- الحديث الأول تمامه ثم قال " ذروني ما تركتكم " وفي لفظ " ولو وجبت ما قمتم بها " والحدي الثاني أخرجه أيضا أبو داود وابن ماجه والبيهقي والحاكم وقال صحيح على شرطهما ( وفي الباب ) عن أنس عند ابن ماجه قال " قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتب عليكم الحج فقيل يا رسول الله في كل عام فقال لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت لم تقوموا بها ولو لم تقوموا بها عذبتم " قال الحافظ ورجاله ثقات . وعن علي عليه السلام عند الترمذي والحاكم وسنده منقطع . قوله " باب وجوب الحج والعمرة " الحج بفتح الحاء هو المصدر وبالفتح والكسر هو الاسم منه وأصله القصد ويطلق على العمل أيضا وعلى الأنيان مرة بعد أخرى وأصل العمرة الزيادة وقال الخليل الحج كثرة لقصد إلى معظم ووجوب الحج معلوم بالضرورة الدينية ( وأختلف ) في العمرة فقيل واجبة . وقيل مستحبة وللشافعي قولان أصحهما وجوبها وسيأتي تفصيل ذلك قريبا ( والأحاديث ) المذكورة في الباب تدل على أن الحج لا يجب إلى مرة واحدة وهو مجمع عليه كما قال النووي والحافظ وغيرهما وكذلك العمرة عند من قال بوجوبها لا تجب إلى مرة إلى أن ينذر بالحج أو العمرة وجب الوفاء بالنذر بشرطه . وقد اختلف هل الحج على الفور أو التراخي وسيأتي تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى . واختلف أيضا في وقت ابتداء افتراض الحج فقيل قبل الهجرة قال في الفتح وهو شاذ وقيل بعدها ثم أختلف في سنته فالجمهور على أنها سنة ست لانه نزل فيها قوله تعالى { وأتموا الحج والعمرة لله } قال في الفتح وهذا ينبني على أن المراد بالأتمام ابتداء الفرض ويؤيده قراءة قلقمة ومسروق وإبراهيم النخعي بلفظ ( وأقيموا ) أخرجه الطبراني بأسانيد صحيحة عنهم . وقيل المارد بالأتمام الإكمال بعد الشروع وهذا يقتضي تقدم فرضه قبل ذلك . وقد وقع في قصة ضمام ذكر الأمر بالحج وكان قدومه على ما ذكر الواقدي سنة خمس . وهذا يدل أن ثبت على تقدمه على سنة خمس أو وقوعه فيها وقيل سنة تسع حكاه النووي في الروضة والماوردي في الأحكام السلطانية ورجح صاحب الهدى أن افتراض الحج كان في سنة تسع أو عشر واستدل على ذلك بأدلة فلتؤخذ منه : قوله " لوقلتها لوجبت " استدل به على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مفوض في شرع الأحكام . وفي ذلك خلاف مبسوط في الأصول