- حديث ابن عمر أورده الحافظ في التلخيص وسكت عنه وأخرج نحوه أبو داود من حديثه بلفظ " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول من مشى إلى رجل من أمتي ليقتله فليقل هكذا أي فليمد رقبته فالقاتل في النار والمقتول في الجنة " وحديث أبي موسى أخرجه ايضا ابن حبان وصححه القسيري في الأقتراح على شرط الشيخين وقال الترمذي حسن غريب اه وفي إسناد عبد الرحمن بن ثروان تكلم فيه بعضهم ووثقه يحيى بن معين واحتج به البخاري . وحديث سعبد بن أبي وقاص حسنه الترمذي وسكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في التلخيص ورجال إسناده ثقات لا حسين بن عبد الرحمن الأشجعي وقد وثقه ابن حبان . وحديث سهل بن حنيف أخرجه أيضا الطبراني وفي إسناده ابن لهيعة وبقية رجاله ثقات يشهد لصحته حديث البراء بن عازب عن البخاري وغيره وفيه الأمر بسبع والنهي عن سبع ومن السبع المأمور بها نصر المظلوم وحديث أبي موسى عند البخاري وغيره بلفظ " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعه بعضا " وحديث " انصر أخاك ظالما أو مظلوما " أخرجه البخاري وغيره ( وفي الباب ) عن أبي بكرة بنحو حديث سعد عند أبي داود . وعن أبي هريرة بنحوه أيضا عند البخاري ومسلم . وعند ابن مسعود بنحوه عند أبي داود . وعن خريم بن فاتك بنحوه أيضا عند أبي داود . وعن أبي ذر عند أبي داود والترمذي بلفظ " قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا أبا ذر قلت لبيك وسعديك قال كيف أنت إذا رأيت أحجار الزيت قد غرقت بالدم قلت ما خار الله لي ورسوله قال عليك بمن أنت منه قلت يا رسلول الله أفلا آخذ سيفي فاشعه على عاتقي قال شاركت القوم إذن فقلت فما تأمرني قال تلزم بيتك قلت فإن دخل على بيتي قال فإن خشيت أن يبهرك شعاع السيف فالق ثوبك على وجهك يبوء باثمك وأثمة : وعن المقداد بن الأسود عند أبي داود قال " أيم الله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ثلاثا إن السعيد لمن جنب الفتن ولمن ابتلى فصبر فواها التلهيف . وعن أبي بكرة غير الحديث الأول عند الشيخين وأبي داود والنسائي قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إذا تواجه المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار قال يا رسول الله هذا القائل فما بال المقتول قال إنه أراد قتل صاحبه " وعن خالد بن عرقطة عند أحمد والحاكم والطبراني وابن نافع بلفظ " ستكون بعدي فتنة واختلاف فإن استطعت أن تكون عبد الله بن المقتول لا القاتل فافعل " وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف وقد أخرجه الطبراني من حديث حذيفة ومن حديث خباب . وعن أبي واقد وخرشة أشار إلى ذلك الترمذي : قوله " كسر وافيها قسيكم " قيل المراد الكسر حقيقة ليسد عن نفسه باب هذا القتال وقيل هو مجاز والمراد ترك القتال : ويؤيده الأول واضربوا بسيوفكم الحجارة قال النووي والأول أصح . قوله " القاعد فيها خير من القائم " الخ معناه بيان عظم خطر الفتنة والحث على تجنبها والهرب منها ومن التسبب في شيء من أسبابها فإن شرها وفتنها يكون على حسب التعلق بها . قوله " كن كابن آدم " يعني الذي قال لأخيه لما أراد قتله { لئن بسطت إلى يدك لتقتلني ما أنا باسط يدي إليك لأقتلك } كما حكى الله ذلك في كتابه ( والأحاديث ) المذكورة في الباب تدل غللا مشروعية ترك المقاتلة وعدم وجوب المدافعة عن النفس والمال وقد اختلف العلماء في ذلك فقالت طائفة لا يقاتل في فتن المسلمين وإن دخلوا عليه بيته وطلبوا قتله ولا تجوز له المدافعة عن نفسه لان الطالب متأول وهذا مذهب أبي بكرة الصحابي وغيره وقال ابن عمر وعمران بن الحصين وغيرهما لا يدخل فيها لكن إن قصد دفع عن نفسه .
قال النووي فهذان المذهبان متفقان على ترك الدخول في جميع فتن المسلمين . قال القرطبي اختلف السلف في ذلك فذهب سعد ابن أبي وقاص وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة وغيرهم إلى أنه يجب الكف عن المقاتلة فمنم من قال يجب عليه أن يلزم بيته وقالت طائفة يجب عليه التحول عن بلد الفتنة أصلا . ومنهم من قال يترك المقاتلة حتى لو أراد لم يدفعه عن نفسه . ومنهم من قال يدافع عن نفسه وعن ماله وعن أهله وهو معذور أن قتل أو قتل وذهب جمهور الصحابة والتابعين إلى وجوب نصر الحق وقتال الباغين وكذا قال النووي وزاد أنه مذهب عامة علماء الأسلام واستدلوا بقوله تعالى { فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله } قال النووي وهذا هو الصحيح وتتأول الأحاديث على من لم يظهر له المحق او على طائفتين ظالمتين لا تأويل لواحدة منهما قال ولو كان كما قال الأولون لظهر الفساد واستطال أهل البغي والمبطلون اه . وقال بعضهم بالتفصيل وهو أنه إذا كان القتال بين طائفتين لا إمام لهم فالقتال ممنوع يومئذ وتنزل الأحاديث من يقدر عليه فمن أعان المحق أصاب ومن أعان المخطئ أخطأ وان أشكل الأمر فهي الحالة التي ورد النهي عن القتال فيها وذهب البعض إلى أن الأحاديث وردت في حق ناس مخصوصين وإن النهي مخصوص بمن خوطب بذلك وقيل إن النهي إنما هو في آخر الزمان حيث يحصل التحقق إن المقاتلة إنما هي في طلب الملك وقد أتى هذا في حديث ابن مسعود فأخرج أيام الهرج وهو حيث لا يأمن الرجل جليسه ويؤيد ما ذهب إليه الجمهور قول الله تعالى { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } وقوله تعالى { وجزاء سيئة سيئة مثلها } ونحو ذلك من الآيات والأحاديث وتؤيده أيضا الآيات والأحاديث الواردة في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسيأتي للمقام زيادة تحقيق في باب ما جاء في توبة القاتل من كتاب القصاص . وحديث سهل بن حنيف وما ورد في معناه يدل على أنه يجب نصر المظلوم ودفع من أراد اذلاله بوجه من الوجوه وهذا ممالا أعلم فيه خلافا وهو مندرج تحت أدلة النهي عن المنكر