- حديث أبي هريرة باللفظ الأول في إسناده محمد بن عمرو بن علقمة وقد تكلم فيه غير واحد قال المنذري والمشهور عنه من رواية الدراوردي ومحمد بن عبد الله الأنصاري أنه صلى الله عليه وآله وسلم " نهى عن بيعتين في بيعة " انتهى وهو باللفظ الثاني عند من ذكره المصنف وأخرجه أيضا الشافعي ومالك في بلاغاته وحديث ابن مسعود أورده الحافظ في التلخيص وسكت عنه . وقال في مجمع الزوائد رجال أحمد ثقات وأخرجه أيضا البزار والطبراني في الكبير والأوسط وفي الباب عن ابن عمر عند الدارقطني وابن عبد البر قوله " من باع بيعتين " فسره سماك بما رواه الصنف عن أحمد عنه وقد وافقه على مثل ذلك الشافعي فقال بان يقول بعتك بألف نقدا أو ألفين إلى سنة فخذ أيهما شئت أنت وشئت أنا ونقل أن الرفعة عن القاضي إن المسألة مفروضة على أنه قبل على الأبهام اما لو قال قبلت بألف نقدا أو بألفين بالنسيئة صح ذلك . وقد فسر ذلك الشافعي بتفسير آخر فقال هو أن يقول بعتك ذا العبد بألف على أن تبيعني دارك كذا أي إذا وجب لك عندي وجب لي عندك وهذا يصلح تفسير اللرواية الأخرى من حديث أبي هريرة لا للأولى فإن قوله فله أوكسهما يدل على أنه باع الشيء الواجد بيعتين بيعة بأقل وبيعة بأكثر . وقيل في تفسير ذلك هو أن يسلفه دينارا في قفيز حنطة إلى شهر فلما حل الأجل وطالبه بالحنطة قال بعني القفيز الذي لك على إلى شهرين بقفيزين فصار ذلك بيعتين في بيعة لأن البيع الثاني قد دخل على الأول فيرد إليه أوكسهما وهو الأول كذا في شرح السنن لابن رسلان . قوله " فله أوكسهما " أي انقصهما قال الخطابي لا أعلم أحدا قال بظاهر الحديث وصحح البيع باوكس الثمنين إلا ما حكى عن الأوزاعي وهو مذهب فاسد انتهى . ولا يخفى إن ماقاله هو ظاهر الحديث لأن الحكم له بالاوكس يستلزم صحة البيع به : قوله " أو الربا " يعني أو يكون قد دخل هو وصاحبه في الربا المحرم إذا لم يأخذ الأوكس بل أخذ الأكثر وذلك ظاهر في التفسير الذي ذكره ابن رسلان وأما في التفسير الذي ذكره أحمد عن سماك وذكره الشافعي ففيه متمسك لمن قال يحرم بيع الشيء بأكثر من سعر يومه لاجل النساء وقد ذهب إلى ذلك زين العابدين بن علي بن الحسين والناصر والمنصور بالله والهادوية والامام يحيى . وقالت الشافعية والحنفية وزيد بن علي والمؤيد بالله والجمهور إنه يجوز لعموم الأدلة القاضية بجوازه وهو الظاهر لان ذلك المتمسك هو الرواية الأولى من حديث أبي هريرة وقد عرفت ما في راويها من المقال ومع ذلك فالمشهور عنه اللفظ الذي رواه غيره وهو النهي عن بيعتين في بيعة ولا حجة فيه على المطلوب ولو سلمنا أن تلك الرواية التي تفرد بها ذلك الراوي صالحة للاحتجاج لكان احتمالها لتفسير خارج عن محل النزاع كما سلف عن ابن رسلان قادحا في الاستدلال بها على المتنازع فيه على أن غاية ما فيها الدلالة على المنع من البيع إذا وقع على هذه الصورة وهي أن يقول نقدا بكذا ونسيئة كذا الا إذا قال من أول الأمر نسيئة بكذا فقط وكان أكثر من سعر يومه مع أن المتمسكين بهذه الرواية يمنعون من هذه الصورة ولا يدل الحديث على ذلك فالدليل أخص من الدعوى وقد جمعنا رسالة في هذه المسألة وسميناها شفاء الغلل في حكم زيادة الثمن لمجرد الأجل وحققناها تحقيقا لم نسبق إليه والعلة في تحريم بعتين في بيعة عدم استقرار الثمن في صورة بيع الشيء الواحد بثمنين والتعليق بالشرط المستقبل في صورة بيع هذا على أن يبيع منه ذاك ولزوم الربا في صورة القفيز الحنطة : قوله " أو صفقتين في صفقة " أي بيعتين في بيعة