- الأحاديث المذكورة في هذا الباب قد قدمها المصنف C تعالى في كتاب العيدين بالفاظها المذكورة ههنا من دون زيادة ولا نقصان ولم تجر له عادة بمثل هذا وقد شرحناها هنالك وذكرنا ما في الباب من الأحاديث التي لم يذكرها وسنذكرها ههنا فوائد لم نتعرض لذكرها هنالك تتعلف بالفاظ هذه الأحاديث . فقوله " العضباء " هي مقطوعة الأذن . قال الأصمعي كل قطع في الأذن جدع فإن جاوز الربع فهي عضباء . وقال أبو عبيدة أن الغضباء التي قطع نصف أذنها فما فوق وقال الخليل هي مشقوقة الأذن قال الحربي الحديث يدل على أن العضباء اسم لها وإن كانت عضباء الأذن فقد جعل اسمها هذا . قوله " يوم الأضحى بمنى " وهذه هي الخطبة الثالثة بعد صلاة الظهر فعلها ليعلم الناس بها المبيت والرمي في أيام التشريق وغير ذلك مما بين أيديهم . قوله " ففتحت " بفتح الثانية وكسر الفوقية بعدها أي اتسع سمع اسماعنا وقوى من قولهم قارورة فتح بضم الفاء والتاء أي واسعة الرأس قال الكسائي ليس لها صمام ولا غلاف وهكذا صارت أسماعهم لما سمعوا صوت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهذا من بركات صوته إذا سمعه المؤمن قوى سمعه واتسع مسلكه حتى صار يسمع الصوت من الأماكن البعيدة ويسمع الأصوات الخفية . قوله " ونحن في منازلنا " فيه دليل على أنهم لم يذهبوا لسماع الخطبة بل وقفوا في رحالهم وهم يسمعونها ولعل هذا كان فيمن له عذر منعه من الحضور لاستماعها وهو الائق بحال الصحابة Bهم . قوله " فطفق يعلمهم " هذا انتقال من التكلم إلى الغيبة وهو اسلوب من أساليب البلاغة مستحسن . قوله حتى بلغ الجمار يعني المكان الذي ترمى الجمار والجمار هي الحصى الصغار التي يرمي بها الجمرات : قوله " فوضع أصبعيه السبابتين " زاد في نسخة لأبي داود في أذنيه وإنما فعل ذلك ليكون أجمع لصوته في اسماع خطبته ولهذا كان بلال يضع أصبعيه في صماخ أذنيه في الأذان وعلى هذا ففي الكلام تقديم وتأخير وتقديره فوضع أصبعيه السبابتين في أذنيه حتى بلغ الجمار قوله " ثم قال " يحتمل أن يكون المراد بالقول القول النفسي كما قال تعالى { ويقولون في أنفسهم } ويكون المراد به هنا النية للرمي . قال أبو حبان تراكيب القول الست تدل على معنى الخفة والسرعة فلهذا عبر هنا بالقول . قوله " بحصي الخذف " قد قدمنا في كتاب العيدين أنه بالخاء والذال المعجمتين قال الأزهري حصي الخذف صغار مثل النوى يرمى بها بين أصبعين قال الشافعي حصي الخذف أصغر من الأنملة طولا وعرضا ومنه من قال بقدر الباقلا . وقال النووي بقدر النواة وكل هذه المقادير متقاربة لأن الخذف بالمعجمتين لا يكون إلا بالصغير . قوله " في مقدم المسجد " أي مسجد الخيف الذي بمنى ولعل المراد بالمقدم بالجهة قوله " ثم نزل الناس " برفع الناس على أنه فاعل وفي نسخة من سنن أبي داود ثم نزل الناس بتشديد الزاي ونصب الناس وقد قدمنا شرح حديث أبي بكرة في كتاب العيدين مستكملا