- حديث أبي هريرة هو في الصحيحين بلفظ " كان لرجل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حق فأغلظ له فهم به أصحابه فقال دعوه فإن لصاحب الحق مقالا فقال لهم اشتروا له سنا فأعطوه أياه فقالوا إنا لانجد إلا سنا هو خير سنه قال فاشتروه واعطوه أياه فإن من خيركم أو أخيركم أحسنكم قضاء " وسيأتي ( وفي الباب ) عن العرباض بن سارية عند النسائي والبزار قال " بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكرا وأتيته أتقاضاه فقلت أقضي ثمن بكري فقال لا أقضيك إلا نجيبة فدعاني فأحسن قضائي ثم جاء أعرابي فقال أقض بكرى فقضاه بعيرا " وحديث أبي سعيد في إسناده عند ابن ماجه ابن أبي عبيده عن أبيه وهما ثقتان وبقية إسناده ثقات : قوله " أحاسنكم قضاء " جمع أحسن . ورواية الصحيحين " أحسنكم " كما سلف وهو الفصيح . ووقع في رواية لأبي داود محاسنكم بالميم كمطلع ومطالع : قوله " بكرا " بفتح الباء الموحدة وهو الفتى من الأبل . قال الخطابي هو من الأبل بمنزلة الغلام من الذكور والقلوص بمنزلة الجارية من الإناث : قوله " رباعيا " بفتح الراء وتخفيف الموحدة وهوالذي استكمل ست سنين ودخل في السابعة ( وفي الحديثين ) دليل على جواز الزيادة على مقدار القرض من المستقرض وسيأتي الكلام على ذلك . قال الخطابي وفي حديث أبي رافع من الفقه جواز تقديم الصدقة قبل محلها وذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا تحل له الصدقة فلا يجوز أن يقضي من إبل الصدقة شيئا كان استسلفه لنفسه فدل على أنه استسلفه لأهل الصدقة من أرباب المال وهذا استدلال الشافعي ( وقد اختلف ) العلماء في جواز تقديم الصدقة عن محل وقتها فأجازه الأوزاعي وأبو حنيفة وأصحابه وابن حنبل وابن راهويه . وقال الشافعي يجوز أن يعجل الصدقة سنة واحدة وقال الشافعي لا يجوز أن يخرجها قبل حلول الحول وكرهه سفيان النوري وقد تقدم في الزكاة ذكر ما يدل على الجواز ( وفي الحديثين ) أيضا جواز قرض الحيوان وهو مذهب الجمهور ومنع ذلك الكوفيون والهادوية قالوا لأنه نوع من البيع مخصوص وقد نهى صلى الله عليه وآله وسلم عن بيع الحيوان كما سلف . ويجاب بأن الاحاديث متعارضة في المنع من بيع الحيوان بالحيوان والجواز وعلى تسليم أن المنع هو الراجح فحديث أبي هريرة وأبي رافع والعرباض بن سارية مخصصة لعموم النهي ( وأما الاستدلال ) على المنع بأن الحيوان مما يعظم فيه التفاوت فممنوع وقد استثنى مالك والشافعي وجماعة من العلماء قرض الولائد فقالوا لا يجوز لأنه يؤدي إلى عارية الفرج وأجاز ذلك مطلقا داود والطبري والمزني ومحمد بن داود وبعض الخراسانيين وأجازه بعض المالكية بشرط أن يرد غيره ما استقرضه . وأجازه بعض أصحاب الشافعي وبعض المالكية فيمن يحرم وطؤه على المستقرض وقد حكى إمام الحرمين عن السلف والغزالي عن الصحابة النهي عن قرض الولائد . وقال ابن حزم ما نعلم في هذا أصلا من كتاب ولا رواية صحيحة ولا سقيمة ولا من قول صاحب ولا إجماع ولا قياس اه وحديث أبي سعيد المذكور فيه دليل على أنه يجوز لمن عليه دين أن يقضيه بدين آخر ولا خلاف في جواز ذلك فيما أعلم