- قوله " أتى الحجر فاستلمه " الخ فيه دليل علي أنه يستحب أن يكون ابتداء الطواف من الحجر الأسود فرض . قوله " ثم مشى على يمينه " استدل به على مشروعية مشى الطوائف بعد استلام الحجر على يمينه جاعلا البيت على يساره . وقد ذهب إلى أن هذه الكيفية شرط لصحة الطواف الأكثر قالوا فلو عكس لم يجزه قال في البحر ولا خلاف إلا عن محمد بن داود الأصفهاني وأنكروا عليه وهموا بقتله انتهى : ولا يخفاك أن الحكم على بعض أفعاله صلى الله عليه وآله وسلم في الحج بالوجوب لأنها بيان لمجمل واجب وعلى بعضها بعدمه تحكم محض لفقد دليل يدل على الفرق بينها . قوله " أمن البيت هو قال نعم " هذا ظاهر بأن الحجر كله من البيت ويدل على ذلك أيضا قوله في الرواية الثانية " فإنما هو قطعة من البيت " وبذلك كان يفتي ابن عباس فأخرج عبد الرزاق أنه قال لو وليت من البيت ما ولي ابن الزبير لأدخلت الحجر كله في البيت ولكن ما ورد من الروايات القاضية بأنه كله من البيت مقيد بروايات صحيحة منها عند مسلم من حديث عائشة بلفظ " حتى أزيد فيه من الحجر " وله من وجه آخر عنها مرفوعا بلفظ " فإن بدا لقومك أن يبنوه بعدي فهلمي لأرك ما تركوا منه فأراها قريبا من سبعة أذرع وله أيضا عنها مرفوعا بلفظ " وزدت فيها من الحجر سبعة أذرع " وفي رواية للبخاري عن عروة " إن ذلك مقدار ستة أذرع " ولسفيان بن عيينة في جامعه أن ابن الزبير زاد ستة أذرع وله أيضا عنه أنه زاد ستة أذرع وشبرا وهذا ذكره الشافعي في عدد من لقيهم من أهل العلم من قريش كما أخرجه البيهقي في المعرفة عنه . وقد اجتمع من الروايات ما يدل على أن الزيادة فوق ستة أذرع ودون سبعة . وأما ما ورد مسلم عن عطاء عن عائشة مرفوعا بلفظ " لكنت أدخل فيها من الحجر خمسة أذرع " فقال في الفتح هي شاذة والروايات السابقة أرجح لما فيها من الزيادة عن الثقات الحفاظ . قال الحافظ ثم ظهر لي لرواية عطاء وجه أنه أريد بها ما عدا الفرجة التي بين الركن والحجر فتجمع مع الروايات الأخرى فإن الذي عدا الفرجة أربعة أذرع وشيء ولهذا وقع عند الفاكهي من حديث أبي عمرو بن عدي بن حمراء " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعائشة في هذه القصة ولأدخلت فيها من الحجر أربعة أذرع فيحمل هذا على إلغاء الكسر ورواية عطاء على جبره وتحصيل الجمع بين الروايات كلها بذلك : قوله " أن قومك " أي قريشا : قوله " قصرت بهم النفقة " بتشديد الصاد أي النفقة الطبية التي أخرجوها لذلك كما جزم به الأزرقي وغيره وتوضيحه ما ذكره ابن إسحاق في السيرة عن أبي وهب المخزومي أنه قال لقريش لا تدخلوا فيه من كسبكم إلا طيبا ولا تدخلوا فيه مهر بغي ولا بيع ربا ولا مظلمة أحد من الناس : قوله " ليدخلوا من شاؤا " زاد مسلم " فكان الرجل إذا أراد أن يدخلها يدعونه ليرتقي حتى إذا كاد أن يدخل دفعوه فسقط " قوله " حديث عهد " في لفظ للبخاري " حديث عهدهم " بتنوين حديث : قوله " فأخاف أن تنكر قلوبهم " في رواية للبخاري تنفر ونقل ابن بطال عن بعض علمائهم أن النفر التي خشيها صلى الله عليه وآله وسلم أن ينسبوه إلى الفجر دونهم وجواب لولا محذوف وقد رواه مسلم بلفظ " فأخاف أن تنكر قلوبهم لنظرت أن أدخل الحجر " ورواه الإسماعيلي بلفظ " لنظرت فأدخلت " وفيه دليل على أنه يجوز للعالم ترك التعريف ببعض أمور الشريعة إذا خشى نفرة قلوب العامة عن ذلك