- حديث أم سلمة الأول قال البيهقي روى موقوفا والمرفوع من رواية إبراهيم بن طهمان وهو موثوق من رجال الصحيحين وقد ضعفه ابن حزم ولا يلتفت إلى ذلك فإن الدار قطني قد جزم بأن تضعيف من ضعفه إنما هو من قبل الإرجاء .
وقد قيل انه رجع عن ذلك . وحديثها الثاني أخرجه الشافعي وفي إسناده المغيرة بن الضحاك عن أم حكيم بنت أسيد عن أمها عن مولى لها عن أم سلمة وقد أعله عبد الحق والمنذري بجهالة حال المغيرة ومن فوقه قال الحافظ وأعل بما في الصحيحين عن زينب بنت أم سلمة سمعت أم سلمة تقول " جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت يا رسول الله إن ابنتي توفى عنها زوجها وقد اشتكت عينها " الحديث وقد تقدم وحسن إسناده وحديثها المذكور في الباب الحافظ في بلوغ المرام . وحديث أسماء بنت عميس أخرجه ابن جبان وصححه وقد تقدم الكلام عليه في الباب الذي قبل هذا .
قوله : " ننهي " بضم أوله .
قوله : " ولا نكتحل " قد تقدم الكلام عليه .
قوله : " ولا نتطيب " فيه تحريم الطيب على المعتدة وهو كل ما يسما طيبا ولا خلاف في ذلك وقد استثنى صاحب البحر اللينوفر والبنفسج والعرار وعلل ذلك بأنها ليست بطيب ثم قال أما البنفسج ففيه نظر .
قوله : " ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب " بمهملتين مفتوحتين ثم ساكنة ثم موحدة وهو بالإضافة برود اليمن يعب غزلها أي يربط ثم يصبغ ثم ينسج معصوبا فيخرج موشي لبقاء ما عصب منه أبيض لم ينصبغ وإنما ينصبغ السدى دون اللحمة .
وقال السهيلي إن العصب نبات لا ينبت إلا باليمن وهو غريب وأغرب منه قول الداودي إن المراد بالثوب العصب الخضرة وهي الحبرة .
قال ابن المنذر أجمع العلماء أنه لا يجوز للحادة لبس الثياب المعصفرة ولا المصبغة إلا ما صبغ بسواد فرخص فيه مالك والشافعي لكونه لا يتخذ للزينة بل هو من لباس الحزن .
وقال الإمام يحيى لها لبس البياض والسواد وإلا كهب وما بلى صبغه والخاتم والزقر والودع . وكره عروة العصب أيضا وكره مالك غليظه قال النووي الأصح عند أصحابنا تحريمه مطلقا والحديث حجة عليهم .
قال النووي ورخص أصحابنا ما لا يتزين به ولو كان مصبوغا وأختلف في الحرير فالأصح عند الشافعية منعه مطلقا مصبوغا أو غير مصبوغ لأنه من ثياب الزينة وهي ممنوعة منها قال في البحر مسألة ويحرم من اللباس المصبوغ للزينة ولو بالمغرة والحرير وما في منزلته لحسن صنعته والمطرز والمنقوش بالصبغ والحلي جميعا .
قال في الفتح وفي التحلي بالذهب والفضة واللؤلؤ ونحوه وجهان الأصح جوازه وفيه نظر لأنه من الزينة ويصدق عليه أيضا اسم الحلي المنهى عنه في حديث أم سلمة المذكور .
قوله : " في نبذة " بضم النون وسكون الموحدة بعدها معجمه وهي القطعة من الشيء وتطلق على الشيء اليسير قوله " من كست أظفار " بضم الكاف وسكون المهملة وبعدها مثناة فوقية وفي رواية من قسط بقاف مضمومة كما في الرواية الأخرى المذكورة وهو بالإضافة إلى أظفار وفي الرواية الأخرى من قسط أو أظفار وهو أصوب وخطأ القاضي عياض رواية الإضافة .
قال النووي القسط والأظفار نوعان معروفان من البخور وليسا من مقصود الطيب رخص فيه للمغتسلة من الحيض لإزالة الرائحة الكريهة تتبع به أثر الدم لا للتطيب وقال البخاري القسط والكست مثل الكافور والقافور انتهى وروي كسط بالطاء بإبدال الكاف من القاف .
قال في النهاية وقد تبدل الكاف من القاف وقد استدل بهذا على أنه يجوز للمرأة استعمال ما فيه منفعة من جنس ما منعت منه .
قوله : " ولا الممشقة " أي المصبوغة بالمشق وهو المغرة .
قوله : " يشيب الوجه " بفتح أوله وضم الشين المعجمة أي يجمله . وظاهر حديث أم سلمة هذا أنه يجوز للمرأة المعتدة عن موت إن تجعل على وجهها الصبر بالليل وتنزعه بالنهار لأنه يحسن الوجه فلا يجوز فعله في الوقت الذي تظهر فيه الزينة وهو النهار ويجوز فعله بالليل لأنها لا تظهر فيه .
قوله " ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء " فيه دليل على أنه لا يجوز للمرأة إن تمتشط بشيء من الطيب أو بما فيه زينة كالحناء ولكنها تمتشط بالسدر .
قوله : " تغلفين به رأسك " الغلاف في الأصل الغشاوة وتغليف الرأس إن يجعل عليه من الطيب أو السدر ما يشبه الغلاف .
قال في القاموس تغلف الرجل واغتلف حصل له غلاف .
قوله : " تحد " بفتح أوله وضم الجيم بعدها دال مهملة أي تقطع نخلا لها وظاهر أذنه صلى الله عليه وآله وسلم لها بالخروج لجد النخيل يدل على أنه يجوز لها الخروج لتلك الحاجة أو ما يشابهها بالقياس .
وقد بوب النووي لهذا الحديث فقال باب جواز خروج المعتدة البائن من منزلها في النهار للحاجة إلى ذلك ولا يجوز لغير حاجة وقد ذهب إلى ذلك على Bه وأبو حنيفة والقاسم والمنصور بالله ويدل على اعتبار الغرض الديني أو الدنيوي تعليله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بالصدقة أو فعل الخير ولا معارضة بين هذا الحديث وقوله تعالى { لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن } الآية بل الحديث مخصص لذلك العموم المشعور به من النهي فلا يجوز الخروج إلا للحاجة لغرض من الأغراض . وذهب الثورى والليث ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم إلى أنه يجوز لها الخروج في النهار مطلقا وتمسكوا بظاهر الحديث وليس فيه ما يدل على اعتبار الحاجة وغايته اعتبار إن يكون الخروج لقربه من القرب كما يدل على ذلك آخر الحديث ومما يؤيد مطلق الجواز في النهار القياس على المتوفي عنها كما سيأتي .
قوله : " تسلبي " بفتح أوله وبعده سين مهملة مفتوحة وتشديد اللام أي البسي السلاب وهو ثوب الإحداد وقيل هو ثوب أسود تغطي به رأسها وقد قدمنا الكلام على حديث أسماء هذا وكيفية الجمع بينه وبين الأحاديث القاضية بوجوب الإحداد