- حديث ابن عمر أخرجه أيضا البيهقي مرفوعا وموقوفا وقال الصحيح وقفه على عمر وكذا قال عبد الحق . وقال صاحب الإلمام المعروف فيه الوقوف والذي رفعه ثقة قيل ولا يصح مسندا . وحديث جابر الأول أخرجه أيضا الشافعي والبيهقي وحديثه الثاني أخرجه أيضا ابن حبان والحافظ . وحديث سلامة بنت معقل أخرجه أيضا أبو داود وفي إسناده محمد بن إسحاق بن يسار وفيه مقال . وذكر البيهقي أنه أحسن شيء روي في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال هذا بعد أن ذكر أحاديث في أسانيدها مقال ( وفي الباب ) عن أبي سعيد عند الحاكم بنحو حديث جابر الآخر وإسناده ضعيف . قال البيهقي وليس في شيء من الطرق أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أطلع علي ذلك يعني بيع أمهات الأولاد وأقرهم عليه . وقال الحافظ أنه روى ابن أبي شيبة في مصنفه من طريق أبي سلمة عن جابر ما يدل على ذلك يعني الإطلاع والتقرير : قوله " قال بعض العلماء " قد روى نحو هذا الكلام عن الخطاب فقال يحتمل أن يكون بيع أمهات الأولاد كان مباحا ثم نهى عنه صلى الله عليه وآله وسلم في آخر حياته ولم يشهر ذلك فلما بلغ ذلك عمر نهاهم : قوله ومثل هذا حديث جابر سيأتي الكلام عليه في النكاح إن شاء الله تعالى : قوله " عن الخطاب بن صالح " هو المدني مولى النصار معدود في الثقات توفي سنة ثلاث وأربعين ومائة وسلامة بتخفيف اللام وهي امرأة من قيس عيلان والحباب بضم الحاب المهملة وتخفيف الباء الموحدة وأبو اليسر بفتح التحتية والسين المهملة اسمه كعب يعد في أهل المدينة وهو صحابي أنصاري بدري عقبي . وقد استدل بحديثي ابن عباس المذكورين في الباب وحديث ابن عمر القائلون بأنه لا يجوز بيع أمهات الأولاد وهم الجمهور وقد حكي ابن قدامة إجماع الصحابة على ذلك ولا يقدح في صحة هذه الحكاية ما روي عن علي وابن عباس وابن الزبير من الجواز لأنه قد روي عنهم الرجوع عن المخالفة كما حكي ذلك ابن رسلان في شرح السنن . وأخرج عبد الرزاق عن علي بإسناد صحيح أنه رجه عن رأيه الآخر إلى قول جمهور الصحابة وأخرج أيضا عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة السلماني قال " سمعت عليا يقول اجتمع رأيي ورأي عمر في أمهات الأولاد أن لا يبعن ثم رأيت بعد أن يبعن قال عبيدة فقلت له فرأيك ورأي عمر في الجماعة أحب إلي من رأيك وحدك في الفرقة " وهذا الإسناد معدود في أصح الأسانيد ورواه البيهقي عن طريق أيوب . وأخرج نحوه ابن أبي شيبة وروى ابن قدامة في الكافي أن عليا لم يرجع رجوعا صريحا إنما قال لعبيدة وشريح اقضوا كما كنتم تقضون فإني أكره الخلاف وهذا واضح في أنه لم يرجع عن اجتهاده وإ ما أذن لهم أن يقضوا باجتهادهم الموافق لرأي من تقدم . قال ابن قدامة أيضا وقد روى صالح عن أحمد أنه قال أكره بيعهن وقد باع علي بن أبي طالب قال أبو الخطاب فظاهر هذا أنه يصح مع الكراهة وروى البيهقي من طرق منها عن الثوري عن عبد الله بن دينار قال جاء رجلان إلى ابن عمر فقال من أين أقبلتما قال من قبل ابن الزبير فأحل لنا أشياء كانت تحرم علينا قال ما أحل لكم قالا أحل لنا بيع أمهات الأولاد قال أتعرفان أبا حفص عمر فإنه نهى أن تباع أو تورث يستمتع بها ما كان حيا فإذا مات فهي حرة ومن القائلين بجواز البيع الناصر والباقر والصادق والإمامية وبشر المريسي ومحمد بن المطهر وولده المزني وداود الظاهري قتادة ولكنه إنما يجوزعند الباقر و الصادق و الامامية بشرط أن بيعها في حياة سيدها فإن مات ولها منه ولد باق عتقت عندهم و قد قيل إن هذا مجمع عليه و قد روي في جامع آل محمد عن القاسم بن إبراهيم أن من أدرك من أهله لم يكونوا يثبتون رواية بيع أمهات الأولاد و قد ادعى بعض المتأخرين الإجماع على تحريم بيع أم الولد مطلقا وهو مجازفة ظاهرة .
وادعى بعض أهل العلم أن تحريم بيعهن قطعي وهو فاسد لأن القطع بالتحريم إت كان لأجل الأدلة القاضية بالتحريم ففيها ما عرفت من المقال السالف وإن كان لأجل الإجماع المدعي ففيه ما عرفت وكيف يصح الاحتجاج بمثل ذلك والخلاف ما زال منذ أيام الصحابة إلى الآن وقد تمسك القائلون بالجواز بحديثي جابر المذكورين وحديث سلامة وقد عرفت أن حديثي جابر ليس فيهما ما يدل على إطلاع النبي صلى الله عليه وآله وسلم على البيع وتقريره كما تقدم عن البيهقي وأيضا قوله فلا نرى بذلك باسا الرواية فيه بالنون التي للجماعة ولو كانت بالياء التحتية لكان فيه دلالة على التقرير . وأما حديث سلامة فدلالته على عدم الجواز أظهر لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهاهم عن البيع وامرهم بالإعتاق وتعويضهم عنها ليس فيه دليل على أنه كان يجوز بيعها لاحتمال أنه عوضهم لما رأى من احتياجهم وهذه المسألة طويلة الذيل . وقد افردها ابن كثير بمصنف مستقل . وحكي عن الشافعي فيها أربعة أقوال وذكر أن جملة ما فيها من الأقوال للعلماء ثمانية ولا شك أن الحكم بعتق أم الولد مستلزم لعدم جواز بيعها فلو صلحت الأحاديث القاضية بأنها تصير حرة بالولادة لكانت دليلا على عدم جواز البيع ولكن فيها ما سلف والأحوط اجتناب البيع لأن أقل أحواله أن يكون من الأمور المشتبهة والمؤمنون واقفون عندها كما أخبرنا بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم والله أعلم