- حديث أنس الأول أخرجه أيضا ابن حبان والحاكم وصححه : قوله " يبدو " بغير همزة أي يظهر والثمار بالمثلثة جمع ثمرة بالتحريك وهي أعم من الرطب وغيره . قوله " صلاحها " أي حمرتها وصفرتها . وفي رواية لمسلم " ما صلاحه قال تذهب عاهنه " ( واختلف السلف ) هل يكفي بدو الصلاح في جنس الثمار حتى لو بدا الصلاح في بستان من البلد مثلا جاز بيع جميع البساتين أو لا بد من بدو الصلاح في كل بستان على حدة أو لا بد من بدو الصلاح في كل جنس عل ىحده أو في كل شجرة على حدة على أقوال . والأول قول الليث وهو قول المالكية بشرط أن يكون متلاحقا . والثاني وقول أحمد والثالث قول الشافعية . والرابع رواية عن أحمد . قوله " نهى البائع والمبتاع " أما البائع فلئلا يأكل مال أخيه بالباطل وأكا المشتري فلئلا يضيع ماله ويساعده البائع على الباطل : قوله " تزهو " يقال زها النخل يزهو إذا ظهرت ثمرته وأزهى يزهي إذا احمر أو اصفر هكذا في الفتح وقال الخطابي أنه لا يقال في النخل تزهو إنما يقال تزهي لا غير وهذه الرواية ترد عليه . قوله " عن بيع السنبل حتىيبيض " بضم السين وسكون النون وضم الباء الموحدة سنابل الزرع . قال النووي معناه يشتد حبه وذلك بدو صلاحه . قوله " ويأمن العاهة " هي الآفة تصيبه فيفسد لنه إذا أصيب بها كان أخذ ثمنه من أكل أموال الناس بالباطل . وقد أخرج أبو داود عن أبي هريرة مرفوعا " إذا طلع النجم صباحا رفعت العاهة عن كل البلد " وفي رواية " رفعت العاهة عن الثمار " النجم هو الثريا وطلوعها صباحا يقع في أو فصل الصيف وذلك عند اشتداد الحر في بلاد الحجاز وابتداء نضج الثمار . واخرج أحمد من طريق عثمان بن عبد الله بن سراقة سألت ابن عمر عن بيع الثمار فقال " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بيع الثمار حتى تذهب العاهة قلت ومتى ذلك قال حتى تطلع الثريا " قوله " حتى يسود " زاد مالك في الموطأ " فإنه إذا أسود ينجو من العاهة والآفة " واشتداد الحب قوته وصلابته : قوله " إذا منع الله الثمرة " الخ صرح الدارقطني بأن هذا مدرج من قول أنس وقال رفعه خطأ ولكنه قد ثبت مرفوعا من حديث جابر عن مسلم بلفظ " إن بعت من أخيك ثمرا قأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا بم تأخذ مال أخيك بغير حق " وسيأتي وفيه دليل على وضع الجوائح لأن معناه أن الثمر إذا تلف كان الثمن المدفوع بلا عوض فكيف يأكله البائع بغير عوض وسيأتي الكلام على وضع الجوائح ( والأحاديث ) المذكورة في الباب تدل على أنه لا يجوز بيع الثمر قبل بد وصلاحها . وقد اختلف في ذلك على أقوال الأول أنه باطل مطلقا وهو قول ابن أبي ليلى والثوري وهو ظاهر كلام الهادي والقاسم قال في الفتح ووهم من نقل الإجماع فيه . الثاني أنه إذا شرط القطع لم تبطل وإلا بطل وهو قول الشافعي وأحمد ورواية عن مالك ونسبه الحافظ إلى الجمهور وحكاه في البحر عن المؤيد بالله . الثالث أنه يصح أن لم يشترط البقية وهو قول أكثر الحنفية قالوا والنهي محمول على بيع الثمار قبل أن توجد أصلا . وقد حكى صاحب البحر الإجماع على عدم جواز بيع الثمر قبل خروجه . وحكى أيضا الأتفاق على عدم جواز بيعه قبل صلاحه بشرط البقاء وحكى أيضا عن الإمام يحيى أنه صخ جواز البيع بشرط القطع الإجماع وحكى عنه أيضا أنه يصح البيع بشرط القطع إجماعا ولا يخفى مافي دعوى بعض هذه الإجماعات من المجازفة وحكى في البحر عن زيد بن علي والمؤيذ بالله والإمام يحيى وأبي حنيفة والشافعي أنه يصح بيع الثمار قبل الصلاح تمسكا بعموم قوله تعالى { وأحل الله البيع } قال أبو حنيفة ويؤمر بالقطع والمشهور من مذهب الشافعي هوماقدمنا فأما البيع بعد الصلاح فيصح مع شرط القطع إجماعا ويفسد مع شرط البقاء إجماعا ان جهلت المدة كذا في البحر . قال الامام يحيى فإن علمت صح عند القاسمية إذا لاغرر . وقال المؤيد بالله لا يصح النهي عن بيع شرط .
