- وفي الباب عن نبيشة الهذلي عند أحمد وأبي داود وزاد بعد قوله " وادخروا وائتجروا " أي اطلبوا الأجر بالصدقة . قوله " دف " بفتح الدال المهملة وتشديد الفاء أي جاء قال أهل اللغة الدافة بتشديد الفاء قوم يسيرون جميعا سيرا خفيفا ودافة الاعراب من يريد منهم المصر والمراد هنا من ورد من ضعفاء الأعراب للمواساة . قوله " حضرة " بفتح الحاء وضمها وكسرها والضاد ساكنة فيها كلها وحكى فتحها وهو ضعيف وإنما تفتح إذا حذفت الهاء يقال يحضر فلان كذا قال النووي . قوله " ويجعلون " بفتح الياء وسكون الجيم مع كسر الميم وضمها ويقال بضم الياء مع كسر الميم يقال جملت الدهن اجمله بكسر الميم واجمله بضمها جملا واجملته أجمله اجمالا أي أذبته : قوله " بعد ثلاث " قال القاضي عياض يحتمل أن يكون ابتداء الثلاث من يوم ذبح الأضحية وان ذبحت بعد يوم النحر ويحتمل أن يكون من يوم النحر وان تأخر الذبح عنه قال وهذا اظهر ورجع ابن القيم الأول وهذا الخلاف لا يتعلق به فائدة عند من قال بالنسح الا باعتبار ما سلف من الاحتجاج بذلك إلى يوم الرابع ليس من أيام الذبح . قوله " إنما نهيتكم من أجل الدافة فكلوا " الخ هذا وما بعده تصريح بالنسخ لتحريم أكل لحوم الأضاحي بعد الثلاث وادخارها وإليه ذهب الجماهير من علماء الأمصار من الصحابة والتابعين فمن بعدهم . وحكى النووي عن علي عليه السلام وابن عمر أنهما قالا يحرم للحوم الأضاحي بعد ثلاث وان حكم التحريم باق وحكاه الحازمي في الاعتبار عن علي عليه السلام أيضا والزبير وعبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر ولعلهم لم يعلموا بالناسخ ومن علم حجة علي من لم يعلم وقد أجمع على جواز الأكل والادخار بعد الثلاث من بعد عصر المخالفين في ذلك ولا أعلم أحدا بعدهم ذهب إلى ما ذهبوا إليه . قوله " كلوا " استدل بهذا الأمر ونحوه من الأوامر المذكورة في الباب من قال بوجوب الأكل من الأضحية وقد حكاه النووي عن بعض السلف وأبي الطيب بن سلمة من أصحاب الشافعي ويؤيد قوله تعالى { فكلوا منها } وحمل الجمهور هذه الأوامر على الندب والأباحة لورودها بعد الحظر وهو عند الجماعة للإباحة . وحكى النووي عن الجمهور أنه للوجوب والكلام في ذلك مبسوط في الأصول : قوله " وأطعموا " وفي حديث عائشة " وتصدقوا " فيه دليل على وجوب التصدق من الأضحية وبه قالت الشافعية إذا كانت أضحية تطوع قالوا والواجب ما يقع اسم الاطعام والصدقة ويستحب أن يكون بمعظمها قالوا وأدنى الكمال أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث ويهدى الثلث وفي قول لهم يأكل النصف ويتصدق بالنصف ولهم وجه أنه لا يجب التصدق بشيء وقال القاسم بن إبراهيم أنه يتصدق بالبعض غير مقدر قال في البحر وفي جواز أكلها جميعها وجهان عن الأمام يحيى أصحهما لا يجوز اذ يبطل به القربة وهي المقصود وقيل يجوز والقربة تعلقت باهراق الدم فان فعل لم يضمن شيئا عند الجميع إذ لا دليل قلت وفي كلام الامام يحيى نظر مع القول بأنها سنة انتهى . قوله " فأردت أن تعينوا فيها " بالعين المهملة من الاعانة هذا لفظ البخاري ولفظ مسلم " أن يفش فيهم " بالفاء والشين المعجمة أي يشيع لحم الأضاحي في الناس وينتفع به المحتاجون . قال القاضي عياض في شرح مسلم الذي في مسلم أشبه وقال في المشارق كلاهما صحيح والذي في البخاري أوجه . والجهد هنا بفتح الجيم وهو المشقة والفاقة . قوله " أصلح لي لحم هذه " الخ فيه تصريح بجواز ادخار لحم الأضحية فوق ثلاث وجواز التزود منه وان التزود منه في الأسفار لا يقدح في التوكل ولا يخرج المتزود عنه وان الأضحية مشروعة للمسافر كما تشرع للمقيم وبه قال الجمهور . وقال النخعي وأبو حنيفة لا ضحية على المسافر قال النووي وروى هذا عن علي Bه . وقال مالك وجماعة لا تشرع للمسافر بمنى ومكة والحديث يرد عليهم . قوله " حشما " قال أهل اللغة الحشم بفتح الحاء المهملة والشين المعجمة هم اللائذون بالانسان يخدمونه ويقومون باموره . وقال الجوهري هم خدم الرجل ومن يغضب له سموا بذلك لانهم يغضبون له والحشمة الغضب ويطلق على الاستحياء ومنه قولهم فلان لا تحتشم أي لا يستحي ويقال حشمته وأحشمته إذا أغضبته وإذا أخجلته فاستحي لخجله قال النووي وكأن الحشم أعم من الخدم فلهذا جمع بينهما في هذا الحديث وهو من باب ذكر الخاص بعد العام . وفي القاموس الحشمة بالكسر والحياء والانقباض احتشم منه وعنه وحشمه و أحشمه وكفرح وغضب وكسمعه أغضبه كاحشمه وحشمه . وحشمة الرجل وحشمة محركتين واحشامه خاصته الذي يغضبون له من أهل وعبيد أو جيرة والحشم محركة للواحد وهو العيال والقرابة أيضا انتهى : قوله " فكلوا ما بدا لكم " فيه دليل على عدم تقدير الأكل بمقدار وان للرجل أن يأكل من أضحيته ما شاء وان كثر مالم يستغرق بقرينة قوله وأطعموا