- وفي الباب عن البراء عند الجماعة كلهم بلفظ " من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء " وقد تقدم بنحو هذا اللفظ : قوله " من ذبح قبل أن يصلى " في مسلم " قبل أن يصلي أو نصلي " الأولى بالياء التحتية والثانية بالنون وهو شك من الراوي . ورواية النون موافقة لقوله في أول الحديث " أنها ذبحت قبل أن يصلي " فإن المراد صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وموافقة أيضا لقوله في آخر الحديث " ومن لم يكن ذبح حتى صلينا " وهذا يدل على أن وقت الأضحية بعد صلاة الإمام لا بعد صلاة غيره فيكون المراد بقوله في حديث أنس " من كان ذبح قبل الصلاة " الصلاة المعهودة وهي صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصلاة الأئمة بعد إنقضاء عصر النبوة ويؤيد هذا ما أخرجه الطحاوي من حديث جابر وصححه ابن حبان " أن رجلا ذبح قبل أن يصلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنهي أن يذبح أحد قبل الصلاة " وظاهر قوله في حديث جابر " فنحروا وظنوا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد نحر " الخ أن الاعتبار بنحر الأمام وأنه لا يدخل وقت التضحية إلا بعد نحره ومن نحره ومنفعل قبل ذلك أعاد كما هو صريح الحديث ويجمع بين الحديثين بأن وقت النحر يكون لمجموع صلاة الامام ونحره . وقد ذهب إلى أن مالك فقال لا يجوز ذبحها قبل صلاة الامام وخطبته وذبحه وقال أحمد لا يجوز قبل صلاة الامام ويجوز بعدها قبل ذبح الامام وسواء عنده أهل القري والأمصار ونحوه عن الحسن والأوزاعي وإسحاق . وقال الثوري يجوز بعد صلاة المام قبل خطبته وفي أثنائها . وقال الشافعي وداود وآخرون ان وقت التضحية من طلوع الشمس فإذا طلعت ومضى قدر صلاة العيد وخطبته أجزأ الذبح بعد ذلك سواء صلى أم لا وسواء صلى المضحي أم لا وسواء كان من أهل القرى والبوادي أو منأهل الأمصار أو من المسافرين . وقال أبو حنيفة يدخل وقتها في حق أهل القرى والبوادي إذا طلع الفجر ولا يدخل في حق أهل الأمصار حتى يصلي الإمام ويخطب فإذا ذبح قبل ذلك لم يجزه . وقالت الهادوية ان وقتها يدخل بعد صلاة المضحي سواء صلى الإمام أم لا فإذا لم يصلي المضحى وكانت الصلاة واجبة عليه كان وقتها من الزوال وان كانت الصلاة غير واجبة عليه لعذر من الأعذار أو كان ممن لا تلزمه صلاة العيد فوقتها من فجر النحر ولا يخفى أن مذهب مالك هو الموافق لأحاديث الباب وبعضها يرد على بعضها . قال ابن المنذر وأجمعوا على أنها لا تجوز التضحية قبل طلوع الفجر وأما إذا لم يكن ثم إمام فالظاهر أنه يعتبر لكل مضح بصلاته . وقالربيعة فمن لا إمام له ان ذبح قبل طلوع الشمس لا تجزئه وبعد طلوعها تجزئه وآما أخر وقت التضحية فسيأتي بيانه . وقد تأول أحاديث الباب ولم يعتبر صلاة الامام وذبحه بان المراد بها الزجر عن التعجيل الذي يؤدي إلى فعلها قبل وقتها وبأنه لم يكن في عصره صلى الله عليه وآله وسلم من يصلى قبل صلاته فالتعليق بصلاته في هذه الأحاديث ليس المراد به إلا التعليق بصلاة المضحي نفسه لكنها لما كانت تقع صلاتهم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير متقدمة ولا متأخرة وقع التعليق بصلاته صلى الله عليه وآله وسلم بخلاف العصر الذي بعد عصره فإنها تصلى صلاة العيد في المصر الواحد جماعات متعدة ولا يخفى بعد هذا فإنه لم يثبت أن أهل المدينة ومن حولهم كانوا لا يصلون العيد الا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا يصلح للتمسك لمن جوز الذبح من طلوع الشمس أو من طلوع الفجر ما ورد من أن يوم النحر يوم ذبح لأنه كالعام وأحاديث الباب خاصة فيبنى العام على الخاص : قوله " فليذبح باسم الله " والجار والمجرور متعلق بمحذوف أي قائلا باسم الله