- رواية أنه كان عبدا ثابتة أيضا عن طريق ابن عمر عن الدارقطني والبيهقي كان زوج بريرة وفي اسناده ابن أبي ليلى وهو ضعيف ومن طريق صفية بنت أبى عبيد عند النسائي والبيهقي باسناد صحيح . وروى ابن سعد في الطبقات عن عبد الوهاب عن داود بن عطاء عن أبي هند عن عامر الشعبي " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لبريرة لما عتقت قد عتق بضعك فاختاري " ووصل هذا المرسل الدارقطني من طريق ابان بن صالح عن هشام عن أبيه وهذه رواية مطلقة ليس فيها ذكر أنه كان عبدا أو حرا . وروى شعبة عن عبد الرحمن أنه قال ما أدرى احرام عبد وهذا شك وهو غير قادح في روايات الجزم وكذلك الرواية المطلقة تحمل على الروايات المقيدة ( والحاصل ) أنه قد ثبت من طريق ابن عباس وابن عمر وصفية بنت أبي عبيد أنه كان عبد ولم يرو عنهم ما يخالف ذلك وثبت عن عائشة من طريق القاسم وعروة أنه كان عبدا ومن طريق الأسود أنه كان حرا ورواية اثنين أرجح من رواية واحد على فرض صحة الجمع فكيف إذا كانت رواية الواحد معلولة بالإنقطاع كما قال البخاري . وروى عن البخاري أيضا أنه قال هي من قول الحكم وقول ابن عباس أنه كان عبدا أصح . وقال البيهقي روينا عن القاسم ابن أخيها وعن عروة ومجاهد وعمرة كلهم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها أن شئت أن تثوي تحت العبد . قال المنذري وروى عن الأسود أنه كان عبدا فاختلف عليهمع أن بعضهم يقول أن لفظ أنه كان حرا من قول إبراهيم وإذا تعارضت الرواية عن الأسود فتطرح ويرجع إلى رواية لجماعة عن عائشة على أنا لو فرضنا أن الروايات عن عائشة متعارضة ليس لبعضها مرجح على بعض كان الرجوع إلى رواية غيرها بعد اطراح روايتها وقد روى غيرها أنه كان عبدا على طريق الجزم فلم يبق حينئذ شك في رجحان عبوديته وقال أحمد بن حنبل إنما يصح أنه كان حرا عن الأسود وحده وما جاء عن غيره فليس بذاك وصح عن ابن عباس وغيره أنه كان عبدا ورواه علماء المدينة وإذا روى علماء المدينة شيئا وعملوا به فهو أصح وقال الدارقطني قال عمران بن جرير عن عكرمة عن عائشة كان حرا وهو وهم في شيئين في قوله كان حرا وفي قوله عن عائشة وإنما هو من رواية عكرمة عن ابن عباس ولم يختلف على ابن عباس أنه كان عبدا وكذا جزم الترمذي عن ابن عمر : وقال ابن القيم في الهدى إن حديث عائشة رواه ثلاثة : الأسود وعروة والقاسم . فأما الأسود فلم يختلف عنه أنه كان حرا . وأما عروة فعنه روايتان صحيحتان متعارضتان إحداهما أنه كان حرا والثانية أنه كان عبدا . وأما عبد الرحمن بن القاسم فعنه روايتان صحيحتان إحداهما أنه كان حرا والثانية الشك انتهى . وقد عرفت مما سلف ما يخالف هذا وعلى فرض صحته فغاية الأمر أن الروايات عن عائشة متعارضة فيرجع إلى رواية غيرها وقد عرفت أنها عرفت أنهات متفقة على الجزم بكونه عبدا . وقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان الزوج حرا هل يثبت للزوجة الخيار أم لا فذهب الجمهور إلى أنه لا يثبت وجعلوا العلة في الفسخ عدم الكفاءة لأن المرأة إذا صارت حرة وكان زوجها عبدا لم يكفؤا لها ويؤيد هذا قول عائشة في حديث الباب ولوكان حرا لم يخيرها ولكنه قد تعقب ذلك بأن هذه الزيادة مدرجة من قول عروة كما صرح بذلك النسائي في سننه وبينه أيضا أبو داود في رواية مالك ولو سلم أنه من قولها فهو اجتهاد وليس بحجة . وذهبت العترة والشعبي والنخعي والثوري والحنفية إلى أنه يثبت الخيار ولو كان الزوج حرا وتمسكوا أولا بتلك الرواية التي فيها أنه كان زوج بريرة حرا وقد عرفت عدم صلاحية ذلك للتمسك به ومما يصلح للتمسك به ما وقع في بعض روايات حديث بريرة " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها ملكت نفسك فاختارى " فإن ظاهر هذا مشعر بأن السبب في التخيير هو ملكها لنفسها وذلك مما يستوي فيه الحر والعبد . وقد أجيب عن ذلك بأنه يحتمل أن المراد من ذلك أنها استقلت بأمر النظر في مصالحها من غير إجبار عليها من سيدها كما كانت من قبل يحبرها سيدها على الزوج .
ومن جملة ما يصلح للاحتجاج به على عدم الفسخ إذا كان الزوج حرا ما في سنن النسائي " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال أيما أمة كانت تحت عبد فعتقت فهي بالخيار مالم يطأها زوجها " وفي إسناده حسين بن عمرو بن أمية الضمري وهو مجهول وأخرج النسائي أيضا عن القاسم بن محمد قال " كان لعائشة غلام وجارية قالت فأردت أن أعتقها فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال أبدئي بالغلام قبل الجارية " قالوا ولم يكن التخيير ممتنعا إذا كان الزوج حرا لم يكن للبداءة بعتق الغلام فائدة فإذا بدأت به عتقت تحت حر فلا يكون لها اختيار وفي إسناد هذا الحديث عبد الله بن عبد الرحمن وهو ضعيف . قال العقيلي لا يعرف الا به قال ابن حزم لا يصح هذا الحديث ولو صح لم يكن فيه حجة لأنه ليس فيه إنهما كانا زوجين ولو كانا زوجين يحتمل أن تكون البدائة بالرجل لفضل عتقه على الأنثى كما في الحديث الصحيح : قوله " وهي عند مغيث " بضم الميم وكسر المعجمة ثم تحتية ساكنة ثم مثلثة . ووقع عند العسكري بفتح المهملة وتشديد التحتية وآخره باء موحدة وجزم ابن ماكولا وغيره بالأول ووقع عند المستغفري في الصحابة ان اسمه مقسم . قال الحافظ وما أظنه الا تصحيفا : قوله " ان قربك فلا خيار لك " فيه دليل على ان خيار من عتقت على التراخي وأنه يبطل إذا مكنت الزوج من نفسها وإلى ذلك ذهب مالك وأبو حنيفة وأحمد والهادوية وهو قول للشافعي وله قول آخر أنه على الفور . وفي رواية عنه أنه إلى ثلاثة أيام . وقيل بقيامها من مجلس الحاكم وقيل من مجلسها وهذان القولان للحنفية والقول الأول هو الظاهر لإطلاق التخيير لها إلى غاية هي تمكينها من نفسها . ويؤيد ذلك ما أخرجه أحمد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بلفظ " إذا عتقت الأمة فهي بالخيار ما لم يطأها أن تشأ فارقته وان وطئها فلا خيار لها ولا تستطيع فراقه " وفي رواية للدارقطني " ان وطئك فلا خيار لك "