- حديث أبي هريرة الآخر أخرجه أيضا ابن حبان والحاكم قال ابن حزم اختلف يحيى القطان والثوري فقدم يحيى الزوجة على الولد وقدم سفيان الولد على الزوجة فينبغي أن لا يقدم أحدهما على الآخر بل يكونان سواء لأنه قد صح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا تكلم تكلم ثلاث فيحتمل أن يكون في إعادته إياه مرة قدم الولد ومرة قدم الزوجة فصارا سواء ولكنه يمكن ترجيح تقدم الزوجة على الولد بما وقع من تقديمها في حديث جابر المذكور في الباب وهكذا قال الحافظ في التلخيص . وحديث أبي هريره الأول فيه دليل على أن الإنفاق على أهل الرجل أفضل من الإنفاق في سبيل الله ومن الإنفاق في الرقاب ومن التصدق على المساكين . وحديث جابر فيه دليل على أنه لا يجب على الرجل أن يؤثر زوجته وسائر قرابته بما يحتاج إليه في نفقة نفسه ثم إذا فضل عن حاجة نفسه شيء فعليه إنفاقه على زوجته وقد انعقد الإجماع على وجوب نفقة الزوجة ثم إذا فضل عن ذلك شئ فعلى ذوي قرابته ثم إذا فضل عن ذلك شئ فيستحب له التصدق بالفاضل والمراد بقوله هكذا وهكذا أي يمينا وشمالا كناية عن التصدق واعلم أنه قد وقع الإجماع على أنه يجب على الولد الموسر مؤنة الأبوين المعسرين كما حكى ذلك في البحر واستدل له بقوله تعالى { وبالوالدين إحسانا } ثم قال ولو كانا كافرين لقوله تعالى { وإن جاهداك } " وأنت ومالك لأبيك " ثم حكى بعد حكاية الإجماع المتقدم عن العنرة والفريقين أن الأم المعسرة كالأب في وجوب نفقتها ( واستدل ) بقوله صلى الله عليه وآله وسلم " أمك ثم أمك " الخبر وحكي عن مالك الخلاف في ذلك لعدم الدليل وأجاب عليه بأن هذا الخبر دليل وعلى فرض عدم الدليل فبالقياس على الأب ثم قال وكذا الخلاف في الجد أب الأب ثم حكي عن عمرو بن أبو ليلى والحسن بن صالح والعترة وأحمد بن حنبل وأبي ثور أنها تجب النفقة لكل معسر على كل موسر إذا كانت ملتهما واحدة وكانا يتوارثان واستدل لذلك بقوله تعالى { وعلى الوارث مثل ذلك } اللام للجنس . وحكي عن أبي حنيفة وأصحابه أنها إنما تلزم للرح المحرم فقط . وعن الشافعي وأصحابه لا تجب إلا للأصول والفصول فقط . وعن مالك لا تجب إلا للولد والوالد فقط وقد أجيب عن الاستدلال بالآية المذكورة بمنع دلالتها على المطلوب ودعوى أن الإشارة بقوله ذلك إلى عدم المضارة وعلى التسليم فالمراد وارث الأب بعد موته والأولى أن يقال لفظ الوارث فيه احتمالات . أحدها أن يراد المولود له المذكور في صدر الآية وهو المولود وقد قال بهذا قبيصة بن ذؤيب . الثاني أن يراد وارث المولود وبه قال الجمهور من السلف وأحمد وإسحاق وأبو ثور . الثالث أن يراد به الباقي من الآبوين بعد الآخر وبه قال سفيان وغيره فحينئذ لفظ الوارث مجمل لا يحل حمله على أحد هذه المعاني إلا بدليل مع أنه لا يصح الاستدلال بالآية على وجوب نفقة كل معسر على من يرثه من قرابته الموسرين لأن الكلام في الآية في رزق الزوجات وكسوتهن ولكنه يدل على المطلوب عموم فلذي قرابتك .
قوله : " تصدق به إلى ولدك فيه دليل على انه يلزم الأب نفقة ولده المعسر فإن كان الولد صغيرا فذلك اجماع كما حكاه صاحب البحر وإن كان كبيرا فقيل نفقته على الأب وحده دون الأم وقيل عليهما حسب الأرث ويأتي بقية الكلام على نفقة الاقارب في باب النفقة على الاقارب .
قوله : " تصدق به على خادمك " فيه دليل على وجوب نفقة الخادم وسيأتي الكلام على ذلك في باب نفقة الرقيق .
قوله : " بخمسة دنانير ذهبا " وقد قدمنا الكلام على هذا في الزكاة