- حديث أبي هريرة أخرجه أيضا البيهقي وفي إسناده يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف وقد روى عن الزهري مرسلا أخرجه البيهقي من طريق فرح بن فضالة عن الضحاك عن الزهري يرفعه وفرح ضعيف وقد قواه أحمد . وبالغ ابن الجوزي فذكر الحديث في الموضوعات وسبقه إلى ذلك أبو حاتم فإنه قال في العلل أنه باطل موضوع .
وقد رواه أبو نعيم في الحلية من طريق حكيم بن نافع عن خلف بن حوشب عن الحكم بن عتيبة عن سعيد بن المسيب سمعت عمر فذكره وقال تفرد به حكيم عن خلف . ورواه الطبراني من حديث ابن عباس نحوه وأورده ابن الجوزي من طريق أخرى عن أبي سعيد الخدري بلفظ " يجيء القاتل يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله " وأعله بعطية ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة قال الحافظ ومحمد لا يستحق أن يحكم على أحاديثه بالوضع فأما عطية فضعيف لكن حديثه يحسنه الترمذي إذا توبع . وحديث معاوية جميع رجال إسناده ثقات ويشهد له مافي هذا الباب من الأحاديث القاضية بعدم المغفرة للقاتل . وحديث أبي الدرداء الذي أشار إليه المصنف لفظه قال أبو الدرداء " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركا أو مؤمن قتل مؤمنا متعمدا " وروى أبو داود أيضا عن عبادة بن الصامت أنه روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال " من قتل مؤمنا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا " قال الخطابي فاغتبط أي فقتله بغير سبب وفسره بحيى بن يحيى الغساني بأنه الذي يقتل صاحبه في الفتنة فيرى أنه على هدى لا يستغفر الله من ذلك . وهذان الحديثان سكت عنهما أبو داود والمنذري في مختصر السنن ورجال إسناده كل واحد منهما موثقون .
قوله : " أول ما يقضي بين الناس " الخ فيه دليل على عظم ذنب القتل لأن الابتداء إنما يكون بالأهم وعائد الموصول محذوف والتقدير أول ما يقضى فيه ويجوز أن تكون مصدرية ويكون تقديره أول قضاء في الدماء أو يكون المصدر بمعنى اسم المفعول أي أول مقتضىفيه الدماء .
وقد استشكل الجمع بين هذا الحديث وبين الحديث الذي أخرجه أصحاب السنن عن أبي هريرة بلفظ " أول ما يحاسب العبد عليه صلاته " وأجيب بأن الأول يتعلق بمعاملات العباد والثانيي بمعاملات الله .
قال الحافظ على أن النسائي أخرجهما في حديث واحد أورده من طريق أبي وائل عن مسعود رفعه " أول ما يحاسب العبد به الصلاة وأول ما يقضى بين الناس في الدماء " وقد استدل بحديث ابن مسعود الأول المذكور على أن القضاء يختص بالناس ولا يكون بين البهائم وهو غلط لأن مفاده حصر الأولية في القضاء بين الناس وليس فيه نفي القضاء بين البهائم مثلا بعد القضاء ين الناس .
قوله : " على بن آدم الأول " وهو قابيل عند الأكثر وعكس القاضي جمال الدين من واصل في تاريخه فقال اسم المقتول قابيل اشتق من قبول قربانه وقيل اسمه قابن بنون بدل اللام بغير ياء وقيل قبن مثله بغير ألف . وعن الحسن لم يكن ابن آدم المذكور وأخوه المقتول من صلب آدم وإنما كانا من بني إسرائيل أخرجه الطبري . وعن مجاهد أنهما كانا ولدي آدم لصلبه وهذا هو المشهور وهو الظاهر من حديث الباب لقوله " الأول " أي أول من ولد لآدم ويقال أنه لم يولد لآدم في الجنة غيره وغير توأمته ومن ثم فخر على أخيه هابيل فقال نحن من أولاد الجنه وأنتم من أولاد الأرض ذكر ذلك ابن إسحاق في المبتدأ .
قوله : " كفل من دمها " بكسر الكاف وسكون الفاء وهو النصيب وأكثر ما يطلق على الأجر كقوله تعالى { كفلين من رحمته } ويطلق على الاسم كقوله تعالى { من يشفع شفاعة سيئة يكون له كفل منها } . قوله " لأنه أول من سن القتل " فيه دليل على أن من سن شيئا كتب له أو عليه وهو أصل في أن المعونة على ما لا يحل حرام وقد أخرج مسلم من حديث جرير " من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة " وهو محمول على من لم يتب عن ذلك الذنب .
قوله : " بشطر كلمة " قال الخطابي قال ابن عيينة مثل أن يقول اق من قوله اقتل وفي هذا من الوعيد الشديد ما لا يقادر قدره فإذا كان شطر الكلمة موجبا لكتب الإياس من الرحمة بين عيني قائلها فكيف بمن أراق دم المسلم ظلما وعدوانا بغير حجة نيرة وقد استدل بهذا الحديث وبحديث معاوية وأبي الدرداء المذكورين بعده على أنها لا تقبل التوبة من قاتل العمد وسيأتي بيان ما هو الحق إن شاء الله