( واعلم ) إن ظاهر أحاديث الباب وغيرها المنع من بيع الثمر قبل الصلاح وإن وقوعه في تلك الحالة باطل كما هو مقتضى النهي ومن ادعى إن مجرد شرط القطع يصحح البيع قبل الصلاح فهومحتاج إلى دليل يصلح لتقييد أحاديث النهي ودعوى الإجماع على ذلك لا صحة لها لما عرفت من أن أهل القول الأول يقولون بالبطلان مطلقا وقد عول المجوزون مع شرط القطع في الجواز على علل مستنبطة فجعلوها مقيدة للنهي وذلك مما لا يفيد من لم يسمح بمفارقة النصوص لمجرد خيالات عارضة وشبه واهية تنهار بأيسر تشكيك فالحق ماقاله الأولون من عدم الجواز مطلقا وظاهر النصوص أيضا أن البيع بعد ظهور الصلاح صحيح سواء شرط البقاء أم لم يشرط لان الشارع قد جعل النهي ممتد إلى غاية بدو الصلاح وما بعد الغاية مخالف لما قبلها ومن ادعى ان شرط البقاء مفسد فعليه الدليل ولا ينفعه في المقام ما ورد من النهي عن بيع وشرط لأنه يلزمه في تجويزه للبيع قبل الصلاح مع شرط القطع وهو بيع وشرط وايضا ليس كل شرط في البيع منهيا عنه فإن اشتراط جابر بعد بيعه للجمل أن يكون له ظهره إلى المدينة قد صححه الشارع كما سيأتي وهو شبيه بالشرط الذي نحن بصدده وتقدم ايضا جواز البيع مع الشرط في النخل والعبد لقوله إلا أن يشترط المبتاع وأما دعوى الإجماع على الفساد بشرط البقاء كما سلف فدعوى فاسدة فإنه قد حكى صاحب الفتح عن الجمهور أنه يجوز البيع بعد الصلاح بشرط البقاء ولم يحك الخلاف في ذلك إلا عن أبي حنيفة وأما بيع الزرع أخضر وهو الذي يقال له القصيل فقال ابن رسلان في شرح السنن اتفق العلماء المشهورون على جواز بيع القصيل بشرط القطع وخالف سفيان الثوري وابن أبي ليلى فقالا لا يصح بيعه بشرط القطع وقد اتفق الكل على أنه لا يصح بيع القصيل من غير شرط القطع وخالف ابن حزم الظاهري فأجاز بيعه بغير شرط تمسكا بان النهي إنما ورد عن السنبل قال ولم يأت في منع بيع الزرع مذ نبت إلى أن يسنبل نص أصلا . وروى عن أبي إسحاق الشيباني قال سألت عكرمة عن بيع القصيل فقال لابأس فقلت إنه يسنبل فكرهه اه كلام ابن رسلان ( والحاصل ) إن الذي في الأحاديث النهي عن بيع الحب حتى يشتد وعن بيع السنبل حتى يبيض فما كان من الزرع قد سنبل أو ظهر فيه الحب كان بيعه اشتداد حبه غير جائز وأما قبل أن يظهر فيه الحب والسنابل فإن صدق على بيعه حينئذ إنه مخاضرة كما قال البعض إنها بيع الزرع قبل أن يشتد لم يصح بيعه لورود النهي عن المخاضرة كما تقدم في باب النهي عن بيوع الغرر لأن التفسير المذكور صادق على الزرع الأخضر قبل أن يظهر فيه الحب والسنابل وهو الذي يقال له القصيل ولكن الذي في القاموس إن المخاضرة بيع الثمار قبل بدو صلاحها وكذا من شروح الحديث فلا يتناول الزرع لأن الثمار حمل الشجر كما في القاموس وسيأتي في تفسير المحاقلة عند البعض ما يرشد إلى انها بيع الزرع قبل أن تغلظ سوقه فان صح ذلك فذاك وإلا كان الظاهر ماقاله ابن حزم من جواز بيع الفصيل مطلقا