- الحديث أخرجه أيضا الحاكم وابن حبان وفي إسناده كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه وهو ضعيف جدا . قال فيه الشافعي وأبو داود هو ركن من أركان الكذب وقال النسائي ليس بثقة . وقال ابن حبان له عن أبيه عن جده نسخة موضوعة وتركه أحمد . وقد نوقش الترمذي في تصحيح حديثه قال الذهبي أما الترمذي فروى من حديثه الصلح جائز بين المسلمين وصححه فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيحه . وقال ابن كثير في إرشاده قد نوقش أبو عيسى يعني الترمذي في تصحيحه هذا الحديث وماشاكله اه . واعتذر له الحافظ ( 1 ) [ قال في بلوغ المرام وكأنه اعتبره بكثرة طرقه وقد صححه ابن جبان من حديث أبي هريرة اه . ] فقال وكأنه اعتبره بكثرة طرقه وذلك لأنه رواه أبو داود والحاكم من طريق كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة قال الحاكم على شرطهما وصححه ابن حبان وحسنه الترمذي . وأخرجه أيضا الحاكم من حديث أنس . وأخرجه أيضا من حديث عائشة وكذلك الدارقطني . وأخرجه أحمد من حديث سليمان بن بلال عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة وأخرجه ابن أبي شيبة عن عطاء مرسلا . وأخرجه البيهقي موقوفا علي عمر كتبه إلى أبي موسى . وقد صرح الحافظ بأن إسناد حديث أنس وإسناد حديث عائشة واهيان وضعف ابن حزم حديث أبي هريرة وكذلك ضعفه عبد الحق . وقد روى من طريق عبد الله بن الحسين المصيصي وهو ثقة وكثير بن زيد المذكور قال أبو زرعة صدوق ووثقه ابن معين والوليد بن رباح صدوق أيضا ولا يخفى ان الأحاديث المذكورة والطرق يشهد بعضها لبعض فاقل أحوالها أن يكون المتن الذي اجتمعت عليه حسنا : قوله " الصلح جائز " ظاهر هذه العبارة العموم فيشمل كل صلح الاما استثنى ومن ادعى عدم جواز صلح زائد على ما استثناه الشارع في هذا الحديث فعليه الدليل . وإلى العموم ذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد والجمهور . وحكى في البحر عن العترة والشافعي وابن أبي ليلى أنه لا يصح الصلح عن أنكار وقد استدل لهم بقوله صلى الله عليه وآله وسلم " لا يحل مال أمرئ مسلم الا بطيبة من نفسه " وبقوله تعالى { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } ويجاب بأن الرضا بالصلح مشعر بطيبة النفس فلا يكون أكل المال به من أكل أموال الناس بالباطل ( 2 ) [ وقد جمع بين الأدلة بجمع حسن صاحب السبل قال ومعنى عدم صحته أنه لا يطيب مال الخصم مع انكار المصالح وذلك حيث يدعى عليه آخر عينا أو دينا فيصالح ببعض العين او الدين مع انكار خصمه فإن الباقي لا يطيب له بل يجب عليه تسليمه لقوله صلى الله عليه وآله وسلم " لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيبة من نفس " وقوله تعالى { عن تراض } وأجيب بأنها قد وقعت طيبة النفس بالرضى وعند الصلح قد صار في حكم عقد المعاوضة فيحل له ما بقي . قلت الأولى أن يقال إن كان المدعي يعلم إن حقا عند خصمه جاز له قبض ما صولح به والمدعى عليه إن كان عنده حق يعلمه جاز له إعطاء جزء من ماله في دفع شجار غريم وأذيته وحرم على المدعي أخذه وبهذا تجتمع الادلة فلا يقال الصلح على الإنكار لا يصلح ولا أنه يصح على الإطلاق بل يفصل فيه اه . ] واحتج لهم في البحر بأن الصلح معاوضة فلا يصح مع الإنكار كالبيع . وأجيب بأنه لا معنى للإنكار في البيع لعدم ثبوت حق لاحدهما على الآخر يتعلق به الإنكار قبل صدور البيع فلا يصح القياس . وقله " بين المسلمين " هذا خرج مخرج الغالب لأن الصلح جائز بين الكفار وبين المسلم والكافر . ووجه التخصيص إن المخاطب بالأحكام في الغالب هم المسلمون لأنهم هم المنقادون لها : قوله " الا صلحا " بالنصل على الأستثناء . وفي رواية لأبي داود والترمذي بالرفع . والصلح الذي يحرم الحلال كمصالحة الزوجة للزوج على ان لا يطلقها أو لا يتزوج عليها أو لا يبيت عند ضرتها والذي يحلل الحرام كأن مصالحه على وطء أمة لا يحل له وطؤها أو أكل مال لا يحل له أكله أو نحو ذلك : قوله " المسلمون على شروطهم " ( 1 ) [ وفي الاتيان بعلى ووصفهم بالاسلام والإيمان دلالة على علو مرتبتهم وأنهم لا يخلون بشروطهم فهلا يتنبه لذلك أهل هذا العصر ويقتدون بسلفهم وبما جاءت به شريعتهم لا سيما أهل العلم منهم ومن كان حائزا للشهادة والوظيفة نسأل الله التوفيق ] أي ثابتون عليها لا يرجعون عنها . قال المنذري وهذا في الشروط الجائزة دون الفاسدة ويدل على هذا قوله " الا شرطا حرم حلالا " الخ ويؤيده ماثبت في حديث بريرة من قوله صلى الله عليه وآله وسلم " كل شرك ليس في كتاب الله فهو باطل " وحديث " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد والشرط الذي يحل الحرام كأن يشرط نصرة الظالم أو الباغي أو غزو المسلمين والذي يحرم الحلال كأن يشرط عليه أن لا يطأ أمته أو زوجته أو نحو ذلك