- أما حديث عبد الرحمن بن شبل فقال في مجمع الزوائد رجال أحمد ثقات . وأخرجه أيضا البزار ويشهد له أحاديث . منها حديث عمران بن حصين وأبي بن كعب المذكور أن الباب . ومنها حديث جابر عند أبي داود قال " خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونحن نقرأ القرآن وفينا الأعرابي والعجمي فقال اقرؤا فكل حسن وسيجيء أقوام يقيمونه كما يقام القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه " ومنها حديث سهل ابن سعد عند أبي داود أيضا وفيه " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال اقرؤه قبل أن يقرأه قوم يقيمونه كما يقام السهم يتعجل أجره ولا يتأجله " وأما حديث عمران بن حصين فقال الترمذي بعد اخراجه هذا حديث حسن ليس اسناده بذاك . وأما حديث أبي ابن كعب فأخرجه أيضا البيهقي والروياني في مسنده قال البيهقي وابن عبد البر هو منقطع يعني بين عطية الكلاعي وأبي بن كعب . وكذلك قال المزي وتعقبهم الحافظ بأن عطية ولد في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأعله ابن القطان بالجهل بحال عبد الرحمن بن سلم الراوي عن عطية وله طرق عن أبي قال ابن القطان لا يثبت منها شيء قال الحافظ وفيما قال نظر وذكر المذى في ألأطراف له طرقا . منها أن الذي أقرأه أبي هو الطفيل بن عمرو ويشهد له ما أخرجه الطبراني في الأوسط عن الطفيل بن عمرو الدوسى قال " أقرأني أبي بن كعب القرآن فأهديت إليه قوسا فغدا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد تقلدها فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم تقلدها من جهنم قلت يا رسول الله انا ربما حضر طعامهم فأكلنا فقال أما ما عمل لك فإنما تأكله بخلاقك وأما ما عمل لغيرك فحضرته فأكلت منه فلا بأس " وما أخرجه الأثرم في سننه عن أبي قال " كنت أختلف إلى رجل مسن قد أصابته علة قد احتبس في بيته أقرئه القرآن فيؤتى بطعام لا آكل مثله بالمدينة فحاك في نفسي شيء فذكرته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال إن كان ذلك الطعام طعامه وطعام أهله فكل منه وإن كان بحقك فلا تأكل " وأما حديث عبادة الذي أشار إليه المصنف فلفظه " قال علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوسا فقلت ليس بمال وارمي عليها في سبيل الله D لأتينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا سألته فأتيته فقلت يا رسول الله إنه رجل أهدى إلي قوسا ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست بمال وأرمى عليها في سبيل الله فقال إن كنت تحب أن تطوق طوقا من نار فاقبلها " وفي إسناده المغيرة بن زياد أبو هاشم الموصلي وقد وثقه وكيع ويحيى بن معين وتكلم فيه جماعة . وقال الإمام أحمد ضعيف الحديث حدث بأحاديث مناكير وكل حديث رفعه فهو منكر . وقال أبو زرعة الرازي لا يحتج بحديثه ولكنه قد روي عن عبادة من طريق أخرى عند أبي داود بلفظ " فقلت ما ترى فيها يا رسول الله فقال جمرة بين كتفيك تقلدتها أو تعلقتها " وفي هذه الطريق بقية من الوليد وقد تكلم فيه جماعة ووثقه الجمهور إذا روى عن الثقات . وقد أورد الحافظ حديث عبادة هكذا في كتاب النفقات من التلخيص وتكلم عليه فليراجع ( وفي الباب ) عن معاذ عند الحاكم والبزار بنحو حديث أبي وعن أبي الدرداء عند الدارمى بإسناد على شرط مسلم بنحوه أيضا . وأما حديث عثمان بن أبي العاص فقد تقدم الكلام عليه في الأذان . وقد استدل بأحاديث الباب من قال أنها لا تحل الأجرة على تعليم القرآن وهو أحمد بن حنبل وأصحابه وأبو حنيفة والهادوية وبه قال عطاء والضحاك بن قيس والزهري وإسحاق وعبد الله بن شقيق وظاهره عدم الفرق بين أخذها على تعليم من كان صغيرا و كبيرا وقالت الهادوية إنما يحرم أخذها على تعليم الكبير لأجل وجوب تعليمه القدر الواجب وهو غير متعين ولا يحرم على تعليم الصغير لعدم الوجوب عليه وذهب الجمهور إلى أنها تحل الأجرة على تعليم القرآن وأجابوا عن أحاديث الباب بأجوبة . منها أن حديث أبي وعبادة قضيتان في عين فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علم أنهما فعلا ذلك خالصا لله فكره أخذ العوض عنه . وأما من علم القرآن على أنه لله وأن يأخذ من المتعلم ما دفعه إليه بغير سؤال ولا استشراف نفسه فلا بأس به . وأما حديث عمران بن حصين فليس فيه إلا تحريم السؤال بالقرآن وهو غير إتخاذ الأجر على تعليمه وأما حديث عيد الرحمن بن شبل فهو أخص من محل النزاع لأن المنع من التأكل بالقرآن لا يستلزم المنع من قبول ما دفعه المتعلم بطيبة من نفسه .
