1 - عن جابر " أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى به السف ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال هو حرام ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند ذلك قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه " ( 1 ) [ أي هذا الكتاب في ذكر الأحاديث التي يستنط منها أحكام البيوع . ولما فرغ من بيان العبادات المقصود منها التحصيل الأخروى شرع في بيان المعاملات المقصود منها التحصيل الدنيوي . فقدم العبادات لاهتمامها ثم ثنى بالمعاملات لأنها ضرورية . وأخر النكاح لأن شهوته متأخرة عن الأكل والشرب ونحوهما . وأخر الجنايات والمخاصمات لأن وقوع ذلك في الغالب إنما هو بعد الفراغ من شهوتي البطن والفرج . وصدر الصنف المبحث بلفظ كتاب لأنه مشتمل على أبواب كثيرة في أنواع البيوع . وجمع البيوع وإن كان مصدرا لاختلاف أنواعه . فالمطلق ان كان ببيع بالثمن كالثوب بالدراهم . والمقايضة بالياء التحتية إن كان عينا بعين كالثوب بالعبد . والسلم إن كان بيع الدين بالعين والصرف إن كان بيع الثمن بالثمن . والمرابحة إن كان بالثمن مع زيادة . والتولية إن لن يكن مع زيادة . والوضعية إن كان بالنقصان واللازم إن كان تاما وغير اللازم إن كان بالخيار . والصحيح والباطل والفاسد والمكروه . وللبيع تفسير لغة وشرعا وركن وشرط ومحل وحكم وحكمة . أما معناه لغة فمطلق المبادلة وهو ضد الشراء ويطلق البيع على الشراء أيضا فلفظ البيع والشراء يطلق كل منهما على ما يطلق عليه الآخر فهما من الألفاظ المشتركة بين المعاني المتضادة وشرعا هو مبادلة مال بمال على سبيل التراضي . وأما ركنه فإيجاب وقبول . وأما شرطه فاهلية المتعاقدين . وأما محله فهو المال . وأما حكمه فهو ثبوت الملك للمشتري في المبيع وللبائع في الثمن إذا كان تاما وعند الاجازة إذا كان موقوفا . وأما حكمته على ما ذكره الحافظ في الفتح إن حاجة الانسان تتعلق بما في يد صاحبه غالبا وصاحبه قد لا يبذله ففي شرعية البيع وسيلة إلى بلوغ الغرض من غير حرج اه اقول قد ذكر العلماء للبيع حكما كثيرة منا اتساع أمور المعاش والبقاء . ومنا اطفاء نار المنازعات والنهب والسرق والخيانات والحيل المكروهة . ومنها بقاء نظام المعاش وبقاء العالم لان المحتاج يميل إلى ما في يد غيره فبغير المعاملة يفضي إلى التقاتل والتنازع وفناء العالم واختلال نظام المعاش وغير ذلك ومشروعيته ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع : والله أعلم ] .
- رواه الجماعة