- حديث أنس الذي عزاه المصنف إلى أبي داود أخرجه أيضا النسائي وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح إلى أشعث بن عبد الملك الحمراني وهو ثقة . وحديث ابن عباس الذي رواه عنه سعيد بن جبير في إسناده خصيف بن عبد الرحمن الحراني وهو ضعيف ومحمد بن إسحاق ولكنه صرح بالتحديث . وقد أخرجه الحاكم من طريق أخر عن عطاء عن ابن عباس وأخرج أيضا ما أخرجه الخمسة من حديثه مختصرا . قوله " بيداؤكم " البيداء هذه فوق علمي على علمي ذي الحليفة لمن صعد من الوادي قاله أبو عبيد البكري وغيره وكان ابن عمر إذا قيل له الإحرام من البيداء أنكر ذلك وقال البيداء الذي تكذبون فيها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعني بقولكم أنه أهل منها وإنما أهل من مسجد ذي الحليفة وهو يشير إلى قول ابن عباس عند البخاري أنه صلى الله عليه وآله وسلم ركب راحلته حتى استوت على البيداء أهل . وإلى حديث أنس المذكور في الباب والتكذيب المذكور المراد به الأخبار عن الشيء على خلاف الواقع وإن لم يقع على وجه العمد : قوله " ادهن بدهن ليست له رائحة طيبة " فيه جواز الأدهان بالأدهان التي ليست لها رائحة طيبة وقد ثبت من حديث ابن عباس عند البخاري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ادهن ولم ينه عن الدهن . قال ابن المنذر أجمع العلماء على أن للمحرم أن يأكل الزيت والشحم والشيرج وان يستعمل ذلك في جميع بدنه رأسه ولحيته وأجمعوا على أن الطيب لا يجوز استعماله في بدنه وفرقوا بين الطيب والزيت في هذا فقياس كون المحرم ممنوعا من استعماله الطيب في رأسه أن يباح له استعمال الزيت في رأسه وقد تقدم الكلام في الطيب : قوله " على حبل البيداء " بالحاء المهملة هو الرمل المستطيل وهو المراد بقوله في الرواية الأخرى " على شرف البيداء " والشرف المكان العالي : قوله " فمن هناك اختلفوا " الخ هذا الحديث بزول به الأشكاك ويجمع بين الروايات المختلفة بما فيه فيكون شروعه صلى الله عليه وآله وسلم في الأهلال بعد الفراغ من صلاته بمسجد ذي الحليفة في مجلسه قبل أن يركب فنقل عنه من سمعه يهل هنالك أنه أهل بذلك المكان ثم أهل لما أستقلت به راحلته فظن من سمع أهلاله عند ذلك أنه شرع فيه في ذلك الوقت لأنه لم سمع أهلاله بالمسجد فقال إنما أهل حين استقلت به راحلته ثم روى كذلك من سمعه يهل على شرف البيداء . وهذا يدل على أن الأفضل لمن كان ميقاته ذا الحليفة أن يهل في مسجدها بعد فراغه من الصلاة ويكرر الأهلال عند ان يركب على راحلته وعندان يمر بشرف البيداء قال في الفتح وقد اتفق فقهاء الأمصار على جواز جميع ذلك وإنما الخلاف في الأفضل