- حديث ابن عباس في إسناده خصيف بن عبد الرحمن الحراني كنيته أبو عون . قال المنذري وقد ضعفه غير واحد وقال في التقريب صدوق سيء الحفظ خلط بآخره ورمى بالإرجاء ( وقد استدل ) المصنف بهذا الحديث على أنه يشرع للمحرم الاغتسال عند ابتداء الإحرام وهو محتمل لإمكان أن يكون الغسل لأجل قذر الحيض ولكن في الباب أحاديث تدل على مشروعية الغسل للإحرام وقد تقدمت في أبواب الغسل فليرجع إليها : " قوله عند إحرامه " أي في وقت إحرامه وللنسائي حين أراد أن يحرم . وفي البخاري لإحرامه ولحله " قوله وبيض " بالموحدة المكسورة وبعدها تحتية ساكنة وآخر صاد مهملة وهو البريق . وقال الإسماعيلي أن الوبيص زيادة على البريق وأن المراد به التلألؤ وأنه يدل على وجود عين قائمة لا الريح ( واستدل بالحديث ) على استحباب التطييب عند إرادة الإحرام ولو بقيت رائحته عند الإحرام وعلى أنه لا يضر بقاء رائحته ولونه وإنما المحرم ابتداؤه بعد الإحرام قال في الفتح وهو قول الجمهور وذهب ابن عمر ومالك ومحمد بن الحسن والزهري وبعض أصحاب الشافعي ومن أهل البيت الهادي والقاسم والناصر والمؤيد بالله وأبو طالب إلى أنه لا يجوز التطييب عند الإحرام واختلفوا هل هو محرم أو مكروه وهل تلزم الفدية أولا واستدلوا على عدم الجواز بأدلة منها ما وقع عند البخاري وغيره بلفظ " ثم طاف على نسائه ثم أصبح محرما " والطواف الجماع ومن لازمه الغسل بعده فهذا يدل على أنه صلى الله عليه وآله وسلم اغتسل بعد أن تطيب . وأجيب عن هذا بما في البخاري أيضا بلفظ " ثم أصبح محرما ينضح طيبا " وهو ظاهر في أن نضح الطيب وظهور رائحته كان في حال إحرامه ودعوى بعضهم أن فيه تقديما وتأخيرا أو التقدير طاف على نسائه ينضح طيبا ثم أصبح محرما خلاف الظاهر ويرده قول عائشة المذكور ثم ارى وبيص الدهن في رأسه ولحيته بعد ذلك . وفي رواية لها ثم أراه في رأسه ولحيته بعد ذلك . وفي رواية للنسائي وابن حبان " رأيت الطيب في مفرقه بعد ثلاث وهو محرم " وفي رواية متفق عليها " كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أيام " ولمسلم " وبيص المسك " وسيأتي ذلك في باب منع المحرم من ابتداء الطيب ومن أدلتهمم نهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن الثوب الذي مسه الورس والزعفران كما سيأتي في أبواب ما يتجنبه المحرم وأجيب بأن تحريم الطيب على من قد صار محرما مجمع عليه والنزاع إنما هو في التطيب عند إرادة الأحرام واستمرار أثره لا غبتدائهز ومنها أمره صلى الله عليه وآله وسلم للأعرابي بنزع المنطقة وغسلها عن الخلوق وهو متفق عليه ويجاب عنه بمثل الجواب عن الذي قبله ولا يخفي ان غاية هذين الحديثين تحريم لبس ما مسه الطيب . ومحل النزاع تطييب البدنولكنه سيأتي في باب ما يصنع من أحرم في قميص أمره صلى الله عليه وآله وسلم لمن سأله بأنه يغسل الخلوق عن بدنه وسيأتي الجواب عنه .
وقد أجاب عن حديث الباب المهلب وأبو الحسن القصار وابو الفرج من المالكية بأن ذلك من خصائصه ويرده ما أخرجه أبو داود وابن أبي شيبة عن عائشة قالت " كنا ننضح وجوهنا بالسك المطيب قبل أن نحرم ثم نحرم فنعرق ويسيل على وجوهنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا ينهانا " وهو صريح في بقاء عين الطيب وفي عدم اختصاصه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم . وسيأتي الحديث في باب منع المحرم من ابتداء الطيب . قال في الفتح ولا يقال أن ذلك خاصا بالنساء لأنهم أجمعوا أن النساء والرجال سواء في تحريم استعمال الطيب إذا كانوا محرمين وقال بعضهم كان ذلك طيبا لا رائحة له لما وقع في رواية عن عائشة " بطيب لا يشبه طيبكم " قال بعض رواته يعني لا بقاء له أخرجه النسائي . ويرده ما تقدم في الذي قبله وأيضا المراد بقولها لا يشبه طيبكم أي أطيب منه كما يدل على ذلك ما عند مسلم عنها بلفظ " بطيب فيه مسك " وفي أخرى له عنها " كأني أنظر إلى وبيص المسك " وأوضح من ذلك قولها في حديث الباب بأطيب ما نجد ولهم جوابات أخرى غير ناهضة فتركها أولى . والحق أن المحرم من الطيب على المحرم هو ما تطيب به ابتداء بعد إحرامه لا ما فعله عند إرادة الإحرام وبقي أثره لونا وريحا ولا يصح أن يقال لا يجوز استدامة الطيب قياسا على عدم جواز استدامة اللباس لأن استدامة اللبس لبس يخلاف استدامة الطيب فليست بطيب سلمنا استواءهما فهذا قياس في مقابلة النص وهو فاسد الاعتبار