- حديث أم سلمة أخرجه أيضا النسائي وابن حبان وفي إسناده نبهان مولى أم سلمة شيخ الزهري وقد وثق . وفي الباب عن عائشة عند مالك في الموطأ أنها احتجبت من أعمى فقيل لها أنه لا ينظر اليك قالت لكني أنظر إليه . وقد استدل بحديث أم سلمة هذا من قال انه يحرم على المرأة نظر الرجل كما يحرم على الرجل نظر المرأة وهو أحد قولي الشافعي وأحمد والهادوية . قال النووي وهو الأصح ولقوله تعالى { وقل للمؤمنات بغضضن من أبصارهن } ولأن النساء أحد نوعي الآدميين فحرم عليهن النظر إلى النوع الآخر قياسا على الرجال ويحققه أن المعنى المحرم للنظر هو خوف الفتنة وهذا في المرأة أبلغ فإنها اشد شهوة وأقل عقلا فتسارع إليها الفتنة أكثر من الرجل واحتج من قال بالجواز فيما عدا ما بين سرته وركبته بحديث عائشة المذكور في الباب ويجاب عنه بأنها كانت يومئذ غير مكلفة على ما تقضي به العبارة المذكورة في الباب ويؤيد هذا احتجابها من الأعمى كما تقدم وقد جزم النووي بأ ن عائشة كانت صغيرة دون البلوغ أو كان ذلك قبل الحجاب وتعقبه الحافظ بأن في بعض طرق الحديث ان ذلك كان بعد قدوم وفد الحبشة وان قدومهم كان سنة سبع . ولعائشة يومئذ ست عشرة سنة . واحتجوا ايضا بحديث فاطمة بنت قيس المتفق عليه انه صلى الله عليه وآله وسلم امرها ان تعتد في بيت أم مكتوم وقال انه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده ويجاب بأنه يمكن ذلك مع غض البصر منها ولا ملازمة بين الأجتماع في البيت والنظر واحتجوا أيضا بالحديث الصحيح في مضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى النساء في يوم العيد عند الخطبة فدكرهن ومعه بلال فأمرهن بالصدقة وقد تقدم ويجاب أيضا بأن ذلك لا يستلزم النظر منهن لامكان سماع الموعظة ودفع الصدقة مع غض البصر وقد جمع أبو داود بين الأحاديث فجعل حديث أم سلمة مختصا بازواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم . وحديث فاطمة وما في معناه لجميع النساء . قال الحافظ في التلخيص قلت وهذا جمع حسن وبه جمع المنذري في حواشيه واستحسنه شيخنا انتهى . وجمع في الفتح بأن الأمر بالأحتجاب من ابن أم مكتوم لعله لكون الأعمى مظنة أن ينكشف منه شيء ولا يشعر به فلا يستلزم عدم جواز النظر مطلقا . قال ويؤيد الجواز استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال ولم يؤمر الرجال قد بالأنتقاب لئلا يراهم النساء فدل على مغايرة الحكم بين الطائفتين وبهذا احتج الغزالي . قوله " يلعبون في المسجد " فيه دليل على جواز ذلك في المسجد وحكى ابن التين عن أبي الحسن اللخمي أن اللعب بالحراب في المسجد منسوخ في القرآن والسنة أما القرآن فقوله تعالى { في بيوت أذن الله أن ترفع } وأما السنة فحديث " جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم " وتعقب بأن الحديث ضعيف وليس فيه ولا في الآية تصريح بما أدعاه ولا عرف التاريخ فيثبت النسخ . وحكى بعض المالكية عن مالك أن لعبهم كان خارج المسجد وكانت عائشة في المسجد وهذا لا يثبت عن مالك فإنه خلاف ما صرح به في طرق هذا الحديث كذا قال في الفتح . وفي الحديث أيضا جواز النظر إلى اللهو المباح وفيه حسن خلقه مع أهله وكرم معاشرته : قوله " حتى شبعت " فيه استعارة الشبع لقضاء الوطر من النظر