- قوله " قصرت " أي أخذت من شعر رأسه وهو يشعر بأن ذلك كان في نسك أو في حج أو عمرة وقد ثبت أنه حلق في حجته فتعين أن يكون في عمرة ولا سيما وقد روى مسلمأنذلك كان في المروة وهذا يحتمل أن .
يكون في عمرة القضية أو الجعرانة ولكن قوله في الرواية الأخرى في أيام العشر يدل على أن ذلك كان في حجة الوداع لأنه لم يحج غيرها وفيه نظر لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يحل حتى بلغ الهدي محله كماتقدم في الأحاديث الثابتة في الصحيحين غيرها وقد بالغ النووي في الرد على من زعم أن ذلك كان في حجة الوداع فقال هذا الحديث محمول على أن معاوية قصر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عمرة الجعرانة لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع كان قارن وثبت أنه حلق بمنى وفرق أو طرحة شعره بين الناس فلا يصح حمل تقصير معاوية على حجة الوداع ولا يصح حمله أيضا على عمرة القضاء الواقعة سنة سبع لأن معاوية لم يكن حينئذ مسلما إنما أسلم يوم الفتح سنة ثمان على الصحيح المشهور ولا يصح قوله من حمله على حجة الوداع وزعم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان متمتعا لأن هذا غلط فاحش فقد تظافرت الأحاديث في مسلم وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم " قيل لهم ما شأن الناس حلوا من العمرة ولم تحل أنت من عمرتك فقال إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر " قال الحافظ متعقبا لقوله لا يصح حمله على عمرة القضاء ما لفظه قلت يمكن الجمع بينهما بأنه كان أسلم خفية وكان يكتم إسلامه ولم يتمكن من إظهاره إلا يوم الفتح . وقد أخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمة معاوية تصريحا بأنه أسلم بين الحديبية والقضية وأنه كان يخفي إسلامه خوفا من أبويه ولا يعارضه قول سعد المتقدم فعلناها يعني العمرة وهذا يعني معاوية كافر بالعروش لأنه أخبر بما استصحبه من حاله ولم يطلع على إسلامه لكونه كان يخفيه ولا ينافيه أيضا ما رواه الحاكم في الإكليل أن الذي حلق رأس النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عمرته التي اعتمرها من الجعرانة أبو هند عبد بني بياضة لأنه يمكن الجمع بأن يكون معاوية قصيرة عنه أولا وكان الحلاق غائبا في بعض حاجاته ثم حضر فأمره أن يكمل إزالة الشعر بالحلق لإنه أفضل ففعل ولا يعكر على كون ذلك في عمرة الجعرانة إلا رواية أحمد المذكورة في الباب إن ذلك كان في أيام العشر إلا أنها كما قال ابن القيم معلولة أو وهم من معاوية وقد قال قيس بن سعد راويها عن عطاء عن ابن عباس عنه والناس ينكروا هذه على معاوية . قال ابن القيم وصدق قيس فنحن نحلف بالله أن هذا ما كان في العشر قط . وقال في الفتح أنها شاذة قال وأظن بعض رواتها حدث بها بالمعنى فوقع له ذلك انتهى وأيضا قد ترك ابن الجوزي في جامع المسانيد رواية أحمد هذه وقد ذكر أنه لم يترك فيه من مسند أحمد إلا ما لم يصح وقال بعضهم يحتمل أن يكون في قول معاوية قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حذف تقديره قصرت أنا شعري عن أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتعقب بأنه يرد ذلك قوله في رواية أحمد قصرت عن رأس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند المروة . وقال ابن حزم يحتمل أن يكون معاوية قصر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقية شعر لم يكن الحلاق استوفاه يوم النحر وتعقبه صاحب الهدى بأن الحالق لا يبقي شعرا يقصر منه ولا سيما قد قسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم شعره بين أصحابه الشعرة والشعرتين وقد وافق النووي على ترجيح كون ذلك في عمرة الجعرانة المحب الطبري وابن القيم قال الحافظ وفيه نظر لأنه جاء أنه حلق في الجعرانة ويجاب عنه بأن الجمع ممكن كما سلف قوله : " بمشقص " بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح القاف وآخرح صاد مهملة قال القزاز هو نصل عريض يرمى به الوحش وقال صاحب المحكم هو الطويل من النصال وليس بعريض وكذا قال أبو عبيد