وأما حديث عثمان بن أبي العاص فالقياس للتعلم عليه فاسد الاعتبار لما سيأت هذا غاية ما يمكن أن يجاب به عن أحاديث الباب ولكنه لا يخفى أن ملاحظة مجموع ما تقضي به يفيد ظن عدم الجواز وينتهض للاستدلال به على المطلوب وإن كان في كل طريق من طرق هذه الأحاديث مقال فبعضها يقوي بعضا ويؤيد ذلك أن الواجبات إنما تفعل لوجوبها والمحرمات إنما تترك لتحريمها فمن أخذ على شيء من ذلك أجرا فهو من الآكلين لأموال الغير بالباطل لأن الإخلاص شرط ومن أخذ الأجرة غير مخلص والتبليغ للأحكام الشرعية واجب على كل فرد من الأفراد قبل قيام غيره به . ومن جملة ما أجاب به المجوزون دعوى النسخ بحديث ابن عباس الآتي وسيأتي الجواب عن ذلك واستدلوا على الجواز أيضا بما أخرجه الشيخان وغيرهما عن سهل بن سعد " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاءته امرأة فقالت يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك فقامت قياما طويلا فقام رجل فقل يا رسول الله زوجينها إن لم يكن لك بها حاجة فقال صلى الله عليه وآله وسلم هل عندك من شيء تصدقها إياه فقال ما عندي إلا ازرارى هذه فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن أعطيتها أزارك جلست لا إزار لك فالتمس شيئا فقال ما أجد شيئا فقال التمس ولو خاتما من حديد فالتمس فلم يجد شيئا فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل معك من القرآن شيء فقال نعم سورة كذا وسورة كذا يسميها فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد زوحتكها بما معك من القرآن " وفي رواية " قدملكتكها بما معك من القرآن " ولمسلم " زوجتهكا تعلمها من القرآن " وفي رواية لأبي داود " علمها عشرين آية وهي امرأتك " ولأحمد " قد انكحتكها على ما معك من القرآن " وقد أجاب المانعون من الجواز عن هذا الحديث بأجوبة منها أنه زوجها به بغير صداق إكراما له لحفظه ذلك المقدار من القرآن ولم يجعل التعليم صداقا وهذا مردود برواية مسلم وأبي داود المذكورة . ومنها أن هذا مختص بتلك المرأة وذلك الرجل ولا يجوز لغيرهما ويدل على ذلك ما أخرجه سعيد بن منصور عن أبي النعمان الأزدي " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم زوج امرأة على سورة من القرآن ثم قال لا يكون لأحد بعدك مهرا " ومنها أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يسم لها مهرا ولم يعطها صداعا وأوصى لا بذلك عند موته ويؤيده ما أخرجه أبو داود من حديث عقبة بن عامر " أنه صلى الله عليه وآله وسلم زوج رجلا امرأة ولم يفرض لها مهرا ولم يعطها شيئا فأوصى لها عند موته بسهمه من خيبر فباعته بمائة الف . ومنها أنها قضية فعل لا ظاهر لها . ومن حملة ما احتجوا به على الجواز حديث عمر بن الخطاب المتقدم في الزكاة " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له ما أتاك من هذا المال من غير مسألة ولا اشراف نفس فخذه " الحديث ويجاب عنه بأنه عموم مخصص بأحاديث الباب