- قوله " اشتريها " في ذلك دليل على جواز بيع المكاتب إذا رضي لولم يعجز نفسه وبه قال أحمد وربيعة والأوزاعي والليث وأبو ثور ومالك والشافعي في احد قوليه واختاره ابن جرير وابن المنذر وغيرهما على تفاصيل لهم في ذلك كذا في الفتح وإلى مثل ذلك ذهب الهادي وأتباعه . وقال أبو حنيفة والشافعي في أصح القولين عنه وبعض المالكية أنه لا يجوز بيعه مطلقا ويروى عن ابن مسعود وأجابوا عن حديث الباب بأن بريرة عجزت نفسها بدليل استعانتها لعائشة كما في كثير من الروايات ويجاب بأنه ليس في استعانتها لعائشة ما يستلزم العجز : قوله " ويشترطوا ماشاؤا " فيه دليل على أن شرط البائع للعبد أن يكون الولاء له لا يصح بل الولاء لمن أعتق باجماع المسلمين : قوله " وان اشترطوا مائة شرط " قال النووي أي لو اشترطوا مائة مرة توكيدا فالشرط باطل وإنما حمل ذلك على التوكيد لأن الدليل قد دل على بطلان جميع الشروط التي ليست في كتاب الله فلا حاجة إلى تقييدها بالمائة فإنها لو زاد عليها كان الحكم كذلك . قوله " واشترطي لهم الولاء " استشكل صدور الأذن منه صلى الله عليه وآله وسلم بشرط فاسد في البيع واختلف العلماء في ذلك فمنهم من أنكر الشرط في الحديث فروى الخطابي في المعالم بسنده إلى يحيى بن أكثم نه أنكر ذلك وعن الشافعي في الأم الاشارة إلى تضعيف هذه الرواية التي فيها الأذن بالاشتراط لكونه انفرد بها هشام بن عروة دون أصحاب أبيه وأشار غيره إلى أنه روي بالمعنى الذي وقع له وليس كما ظن وأثبت الرواية آخرون وقالوا هشام ثقة حافظ والحديث متفق على صحته فلا وحه لرد ثم اختلفوا في توجيه ذلك فقال الطحاوي أن اللام في قولهم " لهم " بمعنى على كقوله تعالى ( وإن أسأتم فلها ) وقد أسند هذا البيهقي في المعرفة عن الشافعي وجزم به الخطابي عنه وهو مشهور عن المزني . وقال النووي أن هذا تأويل ضعيف وكذلك قال ابن دقيق العيد وقال آخرون الأمر في قوله " اشترطي " للإباحة أي اشترطي لهم أولا فإن ذلك لا ينفعهم ويقوي هذا قوله " وبشترطوا ما شاؤا " وقيل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد كان أعلم الناس أن اشتراط الولاء باطل واشتهر ذلك بحيث لا يخفى على أهل بريرة فلما أرادوا أن يشترطوا ما تقدم لهم العلم ببطلانه أطلق الأمر مريدا به التهديد كقوله تعالى { اعملوا ما شئتم } فكأنه قال اشترطي لهم الولاء فسيعلمون أن ذلك لا ينفعهم ويؤيد هذا ما قال صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك " ما بال رجال يشترطون شروطا " الخ فوبخهم بهذا القول مشيرا إلى أنه قد تقدم منه بيان إبطال إذ لو لم يتقدم منه ذلك لبدأ ببيان الحكم لا بالتوبيخ بعدم المقتضى له إذ هم يتمسكون بالبراءة الأصلية وقال الشافعي أنه أذن في ذلك لقصدان يعطل عليهم شروطهم ليرتدعوا عن ذلك ويرتدع به غيرهم وكان ذلك من باب الأدب وقيل معنى اشتراطي اتركي مخالفتهم فيما يشترطونه ولا تظهري نزاعهم فيما دعوا إليه مراعاة لتنجيز العتق لتشوف الشرع إليه . وقال النووي أقوى الأجوية أن هذا الحكم خاص بعائشة في هذه القصة وأن سببه المبالغة في الزجر عن هذا الشرط لمخالفته حكم الشرع وهو كفسخ الحج إلى العمرة كان خاصا بتلك الحجة مبالغة في إزالة ما كانوا عليه من منع العمرة في أشهر الحج ويستفاد منه ارتكاب أخف المفسدتين إذا استلزم إزالة أشدهما وتعقب بأ ه استدلال بمختلف فيه على مختلف فيه وتعقبه ابن دقيق العيد بأن التخصيص لا يثبت إلا بدليل . وقال ابن الجوزي ليس في الحديث أن اشتراط الولاء والعتق كان مقارنا للعقد فيحمل على أنه كان سابقا للعقد فيكون الأمر بقوله " اشترطي " مجرد وعد لا يجب الوفاء به وتعقب باستبعاد أن يأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم شخصا أن يعد مع علمه بأنه لا يفي بذلك الوعد . وقال ابن حزم كان الحكم ثابتا لجواز اشتراط الولاء لغير المعتق فوقع الأمر باشتراطه في الوقت الذي كان ذلك جائزا فيه ثم نسخ بخطبته صلى الله عليه وآله وسلم وهو بعيد : قوله " فإنما الولاء لمن أعتق " فيه إثبات الولاء للمعتق ونفيه عما عداه كما تقتضيه إنما الحصرية واستدل بذلك على أنه لا ولاء لمن أسلم على يديه رجل أو وقع بينه وبين رجل محالفة . ولا للملتقط وسيأتي الكلام على بقية هذا الحديث في كتاب العتق إن شاء الله تعالى