- قوله " فليلبس خفين " تمسك بهذا الإطلاق أحمد فأجاز للمحرم لبس الخف والسراويل للذي لا يجد النعلين والإزار على حالهما واشترط الجمهور قطع الخف وفتق السراويل ويلزمه الفدية عندهم إذا لبس شيئا منهما على حاله لقوله في حديث ابن عمر المتقدم " فليقطعهما " فيحمل المطلق على المقيد ويلحق النظير بالنظير . قال ابن قدامة الأولي قطعهما عملا بالحديث الصحيح وخروجا من الخلاف . قال في الفتح والأصح عند الشافعية والأكثر جواز لبس السروايل بغير فتق كقول أحمد واشترط الفتق محمد بن الحسن وامام الحرمين وطائفة . وعن أبي حنيفة منع السراويل للمحرم مطلقا ومثله عن مالك ( والحديثان ) المذكوران في الباب يردان عليهما ومن أجاز لبس السراويل على حاله قيده بأن لا يكون على حالة لو فتقه لكان أزارا لأنه في تلك الحال يكون واجا للازار كما قال الحافظ وقد أجاب الحنابلة على الحديث الذي أحتج به الجمهور على وجوب القطع باجوبة منها دعوى النسخ كما ذكر المصنف لأن حديث ابن عمر كان بالمدينة قبل الأحرام وحديث ابن عباس كان بعرفات كما حكى ذلك الدارقطني عن أبي بكر النيسابوري . وأجاب الشافعي في الأم عن هذا فقال كلاهما صادق حافظ وزيادة ابن عمر لا تخالف ابن عباس لاحتمال أن تكون عزبت عنه أو شكل فيها أو قالها فلم ينقلها عنه بعض رواته انتهى . وسلك بعضهم طريقة الترجيح بين الحديثين قال ابن الجوزي حديث ابن عمر اختلف في وقفه ورفعه وحديث ابن عباس لم يختلف في رفعه ورد بأنه لم يختلف على ابن عمر في رفع الأمر بالقطع إلى في رواية شاذة وعورض بأنه اختلف في حديث ابن عباس فرواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفا . قال الحافظ ولا يرتاب أحد من المحدثين إن حديث ابن عمر أصح من حديث ابن عباس لان حديث ابن عمر جاء بإسناد وصف بكونه أسح الأسانيد واتفق عليه عن ابن عمر غير واحد من الحفاظ منهم نافع وسالم بخلاف حديث ابن عباس فلم يأت مرفوعا لا من رواية جابر بن زيد عنه حتى قال الأصلي أنه شيخ مصري لا يعرف كذا قال وهو شيخ معروف موصوف بالفقه عند الأئمة . واستدل بعضهم بقياس الخف على السراويل في ترك القطع ورد بأنه مصادم للنص فهو فاسد الأعتبار واحتج بعضهم بقول عطاء ان القطع فساد والله لا يحب الفساد ورد بأن الفساد إنما يكون فيما نهى عنه الشارع لا فيما أذن فيه بل أوجبه . وقال ابن الجوزي يحمل الأمر بالقطع على الأباحة لا على الأشتراط عملا بالحديثين ولا يخفى أنه متكلف والحق أنه لا تعارض بين مطلق ومقيد لإمكان الجمع بينهما بحمل المطلق على المقيد والجمع ما أمكن هو الواجب فلا يصار إلى الترجيح ولو جاز المصير إلى الترجيح لإمكان ترجيح المطلق بأنه ثابت من حديث ابن عباس وجابر كما في الباب ورواية اثنين أرجح من رواية واحد