلى أنه لا يضمن وأما إذا مات الجنين بقتل أمه ولم ينفصل فذهبت العترة والحنفية والشافعية إلى أنه لا شيء فيه وقال الزهري أن سكنت حركته ففيه الغرة ورد بأنه يجوز بأن يكون غير آدمي فلا ضمان مع الشك .
قال في الفتح وقد شرط الفقهاء في وجوب الغرة انفصال الجنين ميتا بسبب الجناية فلو انفصل حيا ثم مات وجب فيه القود أو الدية كاملة انتهى . فإن أخرج الجنين رأسه ومات ولم يخرج الباقي فذهبت الحنفية والشافعية والهادوية إلى أن فيه الغرة أيضا وذهب مالك إلى أنه لا يجب فيه شيء .
قال ابن دقيق العيد ويحتاج من اشترط الإنفصال إلى تأويل الرواية وحملها على أنه انفصل وإن لم يكن في اللفظ ما يدل عليه وتعقب بما في حديث ابن عباس المذكور أنها أسقطت غلاما قد نبت شعره ميتا فإنه صريح في الإنفصال وبما في حديث أبي هريرة المذكور في الباب بلفظ " سقط ميتا " وفي لفظ للبخاري فطرحت جنينها وقيل هذا الحكم مختص بولد الحرة لأن القصة وردت في ذلك وما وقع في الأحاديث بلفظ إملاص المرأة ونحوه فهو وإن كان فيه عموم لكن الراوي ذكر أنه شهد واقعة مخصوصة .
وقد ذهب الشافعية والهادوية وغيرهم إلى أن في جنين الأمة كما أن الواجب في جنين الحرة عشر ديتها