- حديث الزبير أخرجه البخاري أيضا بنحو ما هنا وقد اتفق الشيخان على مثل معناه من حديث أبي هريرة وقد تقدم في باب ما جاء في الفقير والمسكين والمسألة من أبواب الزكاة : قوله " إياكم والجلوس " بالنصب على التحذير : قوله " ما لنا من مجالسنا بد " فيه دليل على أن التحذير للإرشاد لا للوجوب إذ لو كان للوجوب لم يراجعوه كما قال القاضي عياض وفيه متمسك لمن يقول أن سد الذراع بطريق الأولى لا على الحتم لأنه نهى أولا عن الجلوس حسما للمادة فلما قالوا مالنا من مجالسنا بد ذكر لهم المقاصد الأصلية للمنع فعرف أن النهي الأول للإرشاد إلى الأصلح ويؤخذ منه أن دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة وذلك أن الاحتياط في طلب السلامة آكد من الطمع في الزيادة . قال الحافظ ويحتمل أنهم رجوا وقوع النسخ تخفيفا لما شكوا من شدة الحاجة إلى ذلك يعني فيكون قولهم المذكور دليلا على أن التحذير الذي في قوة الأمر للإرشاد قال ويؤيده أن فيي مرسل يحيى بن يعمر ون القوم أنها عزيمة : قوله " إذا أبيتم إلا المجالس " في رواية للبخاري " فإذا أتيتم إلى المجلس " قوله " غض البصر " الخ زادأبو داود في حديث أبي هريرة " وإرشاد السبيل وتمشيت العاطس إذا حمد " وزاد الطبراني من حديث عمر " وإغاثة الملهوف " وزاد البزار من حديث ابن عباس " وأعينوا على الحمولة " وزاد الطبراني من حديث ابن سهل بن حنيف " وذكر الله كثيرا " وزاد الطبراني أيضا من حديث وحشي بن حرب " واهدوا الأغبياء واعينوا المظلوم " وجاء في حديث أبي طلحة من الزيادة " وحسن الكلام " وقد نظم الحافظ هذه الآداب فقال .
جمعت آداب من رام الجلوس على الطريق من قول خير الخلق إنسانا .
افش السلام وأحسن في الكلام وشمت عاطسا وسلاما رد إحسانا .
في الحمل عاون ومظلوما أعن واغث ... لهفان واهد سبيلا واهد حيرانا .
بالعرف مروانة عن نكر وكف أذى ... وغض طرفا وأكثر ذكر مولانا .
والعلة في التحذير من الجلوس على الطريق ما فيه من التعرض للفتنة بالنظر إلى من يحرم النظر إليه وللحقوق لله وللمسلمين التي لا تلزم غير الجالس في ذلك المحل . وقد أشار في حديث الباب بغض النظر إلى السلامة من الاحتقار والغيبة وبرد السلام إلى اكرام المارو بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى استعمال جميع ما يشرع وترك جميع مالا يشرع . وعلى هذا النمط بقية الآداب التي أشرنا إليها ولكل منها شاهد صحيح أو حسن . وقد استوفى ذلك الحافظ في الفتح في كتاب الأستئذان . وحديث الزبير قد سبق شرح ما اشتمل عليه في كتاب الزكاة ذكره المصنف ههنا لقوله فيه فيضعه في السوق فيبيعه فإن فيه دليل على جواز الجلوس في السوق للبيع ولا تخلو غالب الأسواق من كثرة الطرق فيه