- في رواية للبخاري " فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم كيف وقد قيل ففارقها عقبة ونكحت زوجا غيره " قوله " أم يحيى " اسمها غنية بفتح الغين المعجمة وكسر النون بعدها تحتية مشددة .
وقيل اسمها زينب وأهاب بكسر الهمزة وآخره باء موحدة وقد استدل بالحديث على قبول شهادة المرضعة ووجوب العمل بها وحدها وهو مروى عن عثمان وابن عباس والزهري والحسن والاوزاعي وأحمد بن حنبل وأبي عبيد ولكنه قال يجب العمل على الرجل بشهادتها فيفارق زوجته ولا يجب الحكم على الحاكم وروى عن مالك وفي رواية عنه انه لا يقبل في الرضاع إلا شهادة امرأتين وبه قال جماعة من أصحابه .
وقال جماعة منهم بالأول وذهبت العترة والحنفية إلى أنه لا بد من رجلين أو رجل وأمرأتين كسائر المور ولا تكفي شهادة المرضعة وحدها بل لا تقبل عند الهادوية لان فيها تقريرا لفعل المرضعة ولا تقبل عندهم الشهادة إذا كانت كذلك مطلقا ولكنه حكى في البحر عن الهادوية والشافعية والحنفية انه يجب العمل بالظن الغالب في النكاح تحريما ويجب على الزوج الطلاق ان لم تكمل الشهادة واستدل لهم على ذلك بهذا الحديث .
وقال الإمام يحيى الخبر محمول على الاستحباب ولا يخفى ان النهي حقيقة في التحريم كما تقرر في الأصول فلا يخرج عن معناه الحقيقي إلا لقرينة صارفة والاستدلال على عدم قبول المرأة المرضعة بقوله تعالى { واستشهدوا شهيدين من رجالكم } لا يفيد شيئا لأن الواجب بناء العام على الخاص ولا شك أن الحديث أخص مطلقا وأما ما أجاب به عن الحديث صاحب ضوء النهار من أنه مخالف للأصول فيجاب عنه بالاستفسار عن الأصول فان أراد القاضية باعتبار شهادة عدلين أو رجل وأمرأتين فلا مخالفة لان هذا خاص وهي عامة وان أراد غيرها فما هو .
وأما ما رواه أبو عبيد عن علي وابن عباس والمغيرة أنهم امتنعوا من التفرقة بين الزوجين بذلك فقد تقرر ان أقوال بعض الصحابة ليست بحجة على فرض عدم معارضتها لما ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم فكيف إذا عارضت ما هو كذلك وأما ما قيل من أمره صلى الله عليه وآله وسلم له من باب الاحتياط فلا يخفى مخالفته لما هو الظاهر ولا سيما بعد أن قرر السؤال أربع مرات كما في بعض الروايات والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول له في جميعها كيف وقد قيل وفي بعضها دعها عنك كما في حديث الباب وفي بعضها لاخير لك فيها مع أنه لم يثبت في رواية أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمره بالطلاق ولو كان ذلك من باب الاحتياط لأمره به فالحق وجوب العمل بقول المرأة المرضعة كانت أو أمة حصل الظن بقولها أو لم يحصل لما ثبت في رواية أن السائل قال وأظنها كاذبة فيكون هذا الحديث الصحيح هادما لتلك القاعدة المبنية على غير أساس أعني قولهم أنها لا تقبل شهادة فيها تقرير لفعل الشاهد ومخصصا لمعلومات الادلة كما خصصها دليل كفاية العدلة في عورات النساء عند أكثر المخالفين